كتاب : الأذكياء المؤلف : ابن الجوزي وقال بعضهم خرجت في الليل لحاجة فإذا أعمى على عاتقه جرة وفي يده سراج فلم يزل يمشي حتى أتى النهر وملأ جرته وانصرف راجعاً فقلت يا هذا أنت أعمى والليل والنهار عندك سواء فقال يا فضولي حملتها معي لأعمى القلب مثلك يستضيء بها فلا يعثر بي في الظلمة فيقع علي فيكسر جرتي. روى أبو الحسن الأصفهاني أن إبراهيم الموصلي دخل على الرشيد وبين يديه جارية كأنها خوط بان فقال لها الرشيد غني فغنت: توهمه قلبي فأصبح خده ... وفيه مكان الوهم من نظري أثر ومر بوهمي خاطراً فجرحته ... ولم أر جسماً قط يجرحه الفكر قال إبراهيم فذهبت والله بعقلي حتى كدت أفتضح فقلت من هذه يا أمير المؤمنين قال هذه التي يقول فيها الشاعر: لها قلبي الغداة وقلبها لي ... فنحن كذاك في جسدين وروح ثم قال غني يا إبراهيم فغنيت: تشرب قلبي حبها ومشى بها ... تمشي حميا الكأس في جسم شارب ودب هواها في عظامي فشفها ... كما دب في الملسوع سم العقارب قال ففطن بتعريضي وكانت غلطة مني فأمرني بالانصراف ولم يدعني شهراً ثم دس إلي خادماً ومعه رقعة فيها مكتوب: قد تخوفت أن أموت من الوجد ... ولم يدر من هويت بحالي يا كتابي اقرأ السلام على من ... لا أسمى وقل له يا كتابي إن كفا إليك قد كتبتني ... في شقاء مواصل وعذاب فأتاني الخادم بالرقعة فقلت له ما هذا قال رقعة من فلانة الجارية التي غنتك بين يدي أمير المؤمنين فأحسست بالقصة فشمت الخادم وقمت إليه فضربته ضرباً شفيت منه نفسي وركبت إلى الرشيد من فوري فأخبرته بالقصة وأعطيته الرقعة فضحك حتى كاد أن يستلقي وقال علي عمد فعلت ذاك لامتحنك وأعرف مذهبك وطريقتك ثم دعا لي الخادم فخرج فلما رآني قال قطع الله يديك ورجليك ويلك قتلتني فقلت القتل بعض حفك لما وردت به علي ولكني أبقيت عليك وأخبرت أمير المؤمنين ليأتي في عقوبتك ما تستحقه فأمر لي الرشيد بصلة سنية والله يعلم أني ما فعلت ما فعلته عفافاً بل خوفاً. وقعت على ابن المهلب حية فلم يدفعها عن نفسه فقال له أبوه يا بني ضيعت العقل من حيث حفظت الشجاعة. الباب الرابع والعشرون في ذكر طرف من أحوال الشعراء والمداحين قال يموت بن المزرع جلس الجماز يأكل على مائدة بين يدي جعفر بن القاسم وجعفر يأكل على مائدة أخرى وكانت الصفحة ترفع من بين يدي جعفر فتوضع بين يدي الجماز فربما كان عليها قليل وربما لم يكن شيء فقال الجماز أصلح الله الأمير ما نحن اليوم إلا عصبة فربما فضل لنا بعض المال وربما أخذه أهل السهام ولا يبقى لنا شيء. قال أبو الحسن السلامي الشاعر مدح الخالديان سيف الدولة بن حمدان بقصيدة أولها: تصدو دارها صدد ... وتوعده ولا تعد وقد قتلته ظالمة ... فلا عقل ولا أقود وقالا فيها في مدحه فوجه كله قمر ... وسائر جسمه أسد فلما أنشده إياها عجب بها سيف الدولة واستحسن هذا البيت منها وجعل يردد إنشاده فدخل عليه الشيميطي الشاعر فقال له اسمع هذا البيت وأنشده إياه فقال له الشيميطي أحمد ربك فقد جعلك من عجائب البحر. قال المصنف الخالديان رجلان وهما أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم كانا أخوين واتفقا في حسين الطبع ورقة الشعر وكثرة الأدب وكانا يشتركان في الشعر وينفردان فقال فيهما أبو اسحق الصابي: أرى الشاعرين الخالدين سيرا ... قصائد يفنى الدهر وهي تخلد تنازع قوم فيهما وتناقضوا ... ومر جدال بينهم يتردد فطائفة قالت سعيد مقدم ... وطائفة قالت لهم بل محمد وصاروا إلى حكمي فأصلحت بينهم ... وما قلت إلا بأنني هي أرشد هما في اجتماع الفضل روح مؤلف ... ومعناها من حيث ثنيت مفرد خرج طاهر بن الحسن لقتال عيسى بن هامان فخرج وفي كمه دراهم يفرقها على الفقراء ثم سها وأسبل كمه فتبددت فتطير فقال له شاعر في ذلك: هذا تفرق جمعهم لا غيره ... وذهابه منا ذهاب الهم شيء يكون الهم نصف حروفه ... لا خير في إمساكه في الكم أحضر عبد الملك رجلاً يرى رأى الخوارج فأمر بقتله فقال الست القائل: ومنا سويد والبطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب فقال إنما قلت ومنا أمير المؤمنين أردت يا أمير المؤمنين فحقن دمه ودرأ عن نفسه إذ صرف الأعراب عن الخبر إلى الخطاب. هجا بعض الشعراء أبا عثمان المازني فقال: وفتى من مازن ساد أهل البصرة ... أمه معرفة وأبوه نكرة ودخل عبد الملك بن صالح دار الرشيد فلقيه إسماعيل بن صبيح الحاجب فقال اعلم أنه ولد لأمير المؤمنين ابنان فعاش أحدهما ومات الآخر فيجب أن تخاطبه بحسب ما عرفتك فلما صار بين يديه قال سرك الله يا أمير المؤمنين فيما ساءك ولا ساءك فيما سرك وجعلها واحدة بواحدة تستوجب من الله زيادة الشاكرين وجزاء الصابرين. قال دخل جعفر الضبي على الفضل بن سهل فقال أيها الأمير أسكتني عن أوصافك تساوى أفعالك في السؤدد وحيرني فيها كثرة عددها فليس إلى ذكر جميعها سبيل فإن أردت وصف واحدة اعترضت أختها فلم تكن الأولى أحق بالذكر فلست أصفها إلا بإظهار العجز عن وصفها. قال دخل أبو دلامة على المنصور فأنشده قصيدة فقال يا أبا دلامة إن أمير المؤمنين قد أمر لك بكذا وكذا من صله وكساك وجملك وأقطعك أربعمائة جريب مائتان عامر ومائتان غامر فقال أما ما ذكر أمير المؤمنين من الصلة فقد عرفته وعرفت العامر فما العامر قال الذي لا نبات فيه ولا شجر فقد أقطعت أمير المؤمنين أربعة آلاف جريب غامر قال ويحك أين قال ليما بين الحيرة والكوفة فضحك منه وسوغها إياه عامرة. قال المدايني دخل نصيب على عبد الملك بن مروان فتغدي معه ثم قال له هل لك فيما يتنادم عليه فقال لوني حائل وشعري مفلفل وخلقي مشوه ولم أبلغ ما بلغت من إكرامك إياي بشرف أب ولا أم وإنما بلغته بعقلي ولساني فأنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تحول بيني وبين ما بلغت به هذه المنزلة فأعفاه. قال المدايني جلس نساء ظراف إلى بشار بن برد فتحدث وتحدثن ثم قلنا له لوددنا أنك أبونا قال على أني على دين كسرى. قال خالد الكاتب ارتج علي وعلى دعبل وواحد من الشعراء قد سماه ولم أحفظ اسمه نصف بيت قلنا جميعاً يا بديع الحسن ثم قلنا ليس لنا إلا جعيفران الموسوس فجئناه فقال ما تبغوني فقال خالد جئناك في حاجة فقال لا تؤذوني فإني جائع فبعثنا فاشترينا له طعاماً فلما شبع قال حاجتكم قلنا اختلفنا في نصف بيت فقال ما هو يا بديع الحسن فما تلعثم والله إن قال: يا بديع الحسن حاشا ... لك من هجر بديع فقال له دعبل زدني بيتاً فقال: وبحسن الوجه عوذ ... تك من سوء الصنيع فقال له الذي معنا ولي بيت فقال نعم وعزازة وكرامة. ومن النخوة يستعفيك ... لي ذل الخضوع فقلت استودعك الله فقال انتظروا أزدكم بيتاً آخر فقال: لا يعب بعضك بعضاً ... كن جميلاً في الجميع ومن الفطنة الكلام الموجه الذي يحتمل المدح والذم ومنه قول المتنبي: عدوك مذموم بكل لسان فإنه يحتمل المدح ويحتمل الذم ووجه الذم أن يكون المذكور دنيا ولا يعادي الدني إلا مثله وكذلك قوله. والله سر في علاك يحتمل المدح أي سر لا يطلع عليه في تقديم مثلك قال شاعر فأراد أن يكثر عليه فقال لأهل البلد: وتشابهت سور القرآن عليكمو ... فقرنتم الأنعام بالشعراء ومدح رجل رجلاً يقال له: يسير فقال في مدحه ... وفضل يسير في البلاد يسير فقيل له أنك قد مدحته وأنه لا يعطيك شيئاً فقال إن لم يعطني شيئاً قلت بيدي هكذا وضم أصابعه يعني أنه قليل. وبلغني من هذا الجنس قول رجل في رجل: تحلى بأسماء الشهور فكفه ... جمادى وما ضمت عليه المحرم وقال شاعر آخر وقائل لي ما الذي تشتهي ... من التي قد ضمها خدرها أوجهها حين بدا مقبلا ... أم شعرها الأسود أم ثغرها أم طرفها الأدعج أم كشحها ... أم منبت الرمان أم صدرها قلت له أعشق ذا كله ... ونصف حران وثلثي زها سئل جحظة عن دعوة حضرها فقال كل شيء كان منها بارد إلا الماء. وقدمت إلى أبي يعقوب الخزيمي سكباجه كبيرة العظام فقال هذه شطرنجية واتبعت بفالوذجة قليلة الحلاوة فقيل قد علمت هذه قبل أن يوحي ربك إلى النحل. قال شاعر لشاعر أنا أقول البيت وخاه وأنت تقول البيت وابن عمه. قال دخل بعض شعراء الهند على أمير فمدحه فقال له الأمير تقدم يا زوج القحبة فقال ما زوج القحبة فقال هذه بلغة العرب كناية عمن له قدر جليل ومحل كبير ومال ودواب وغلمان ومنزلة قال فأنت والله أيها الأمير أكبر زوجة قحبة في الدنيا فخجل وعلم أن مزاجه جر عليه شتمه. دخل بعض الأدباء على المأمون يسأله حاجة فلم يقضها فقال يا أمير المؤمنين إن لي شكر قال ومن يحتاج إلى شكرك فأنشأ يقول: فلو كان يستغني عن الشكر مالك ... لكثرة مال أو علو مكان لما ندب الله العباد لشكره ... وقال اشكروني أيها الثقلان فقال أحسنت وقضى حاجته. قال ابن الهبارية: قد قلت للشيخ الرئيس ... أخي السماح أبي المظفر ذكر معين الملك بي ... قال المؤنث لا يذكر روى أبو جعفر محمد بن موسى الموسوي قال دخلت على أبي نصر بن أبي زيد وعنده علوي مبرم فتأذى بطول جلوسه وكثرة كلامه فلما نهض قال لي أبو نصر بن عمك هذا خفيف على القلب فقلت نعم فقال ما أظنك فهمت ففكرت فعلمت أنه أراد خفيفاً مقلوباً وهو الثقيل وهذا المعنى الذي أراده أبو سعيد بن دوست: وأثقل مني زائري وكأنما ... يقلب في أجفان عيني وفي قلبي فقلت له لما برمت بقربه ... أراك على قلبي خفيفاً على القلب وصف لشاعر طيب خراسان فلما سافر إليها لم تعجبه فقال: تمينا خراسانا زمانا ... فلن نعط المنى والصبر عنها فلما أن أتيناها سراعاً ... وجدناها بحذف النصف منها حدثنا زياد بن جبير رضي الله عنه قال أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل من المشركين يقال له الهرمزان فأسلم فقال فإني مستشيرك في مغازي هذه فأشر علي فقال نعم يا أمير المؤمنين الأرض مثلها ومثل من فيها من الناس من عدو المسلمين مثل طائر له رأس وجناحان وله رجلان فإن انكسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح وبالرأس وإن انكسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس فإن انشدح الرأس ذهبت الرجلان والجناحان فالرأس كسرى والجناح قيصر والجناح الآخر فارس فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى. وقد روينا أن الإسكندر رأى في عسكره سمياً له لا يزال ينهزم فقال له أما أن تغير اسمك أو فعلك. وخرج يوماً في الحرب من صف أصحابه وأمر منادياً فنادى يا معشر الفرس قد علمتم ما كتبنا لكم من الأمانات فمن كان على الوفاء فليعتزل عن العسكر وله منا الوفاء بما ضمناه فاتهمت الفرس بعضها بعضاً وكان أول اضطراب حدث فيهم. وفي رواية أنه لما صاف 3 دارا أمر منادياً في عسكر دارا أيها الناس أما نحن فقد فعلنا ما اتفقنا عليه فكونوا من وراء ما ضمنتم فاستشعر دارا أن عسكره قد عزموا على تسليمه إلى الإسكندر وكان ذلك بسبب هزيمته. والما شخص عن فارس إلى الهند تلقاه ملكها في جمع عظيم ومعه ألف فيل عليها السلاح والرجال وفي خراطيمها السيوف والأغمدة فلم تقف لها دواب الإسكندر فهزم وعاد إلى مأمنه فأمر باتخاذ فيلة من نحاس مجوفة وربط خيله بين تلك التماثيل حتى ألفتها ثم أمر فملئت نفطاً وكبريتاً وألبسها الدروع وجرت على العجل إلى المعركة وبين تمثالين منها جماعة من أصحابه فلما نشبت الحرب أمر بإشعال النار في جوف التماثيل فلما حميت انكشف أصحابه عنها وغشيتها الفيلة فضربتها بخراطيمها فتشيطت وولت مدبرة راجعة على أصحابها وصارت الدائرة على ملك الهند. قال ونزل مرة على مدينة حصينة فتحصن أهلها منه فأخبر أن عندهم من الميرة قدر كفايتهم فدس تجاراً متنكرين وأمرهم بدخول المدينة ورحل عنها وأمدهم بمال ومتاع فباعوا ما معهم وابتاعوا الميرة فلما اكنزوا كتب أن أحرقوا ما عندكم من الميرة واهربوا ففعلوا، فزحف إلى المدينة فحاصرها أياماً يسيرة فأخذها وكان إذا أراد محاصرة بلد شرد من حولها من القرى فهربوا إليها فيسرعون في أكل الميرة فتقل فيحاصرهم فيفتحها. وحكى عن كسرى بن هرمز أنه كان بعث الأصهد إلى الروم في جيش عظيم فأعطى من الظفر ما لم يعطه أحد قبله وأخذ الأصهد خزائن الروم ووجهها على هيئتها إلى كسرى ففطن كسرى أن مال الأصهد من الظفر وأن هذا يغيره عليه ويوجب له كبرا فبعث إليه رجلاً ليقتله وكان المبعوث عاقلاً فلما رأى الأصهد وتدبيره وعقله قال له ما يصلح قتل هذا بغير جرم ثم أخبره بالذي جاء له فأرسل الأصهد إلى قيصر أني أريد أن ألقاك قال إذ شئت فتلتقيا فقال لهم إن هذا الخبيث قد هم بقتلي ووجه إلي رجلاً بذلك وإني أريد هلاكه كالذي أراد مني والبادي أظلم فاجعل لي من نفسك ما اطمئن إليه وأعطيك من بيوت أمواله مثل الذي أصبت منك ومثل الذي أنت منفقه في مسيرك هذا فأعطاه من المواثيق ما اطمأن إليه وسار قيصر في أربعين ألفاً فنزل بكسرى فعلم كسرى كيف جرى الأمر فاحتال لفض جنود قيصر فدعا متنصر في دينه فقال إني كاتب معك كتاباً لطيفاً في حريرة لتبلغه الأصهد فلا تطلعن على ذلك أحداً وأعطاه ألف دينار وقد علم كسرى أن القس يوصل كتابه إلى قيصر لأنه تحته هلاك الروم وكان في الكتاب إلى الأصهد أني كتبت إليك وقد دنا مني قيصر فقد أحسن الله إلينا وأمكن منهم بتدبيرك لا عدمت صواب الرأي وقد فرقت عليهم وأنا ممهله حتى يقرب من المدائن ثم أغافله في يوم كذا فعره على من قتلك إياي فإني استأصلهم فخرج القس بالكتاب فأوصله إلى قيصر فقال قيصر هذا الحق وما أراد إلا هلاكنا فتولى منصرفاً واتبعه كسرى إياس بن قبيصة الطائي فقتل أصحابه ونجا قيصر في شرذمة قليلة. قال هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال كان جذيمة بن مالك ملكاً على الحيرة وما حولها من السواد ملك ستين سنة وكان به وضح وكان شديد السلطان يخافه القريب ويهابه البعيد فنهيت العرب أن يقولوا الأبرص فقالوا الأبرش فغزا مليح بن البرء وكان ملكاً على الحضر وهو الحاجز بين الروم والفرس وهو الذي ذكره عدي بن زيد في قصيدة منها هذا البيت: وأخو الحضر إذ بناه وإذ ... دجلة تجبى إليه والخابور فقتله جذيمة وطرد الزباء إلى الشام فلحقت بالروم وكانت عربية اللسان حسنة البيان شديدة السلطان كبيرة الهمة قال ابن الكلبي لم يكن في نساء عصرها أجمل منها وكان اسمها فارغة وكان لها شعر إذا مشت سحبته وراءها وإذا نشرته جللها فسميت الزباء قال الكلبي وبعث عيسى بن مريم عليه السلام بعد قتل أبيها فبلغت بها همتها أن جمعت الرجال وبذلت الأموال وعادت إلى ديار أبيها وملكتها فأزالت جذيمة الأبرش عنها وابتنت على الفرات مدينتين متقابلتين من شرقي الفرات ومن غربيه وجعلت بينهما نفقاً تحت الفرات وكان إذا راهقها الأعداء آوت إليه وتحصنت به وكانت قد اعتزلت الرجال فهي عذراء وكان بينها وبين جذيمة بعد الحرب مهادنة فحدث جذيمة نفسه بخطبتها فجمع خاصته فشاورهم في ذلك وكان له عبد يقال له قصير بن سعد وكان عاقلاً لبيباً وكان خازنه وصاحب أمره وعميد دولته فسكت القوم وتكلم قصير فقال أبيت اللعن أيها الملك أن الزباء امرأة قد حرمت الرجال فهي عذراء لا ترغب في مال ولا جمال ولها عندك ثار والدم لا ينام وإنما هي تاركتك رهبة وحذار دولة، الحقد دفين في سويداء القلب له كمون ككمون النار في الحجران اقتدحته أورى وإن تركته توارى وللملك في بنات الملوك الأكفاء متسع ولهن فيه منتفع وقد رفع الله قدرك عن الطمع فيمن دونك وعظم شأنك فما أحد فوقك فقال جذيمة يا قصير الرأي ما رأيت والحزم فيما قلته ولكن النفس تواقة إلى ما تحب وتهوى ولكا امرئ قدر لا مر له منه ولا وزر فوجه إليها خاطباً وقال ائت الزباء فاذكر لها ما يرغبها فيه وتصبو إليه فجاءتها خطبته فلما سمعت كلامه وعرفت مراده قالت له انعم بك عيناً وبما جئت به وله وأظهرت له السرور به والرغبة فيه وأكرمت مقدمة ورفعت موضعه، وقالت قد كنت أضربت عن هذا الأمر خوفاً أن لا أجد كفؤاً والملك فوق قدري وأنا دون قدره وقد أجبت إلى ما سأل ورغبت فيما قال، ولولا أن السعي في مثل هذا الأمر بالرجال أجمل لسرت إليه ونزلت عليه وأهدت إليه هدية سنية ساقت العبيد والإماء والكراع والسلاح والأموال والإبل والغنم وحملت من الثياب والعين والورق فلما رجع إليه خطيبه أعجبه ما سمع من الجواب وأبهجه ما رأى من اللطف وظن أن ذلك لحصول رغبة فأعجبته نفسه وسار من فوره فيمن يثق به من خاصته وأهل مملكته وفيهم قصير خازنه واستحلف على مملكته ابن أخته عمرو بن عدي اللخمي وهو أول ملوك الحيرة من لخم وكان ملكه عشرين ومائة سنة وهو الذي اختطفته الجن وهو صبي وردته وقد شب ونبر فقالت أمه ألبسوه الطوق فقال خاله جذيمة شب عمرو عن الطوق فصارت مثلاً فاستخلفه وسار إلى الزباء فلما صار ببقة نزل وتصيد وأكل وشرب واستعاد المشورة والرأي من أصحابه فسكت القوم وافتتح الكلام قصير بن سعد قال أيها الملك كل عزم لا يؤيد بحزم قال لي أف ما يكون كونه فلا تثق بزخرف قول لا حصول له. ولا تعتقد الرأي بالهوى فيفسد ولا الحزم بالمنى فيبعد والرأي عندي للملك أن يعتقب أمره بالتثبت ويأخذ حذره بالتيقظ ولولا أن الأمور تجري بالمقدور لعزمت على الملك عزماً بتا أن لا يفعل فأقبل جذيمة على الجماعة فقال ما عندكم أنتم في هذا الأمر، فتكلموا بحسب ما عرفوا من رغبته في ذلك وصوبوا رأيه وقووا عزمه. فقال جذيمة الرأي للجماعة والصواب ما رأيتم. فقال قصير أرى القدر يسابق الحذر ولا يطاع لقصير أمر فأرسلها مثلاً. وسار جذيمة فلما قرب من ديار الزباء نزل وأرسل إليها يعلمها بمجيئه فرحبت وقربت وأظهرت السرور به والرغبة فيه وأمرت أن يحمل إليه الإنزال والعلوفات وقالت لجندها وخاصة أهل مملكتها وعامة أهل دولتها ورعيتها تلقوا سيدكم وملك دولتكم. وعاد الرسول إليه بالجواب بما رأى وسمع فلما أراد جذيمة أن يسير دعا قصيراً فقال أنت على رأيك قال نعم قد زادت بصيرتي فيه أفأنت على عزمك، قال نعم وقد زادت رغبتي فيه. فال قصير ليس للأمور بصاحب، من لم ينظر في العواقب وقد يستدرك الأمر قبل فواته وفي يد الملك بغية هو بها مسلط على استدراك الصواب فإن وثقت بأنك ذو ملك وعشيرة ومكان فإنك قد نزعت يدك من سلطانك وفارقت عشيرتك ومكانك وألقيتها في يدي من لست آمن عليك مكره وغدره فإن كنت ولا بد فاعلاً لهواك تابعاً فإن القوم أن تلقوك غداً فرقاً وساروا أمامك وجاء قوم وذهب قوم فالأمر بعده في يدك والرأي فيه إليك وأن تلقوك رزدقاً واحداً وأقاموا لك صفين حتى إذا توسطتهم انقضوا عليك من كل جانب فأحدقوا بك فقد ملكوك وصرت في قبضتهم وهذه العصا لا يشق غبارها، وكانت لجذيمة فرس تسبق الطير وتجاري الرايح يقال لها العصا فإذا كان كذلك فتملك ظهرها فهي ناحية بك أن ملكت ناصيتها، فسمع جذيمة ولم يرد جواباً وسار وكانت الزباء لما رجع رسول جذيمة من عندها قالت لجندها إذا أقبل جذيمة غداً فتلقوه بأجمعكم وقوموا له صفين عن يمينه وشماله فإذا توسط جمعكم فتعرضوا عليه من كل جانب حتى تحدقوا به وإياكم أن يفوتكم وسار جذيمة وقصير عن يمينه فلما لقيه القوم رزدقاً واحداً أقاموا له صفين فلما توسطهم انقضوا عليه من كل جانب انقضاض الأحدل على فريسته فأحدقوا به وعلم أنهم قد ملكوه. وكان قصير يسايره فأقبل عليه وقال صدقت يا قصير فقال قصير أيها الملك أبطأت بالجواب حتى فات الصواب. فأرسله مثلاً فقال كيف الرأي الآن قال هذه العصا فدونكنها لعلك تنجو بها فأنف جذيمة من ذلك وسارت به الجيوش. فلما رأى قصير أن جذيمة قد استسلم للأسر وأيقن بالقتل جمع نفسه فصار على ظهر العصا وأعطاها عنانها وزجرها فذهبت تهوي به هوى الريح فنظر إليه جذيمة وهي تطاول به وأشرفت الزباء من قصرها فقالت ما أحسنك من عروس تجلي عليّ وتزف إليّ حتى دخلوا به إلى الزباء ولم يكن معها في قصرها إلا جوار أبكار أتراب. وكانت جالسة على سريرها وحولها ألف وصيفة كل واحدة لا تشبه صاحبتها في خلق ولا زي وهي بينهن كأنها قمر قد حفت به النجوم تزهو فأمرت بالإنطاع فبسطت، وقالت لوصائفها خذوا بيد سيدكن وبعل مولاتكن فأخذن بيده فأجلسته على الالطلاع بحيث يراها وتراه وتسمع كلامه ويسمع كلامها، ثم أمرت الجواري فقطعن رواهشه ووضعت الطشت تحت يده فجعلت تشخب في الطشت فقطرت قطرة على النطع فقالت لجواريها ألا تضيعوا دم الملك فقال جذيمة لا يحزنك دم أراقه أهله، فلما مات قالت والله ما وهى دمك ولا شفى قتلك ولكنه غيض من فيض ثم أمرت به فدفن وكان جذيمة قد استخلف على مملكته ابن أخته عمرو بن عدي وكان يخرج كل يوم إلى ظهر الحيرة يطلب الخبر ويقتفي الأثر عن خاله فخرج ذات يوم فنظر إلى فارس قد أقبل يهوي به فرسه هوى الريح فقال أما الفرس ففرس جذيمة وأما الراكب فكالهيمة لأمر ما جاءت العصا فأشرف عليهم قصير فقالوا ما وراءك قال سعى المقدر بالملك إلى حتفه على الرغم من انفي وأنفه فاطلب بثأرك من الزباء فقال عمرو وأي ثأر يطلب من الزباء وهي أمنع من عقاب الجو فقال قصير قد علمت نصحي كان لخالك وكان الأجل رائده والله لا أنا عن الطلب بدمه ما لاح نجم وطلعت شمس أو أدرك يه ثأراً أو تخترم نفسي فاعذر، ثم إنه عمد إلى أنفه فجدعه ثم لحق بالزباء على صورة كأنه هارب من عمرو بن عدي فيل لها هذا قصير بن سعد عم جذيمة وخازنه وصاحب أمره قد جاءك فأذنت له فقالت ما الذي جاءك إلينا يا قصير وبيننا وبينك دم عظيم الخطر فقال يا ابنة الملوك العظام لقد أتيت فيما يؤتي مثلك في مثله ولقد كان دم الملك يطلبه حتى أدركه وقد جئتك مستجيراً بك من عمرو بن عدي فإنه اتهمني بخاله وبمشورتي عليه بالمسير إليك فجدع أنفي وأخذ مالي وحال بيني وبين عيالي وتهددني بالقتل وإني خشيت على نفسي فهربت منه إليك، أنا مستجير بك ومستند إلى كهف عزك فقالت أهلاً وسهلاً، لك حق الجوار وذمة المستجير وأمرت به فأنزل وأجرت له الإنزال ووصلته وكسته وأخدمته وزادت في إكرامه وأقام مدة لا يكلمها ولا تكلمه وهو يطلب الحيلة عليها وموضع الفرصة منها وكانت ممتنعة بقصر مشيد على باب النفق تعتصم به فلا يقدر أحد عليها فقال لها قصير يوماً إن لي بالعراق مالاً كثيراً وذخائر نفيسة مما يصلح للملوك وإن أذنت لي في الخروج إلى العراق وأعطيتني شيئاً أتعلل به في التجارة وأجعله سبباً للوصول إلى مالي أتيتك بما قدرت عليه من ذلك، فأذنت له وأعطته مالاً فقدم العراق وبلاد كسرى فأطرفها من طرائفه وزادها مالاً إلى مالها كثيراً وقدم عليها فأعجبها ذلك وسرها وترتب له عندها منزلة وعاد إلى العراق ثانية فقدم بأكثر من ذلك طرفاً من الجواهر والبز والخز والديباج فازداد مكانه منها وازدادت منزلته عندها ورغبتها فيه، ولم يزل قصير يتلطف حتى عرف موضع النفق الذي تحت الفرات والطريق إليه ثم خرج ثالثة فقدم بأكثر من الأولتين ظرائف ولطائف فبلغ مكانه منها وموضعه عندها إلى أن كانت تستعين به في مهماتها وملماتها واسترسلت إليه وعولت في أمورها عليه وكان قصير رجلاً حسن العقل والوجه حصيناً لبيباً أديباً فقالت له يوماً أريد أغزو البلد الفلاني من أرض الشام فاخرج إلى العراق فاتني بكذا وكذا من السلاح والكراع والعبيد والثياب، فقال قصير ولي في بلاد عمرو بن عدي ألف بعير وخزانة من السلاح والكراع والعبيد والثياب وفيها كذا وكذا وما يعلم عمرو بها ولو علمها لأخذها واستعان بها على حربك وكنت أتربص به المنون وأنا أخرج متنكراً من حيث لا يعلم فآتيك بها مع الذي سألت فأعطته من المال ما أراد وقالت يا قصير الملك يحسن لمثلك وعلى يد مثلك يصلح أمره.ئف فبلغ مكانه منها وموضعه عندها إلى أن كانت تستعين به في مهماتها وملماتها واسترسلت إليه وعولت في أمورها عليه وكان قصير رجلاً حسن العقل والوجه حصيناً لبيباً أديباً فقالت له يوماً أريد أغزو البلد الفلاني من أرض الشام فاخرج إلى العراق فاتني بكذا وكذا من السلاح والكراع والعبيد والثياب، فقال قصير ولي في بلاد عمرو بن عدي ألف بعير وخزانة من السلاح والكراع والعبيد والثياب وفيها كذا وكذا وما يعلم عمرو بها ولو علمها لأخذها واستعان بها على حربك وكنت أتربص به المنون وأنا أخرج متنكراً من حيث لا يعلم فآتيك بها مع الذي سألت فأعطته من المال ما أراد وقالت يا قصير الملك يحسن لمثلك وعلى يد مثلك يصلح أمره. ولقد بلغني أن أمر جذيمة كان إيراده وإصداره إليكم وما تقصر يدك عن شيء تناله ولا يقعد بك حال ينهض بي وسمع بها رجل من خاصة قومها فقال أسد خادر وليث ثائر قد تحفز للوثبة ولما رأى قصير مكانه منها وتمكنه من قلبها قال الآن طاب المصاع وخرج من عندها فأتى عمر بن عدي فقال قد أصبت الفرصة من الزباء فانهض فعجل الوثبة، فقال له عمر وقل أسمع ومر أفعل فأنت طبيب هذه القرحة فقال الرجال والأموال قال حكمك فيما عندنا مسلط فعمد إلى ألفي رجل من فتيان قومه وصناديد أهل مملكته فحملهم على ألف بعير في الغرائز السود وألبسهم السلاح والسيوف والحجف وأنزلهم في الغرائز وجعل رؤوس المسوح من أسفالها مربوطة من داخل وكان عمرو فيهم وساق الخيل والعبيد والكراع والسلاح والإبل محملة فجاءها البشير فقال قد جاء قصير ولما قرب من المدينة حمل الرجال في الغرائز متسلحين بالسيوف والحجف وقال إذا توسطت الإبل مدينة فالإمارة بيننا كذا وكذا فاخترطوا الربط. فلما قربت العير من مدينة الزباء في قصرها فرأت الإبل تتهادى بأحمالها فارتابت بها وقد كان شيء بقصير إليها وحذرت منه فقالت للواشي به إليه أن قصيراً اليوم منا وهو ربيب هذه النعمة وصنيعة هذه الدولة وإنما يبعثكم على ذلك الحسد ليس فيكم مثله فقدح ما رأت من كثرة الإبل وعظم أحمالها في نفسها مع ما عندها من قول الواشي به إليها فقالت: ما للجمال مشيها وئيداً ... أجند لا يحملن أو حديدا أم صرفاناً بارداً شديداً ... أم الرجال في المسوح سودا ثم أقبلت على جواريها فقالت أرى الموت الأحمر في الغرائز السود فذهبت مثلاً حتى إذا توسطت الإبل المدينة وتكاملت ألقوا إليهم الإمارة فاخترطوا رؤوس الغرائز فسقط إلى الأرض ألفا ذراع بألفي باتر طالب ثأر القتيل غدراً وخرجت الزباء تمصع تريد النفق فسبقها إليه قصير فحال بينهما وبينه فلما رأت أن فد أحيط بها وملكت التقمت خاتماً في يدها تحت فصه سم ساعة وقالت بيدي لا بيدك يا عمرو فأدركها عمرو وقصير فضرباها بالسيف حتى هلكت وملكا مملكتها واحتويا على نعمتها وخط قصير على جذيمة قبراً وكتب على قبره هذه الأبيات يقول: ملك تمتع بالعساكر والقنا ... والمشرفية عزه ما يوصف فسعت منيته إلى أعدائه ... وهو المتوج والحسام المرهف وقد روينا أن ملكاً كان يقال له شمر ذو الجناح سار إلى سمر قند فحاصرها فلم يظفر منها بشيء فطاف حولها بالحرس فأخذ رجلاً من أهلها فاستمال قلبه وسأله عن المدينة فقال أما ملكها فأحمق الناس ليس له هم إلا الشراب والأكل والجماع ولكن له بنت هي التي تقضي أمر الناس فبعث منه هدية وقال أخبرها أني لم أجيء لالتماس المال فإن معي من المال أربعة آلاف تابوت ذهباً وفضة دافعها إليها وأمضى إلى الصين فإن كانت لي الأرض كانت امرأتي وإن هلكت كان المال لها فلما بلغتها رسالته قالت قد أجبته فليبعث بالمال فأرسل إليها أربعة آلاف تابوت في كل تابوت وجعل شمر العلامة بينه وبينهم أن يضرب بالجلجل فلما صاروا في المدينة ضرب بالجلجل فخرجوا فأخذوا الأبواب ونهض شمر في الناس فدخل المدينة فقتل أهلها وحوى ما فيها ثم سار إلى الصين. وقد كان كسرى من الذكاء على غاية فروينا عنه أنه تم غليه رجل بصديق له فكتب كسرى للنام قد اخترنا نصحك وذممنا صاحبك لسوء اختباره الإخوان. قال منجمو كسرى إنك تقتل فقال لأقتلن من يقتلني فأمر بسم فخلط في أدوية ثم كتب عليه دواء الجماع مجرب من أخذ منه وزن كذا جامع كذا وكذا مرة فلما قتله ابنه شيرويه وفتش خزائنه مربه فقال في نفسه هذا الدواء الذي كان يقوي به على السراري فأخذ منه فقتله وهو ميت. روتاية أن شيرويه لما أراد قتل أبيه بعث إليه من يقتله فلما دخل عليه قال إني أدلك على شيء لوجوب حقك يكون فيه غناك قال وما هو قال الصندوق والفلاني فذهب الرجل إلى شيرويه فأخبره الخبر فأخرج الصندوق وفيه حق فيه حب وثم مكتوب من اخذ منه واحدة افتض عشرة أبكار فطمع شيرويه في صحة ذلك فأخذه وعوض الرجل منه ثم أخذ منه حبة فكان هلاكه وكان كسرى أول ميت أخذ بثأره من حي. هزم بعض الملوك فنثر طالبيه زجاجاً ملوناً شبيهاً بالجوهر الأحمر والأخضر ودنانير صفراً مطلية بالذهب فتشاغل طالبوه بلقطها فنجا علم بعض الملوك بسكر يطلبه فأخذ شعيراً فطبخه بالماء مع قضبان الدفلى ثم جففه ثم جربه في دابة قلما أكلته نفقت من يومها فخرج هو وعسكره ناحية ونثر الشعير والميرة فلما سار القوم إليه ترك ما في معسكره وتنحى فجاؤوا فأطلقوا دوابهم في الشعير فهلكت كلها. حارب قوم ومعهم فيلة فقهروا عدوهم فأشار على العدو رجل أن يحملوا خنزيراً وأن يضربوه فلما سمعت الفيلة صوته هربت. جاء رجل معه هر تحت حضنه ومشى بسيفه إلى الفيل فلما دنا منه رمى بالهر في وجهه فأدبر الفيل هارباً وتساقط من كان فوقه فكبر المسلمون وكان سبب الهزيمة. قيل لأسلم بن زراعة أن انهزمت من أصحاب مرداس بن أدية يغضب عليك الأمير عبيد الله بن زياد قال يغضب علي وأنا حي أحب من أن يرضى عني وأنا ميت. خرج أمير ومعه رجل فيه ذكاء فبينما هم على الغداء قال للأمير اركب فقد لحقنا القدو قال كيف وما يرى أحد قال اركب عاجلاً فإن الأمر أسرع مما تحسب فركب وركب الناس فلاحت الغبرة وطلع عليهم سرعان الخيل فعجب الأمير وقال كيف علمت قال أما رأيت الوحش مقبلة علينا ومن شأن الوحوش الهرب منا فعلمت أنها لم تدع عاداتها إلا لأمر قد دهمها والله الموفق. الباب السادس والعشرون في ذكر طرف من فطن المتطببين قال محمد بن علي الأمين حدثنا بعض الأطباء الثقات أن غلاماً من بغداد قدم الري فلحقه في طريقه أنه كان ينفث الدم فاستدعى أبا بكر الرازي الطبيب المشهور بالحذق فأراه ما ينفث ووصف له ما يجد فنظر إلى نبضه وقارورته واستوصف حاله فلم يقم له دليل على سل ولا قرحة ولم يعرف العلة فاستنظر العليل لينظر في حاله فاشتد الأمر على المريض وقال هذا بأي لي من الحياة لحذق المتطبب وجهله بالعلة فزاد ألمه ففكر الرازي ثم عاد إليه فسأله عن المياه التي شرب فقال من صهاريج ومسقفات فثبت في نفس الرازي بحدة خاطره وجودة ذكائه أن علقة كانت في الماء وقد حصلت في معدته وذلك الدم من فعلها فقال إذا كان في غد عالجتك ولكن بشرط أن تأمر غلمانك أن يطيعوني فيك بما آمرهم قال نعم فانصرف الرازي فجمع مركنين كبيرين من طحلب فأحضرهما في غد معه فأراه إياهما قال ابلع جميع ما في هذين المركنين فبلع شيئاً يسيراً ثم وقف قال ابلع قال لا أستطيع فقال للغلمان خذوه فأقيموه ففعلوا به ذلك وطرحوه على قفاه وفتحوا فاه فأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبساً شديداً يطالبه ببلعه ويتهدده بأن يضرب إلى أن بلعه كارهاً أحد المركنين بأسرع والرجل يستغيث ويقول الساعة قذف فزاد الرازي فيما يكسبه في حلقه فذرعه القيء فتأمل الرازي ما قذف فإذا كانت فيه علقة وإذا هي لما وصل إليها الطحلب قربت إليه بالطبع وتركت موضعها فالتفت على الطحلب ونهض العليل معافى. حدثنا علي بن الحسن الصيدلاني قال كان عندنا غلام حدث من أولاد النبا فلحقه وجع في معدته شديد بلا سبب يعرفه فكانت تضرب عليه أكثر الأوقات ضرباً عظيماً حتى يكاد يتلف وقل أكله ونحل جسمه فحمل إلى الأهواز فعولج بكل شيء فلم ينجع فيه ورد إلى بيته وقد يئس منه فجاز بعض الأطباء فعرف حاله فقال للعليل اشرح لي حالك من زمن الصحة فشرح إلى أن قال دخلت بستاناً فكان في بيت البقر رمان كثير للبيع فأكلت منه كثيراً قال كيف كنت تأكله قال كنت أعض رأس الرمانة بفمي وأرمي به وأكسرها قطعاً وآكل فقال الطبيب غداً أعالجك بإذن الله تعالى فلما كان الغد جاء بقدر اسفيداج قد طبخها من لحم جرو سمين فقال للعليل كل هذا قال العليل ما هو قال إذا أكلت عرفتك فأكل العليل فقال له امتلئ منه فامتلأ ثم قال له أتدري أي شيء أكلت قال لا قال لحم كلب فاندفع يقذف فتأمل القذف إلى أن طرح العلي شيئاً أسود كالنواة فأخذه الطبيب وقال ارفع رأسك فقد برأت فرفع رأسه فسقاه شيئاً يقطع الغثيان وصب على وجهه ماء ورد ثم أراه الذي وقع فإذا هو قرداً فقال أن الموضع الذي كان فيه الرمان كان فيه قردان من البقر وأنه حصلت منهم واحدة في رأس إحدى الرمانات التي اقتلعت رؤوسها بفيك فنزل القرد إلى حلقك وعلق بمعدتك يمتصها وعلمت أن القراد تهش إلى لحم الكلب فإن لم يصح الظن لم يضرك ما أكلت فصح فلا تدخل فمك شيئاً لا تدري ما فيه والله الموفق. حدثنا أبو إدريس الخولاني قال سمعت محمد بن إدريس الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن وقيل له قال لا تغدو العاقل إحدى خصلتين إما أن يهتم لآخرته ومعاده أو الدنيا ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد فإذا خلا من المعنيين صار في حد البهائم فانعقد الشحم ثم قال كان ملك في الزمان الأول وكان مثقلاً كثيراً الشحم لا ينتفع بنفسه فجمع المتطببين وقال احتالوا إليّ بحيلة يخفّ عني لحمي هذا قليلاً قال فما قدروا له على شيء قال فبعث له رجل عاقل أديب متطبب فأراه فبعث إليه وأشخصه فقال له عالجني ولك الغنى قال أصلح الله الملك أنا متطبب منجم دعني حتى أنظر الليلة في طالعك أي دواء يوافق طالعك فأسقيك قال فغدا عليه فقال أيها الملك الأمان قال لك الأمان قال رأيت طالعك يدل على أن الباقي من عمرك شهر فإن أحببت عالجتك وإن أدرت بيان ذلك فاحسبني عندك فإن كان لقولي حقيقة فخل عني وإلا فاستقص مني قال فحبسه قال ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس وخلا وحده مهتماً كلما انسلخ يوم ازداد غماً حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمان وعشرون يوماً فبعث إليه وأخرجه فقال ما ترى قال أعز الله الملك أنا أهون على عزّ وجلّ من أن أعلم الغيب والله ما أعرف عمري فكيف أعرف عمرك إنه لم يكن عندي دواء إلا الغم فلم أقدر أن أجلب إليك الغم إلا بهذه العلة فأذاب شحم الكلي فأجازه وأحسن إليه. حدثنا أبو الحسن بن الحسن بن محمد الصالحي الكاتب قال رأيت بمصر طبيباً كان بها مشهوراً يعرف بالقطيعي وقال أنه يكسب في كل شهر ألف دينار من جرايات يجريها عليه قوم من رؤساء العسكر ومن السلطان ومما يأخذه من العامة قال وكان له دار قد جعله شبه المرستان من جملة داره يأوي إليها الضعفاء والمرضى فيداويهم ويقوم بأغذيتهم وأدويتهم وخدمتهم وينفق أكثر كسبه في ذلك فاتفق أن بعض فتيان الرؤساء بمصر أسكت قال فجعل إليه أهل الطب وفيهم القطيعي فاجمعوا على موته إلا القطيعي وعمل أهله على غسله ودفنه فقال القطيعي أعالجه وليس يلحقه أكثر من الموت الذي قد أجمع هؤلاء عليه فخلاه أهله معه فقال هات غلاماً جلداً ومقارع فأتى بذلك فأمر به فمد وضربه عشر مقارع أشد الضرب قم مس جسده ثم ضربه عشراً أخر ثم جسّ كجسه ثم ضربه عشر آخر ثم جس كجسه وقال أيكون للميت نبض قالوا لا قال فجسوا نبض هذا فجسوه فأجمعوا أنه نبض متحرك فضربه عشر مقارع أخر ثم جسوه فجسوه فقالوا قد زاد نبضه فضربه عشراً أخر فتقلب فضربه عشراً فتأوه فضربه عشراً فصاح فقطع عنه الضرب فجلس العليل يتأوه فقال له ما تجد قال أنا جائع فقال أطعموه فجاؤوا بما أكله فرجعت قوته وقمنا وقد برأ فقال له الأطباء من أين لك هذا كنت مسافراً في قافلة فيها أعراب يخفرونا فسقط منهم فارس عن فرسه فأسكت فقالوا قد مات فعمد شيخ منهم فضربه ضرباً شديداً عظيماً وما رفع الضرب عنه حتى أفاق فعلمت أن الضرب جلب إليه الحرارة أزالت سكتته فقست عليه أمر هذا العليل. قال أبو منصور بن مارية وكان من رؤساء البصرة قال أخبرني شيوخنا قال كان بعض أهلنا قد استقى وأيسوا من حياته فحمل إلى بغداد وشاورا الأطباء فيه فوصفوا له أدوية كبار فعفوا أنه قد تناولها فلم تنفع فأيسوا من حياته وقالوا لا حيلة لنا في برئه فسمع العليل فقال دعوني الآن أتزود من الدنيا وآكل ما أشتهي ولا تقتلوني بالحمية فقالوا كل ما تريد فكان يجلس بباب الدار فمهما اجتاز به اشتراه وأكله فمر به رجل يبيع جراداً مطبوخاً فاشترى منه عشرة أرطال فأكلها بأسرها فانحل طبعه فقام في ثلاثة أيام أكثر من ثلاثمائة مجلس وكاد يتلف ثن انقطع القيام وقد زال كل ما كان في جوفه وثابت قوته فبرأ خرج يتصرف في حوائجه فرآه بعض الأطباء فعجب من أمره وسأله عن الخبر فعرفه فقال ليس من شأن الجراد أن يفعل هذا الفعل ولا بد أن يكون في الجراد الذي فعل هذا خاصية فأحب أن تدلني على صاحب هذا الجراد الذي باعه لك فما زالا في طلبه حتى علما به، فرآه الطبيب فقال له ممن اشتريت هذا الجراد فقال ما اشتريته أنا أصيده وأجمع منه شيئاً كثيراً وأطبخه وأبيعه قال فمن أين تصطاده فذكر له مكاناً على فراسخ يسيرة من بغداد فقال له الطبيب أعطيك ديناراً أو تجيء معي إلى الموضع الذي اصطدت منه الجراد قال نعم فخرجا وعاد الطبيب من الغد ومعه من الجراد سيئ ومعه حشيشه فقالوا له ما هذا قال صادفت الجراد الذي يصيده هذا الرجل يرعى في صحراء جميع نباتها حشيشة يقال لها مازريون وهي من دواء الاستسقاء فإذا دفع إلى العليل منها وزن درهم أسهله إسهالاً عظيماً لا يؤمن أن ينضبط والعلاج بها خطر ولذلك ما يكاد يصفها الأطباء فلما وقع الجراد على هذه الحشيشة ونضجت في معدته ثم طبخ الجراد ضعف فعلها بطبختين فاعتدلت بمقدار ما أبرأت هذا. قال أبو بكر الجفاني دخلت يوماً على القاضي حسين بن أبي عمر وهو مهموم حزين فقلت لا يغم الله قاضي القضاة أبداً ومن يزيد المائي حتى إذا مات يغتم عليه قاضي القضاة هذا الغم كله فقال ويحك مثلك يقول هذا في رجل أوحد في صناعته قد مات ولا خلف له يقاربه في حدقه وهل فخر البلد إلا أن يكون رؤساء الصاع وحذاق أهل العلوم فيه فإذا مضى رجل لا مثل له في صناعة لا بد للناس منها فهلا يدل هذا الأمر على نقصان العلم وانحطاط البلدان ثم أخذ يعدد فضائله والأشياء الظريفة التي عالج بها والعلل الصعبة التي زالت بتدبيره فذكر من ذلك أشياء كثيرة ومنها أنه قال لقد أخبرني من مدة طويلة رجل من جلة هذا البلد أنه كان حدث بابنة له علة ظريفة فكتمتها عنه، أطلع عليها فكتماه هو مدة ثم انتهى أمرها إلى الموت قال فقلت لا يسعني كتم هذا أكثر من هذا قال وكانت العلة أن فرج الصبية كان يضرب عليها ضرباناً عظيماً لا تكاد تنام منه الليل ولا تهدأ بالنهار وتصرخ من ذلك أعظم صراخ ويجري في خلال ذلك منه دم يسير كماء اللحم وليس هناك جرح يظهر ولا ورم كثير فلما خفت المأتم ثم أحضرت يزيد فشاورته فقال تأذن لي في الكلام وتبسط عذري فيه فقلت نعم فقال أنه لا يمكنني أن أصف شيئاً دون أن أشاهد الموضع وأفشه بيدي واسأل المرأة عن أسباب لعلها كانت الجالبة للعلة قال فلعظم الصورة وبلوغها حد التلف أمكنه من ذلك فأطال مساءلتها وحديثها بما ليس من جنس العلة بعد أن حبس الموضع حتى عرف بقمة الألم حتى كدت أن أثب به ثم تصبرت ورجعت إلى ما أعرفه من ستراه فصبرت على مضض إلى أن قال تأمر من يمسكها ففعلت ثن أدخل يده في الموضع دخولاً شديداً فصاحت الصبية وأغمي عليها وانبعث الدم فأخرج في يده حيواناً أقل من الخنفساء فرمى به فجلست الابنة في الحال واستترت وقالت يا أبت استرني فقد عوفيت قال فأخذ الحيوان في يده وخرج من الموضع فلحقته وأجلسته وقلت أخبرني ما هذا قال أن تلك المسألة التي لم أشك أنك أنكرتها إنما كانت لأطلب شيئاً أستدل به على العلة إلى أن قالت لي أن يوماً من الأيام جلست في بيت دولاب البقر من بستان لكم ثم حدثت العلة بها من غير سبب تعرفه من بعد ذلك اليوم فتخايلت أنه قد دب إلى فرجها من القردان وكلما امتص من موضعه ولد الضربان وأنه إذا شبع نقط من الفرج الذي يمتص منه إلى خارج الفرج هذه النقطة اليسيرة من الدم فقلت أدخل يدي وأفتش فأدخلت يدي فوجدت القراد فأخرجته وهو هذا الحيوان وقد كبر وتغيرت صورته لكثرة ما يمص من الدم على طول الأيام قال فتأملت الحيوان فإذا هو قراد قال برئت الصبية قال فقال لي أبو الحسن القاضي هل ببغداد اليوم من له صناعة مثل هذا لا أغتم بمن هذا بعض حذقه. قال جبريل بن يختيشوع كنت مع الرشيد بالرقة ومعه محمد والمأمون وكان رجلاً كثير الأكل والشرب فأكل يوماً أشياء خلط فيها ودخل المستراح فغشي عليه فأخرج وقوى الأمر حتى لم يشكوا في موته فأحضرت وجسيت عرقه فوجدت نبضاً خفياً وقد كان قبل ذلك بأيام يشكو امتلاء وحركة الدم فقلت الصواب أن يحتجم الساعة فقال كوثر الخادم لما لم تقدر من أمر الخليفة يا ابن الفاعلة تقول أحجموا رجلاً ميتاً لا نقبل قولك ولا كرامة فقال المأمون الأمر قد وقع وليس يضر أن تحجمه فأحضر الحجام وتقدمت إلى جماعة من الغلمان بإمساكه ومص الحجام المحاجم فاحمر المكان ففرحت ثم قلت اشرطه فشرطه فخرج الدم فسجدت شكراً فكلما خرج الدم أسفر لونه إلى أن تكلم وقال أين أنا أنا جائع فغديناه وعوفي فسأل صاحب الحرس عن علته فعرفه أنها ألف درهم في كل سنة وسأل صاحبه فعرفه أنها خمسمائة ألف فقال يا جبريل كم عليك قلت خمسون ألفاً قال ما أنصفناك إذ غلات هؤلاء وهم يحرسوني كذلك وعلتك كما ذكرت فأمر بإقطاعه ألف ألف درهم. حدثنا أبو الحسن المهدي القزويني قال كان عندنا طبيب يقال له ابن نوح فلحقتني سكتة فلم يشك أهلي في موتي وغسلوني وكفنوني وحملوني على الجنازة عليه ونساء خلفي يصرخن فقال لهم إن صاحبكم حي فدعوني أعالجه فصاحوا عليه فقال لهم الناس دعوه يعالجه فإن عاش وإلا فلا ضرر عليكم فقالوا نخاف أن تصير فضيحة فقال علي أن لا تصير فضيحة فإن صرنا قال حكم السلطان في أمري وإن برأ فأي شيء لي قالوا ما شئت قال ديته قالوا لا نملك ذلك فرضي منهم بمال أجابه الورثة إليه وحملني فأدخلني الحمام وعالجني وافقت في الساعة الرابعة والعشرين من ذلك الوقت ووقعت البشائر ودفع إليه المال فقلت للطبيب بعد ذلك من أين عرفت هذا فقال رأيت رجليك في الكفن منتصبة وأرجل الموتى منبسطة ولا يجوز انتصابها فعلمت انك حي وخمنت أنك أسكت وجربت عليك فصحت تجربتي. قال أبو أحمد الحارثي كان طبيب نصراني يقال له موسى بن سنان قد أتى برجل منتفخ الذكر لا يقدر أن يبول وهو يستغيث ويصيح فسأله عن علته فذكر أنه لم يبل منذ أيام ورأى ذكره منتفخاً فنظر في حاله فلم يجد شيئاً يوجب عسر البول ولا حصاة فتركه عنده يوماً يسأله فقال له حدثني أدخلت ذكرك في شيء لم تجر عادة الناس به فلحقك هذا فسكت الرجل واستحى فلم يزل الطبيب يبسطه ويشرط له الكتمان إلى أن قال نكحت حماراً ذكراً فقال الطبيب هاتوا مطرقة وغلماناً فجاؤوه فأمسكوا الرجل وجعل ذكره على سندان حداد وطرقه بالمطرقة مرة واحدة وجيعة فبرزت شعيرة وذاك أنه خمن أن شعيرة من جاعرة الحمار قد دخلت في ثقب الذكر فلما طرقها خرجت. حدثنا أبو القاسم الجهني أن خطية لبعض الخلفاء أظنه الرشيد قامت لتتمطى فلما تمطت جاءت لترد يدها فلم تقدر وبقيتا حافتين فصاحت وآلمها ذلك وبلغ الخليفة فدخل وشاهد من أمرها ما أقلته وشاور الأطباء فكل قال شيئاً واستعلمه فلم ينجح وبقيت الجارية على تلك الصورة أياماً والخليفة قلق بها فجاءه أحد الأطباء فقال يا أمير المؤمنين لا دواء لها إلا أن يدخل إلا أن يدخل إليها رجل غريب فيخلو بها ويمرخها مروخاً يعرفه فأجابه الخليفة إلى ذلك طلباً لعافيتها فأحضر الطبيب رجلاً وأخرج من كمه دهناً وقال أريد أن تأمر يا أمير المؤمنين يتعريتها حتى أمرح جميع أعضائها بهذا الدهن فشق ذلك عليه ثم أمر أن يفعل ذلك ووضع في نفسه قتل الرجل وقال للخادم خذه فأدخله عليها بعد أن تعريها فعريت الجارية وأقيمت فلما دخل الرجل وقرب منها سعى إليها وأومأ إلى فرجها ليمسه فغطت الجارية فرجها بيدها ولشدة ما داخلها من الحياء والجزع حمى بدنها بانتشار الحرارة الغريزية فعاونتها على ما أرادت من تغطية فرجها واستعمال بدنها في ذلك فلما غطت فرجها قال لها الرجل قد برأت فلا تحركي يديك فأخذه الخادم وجاء به إلى الرشيد وأخبره الخبر فقال له الرشيد كيف تعمل بمن شاهد فرج حرمتنا فجذب الطبيب بيده لحية الرجل فإذا هي ملصقة فانفعلت فإذا الشخص جارية وقال يا أمير المؤمنين ما كنت لأبدي حرمتك للرجال ولكن خشيت أني أكشف لك الخبر فيتصل بالجارية فتبطل الحيلة لأني أردت أن أدخل إلى قلبها فزعاً شديداً بحمى طبعها ويقودها إلى الحمل على يديها وتحريكها وإعانة الحرارة الغريزية على ذلك فلم يقع لي غير هذا فأخبرتك به فأجزل الخليفة جائزته وأصرفه. قال أبو القاسم ولهذا استعملت الأطباء في علاج اللقوة الضعيفة الصفعة الشديدة على غفلة من ضد الجانب الملقوا ليدخل قلب المصفوع ما حميه فيحول وجهه ضرورة بالطبع إلى حيث صفع فترجع لقوته. روى الصلت بن محمد الجحدري قال حدثنا بشر بن الفضل قال خرجنا حجاجاً فمررنا بمياه من مياه العرب فوصف لنا فيه ثلاثة أخوات بالجمال وقيل لنا إنهن يتطببن ويعالجن فأحببنا أن نراهن فعمدنا إلى صاحب لنا فحككنا ساقه بعود حتى أدميناه ثم رفعناه على أيدينا وقلنا هذا سليم فهل من راق فخرجت أصغرهن فإذا جارية كالشمس الطالعة فجاءت حتى وقفت عليه فقالت ليس سليم قلنا وكيف قالت لأنه خدشه عود بالت عليه حية ذكر والدليل أنه إذا طلعت عليه الشمس مات فلما طلعت الشمس مات فعجبنا من ذلك. شكا رجل إلى طبيب وجع بطنه فقال ما الذي أكلت قال أكلت رغيفاً محترقاً فدعا الطبيب ليكحله بذور فقال الرجل إنما اشتكى وجع بطني لا عيني قال قد عرفت ولكن أكحلك لتبصر المحترق فلا تأكله. الباب السابع والعشرون في ذكر طرف من فطن المتطفلين قال الأصمعي الطفيلي الداخل على القوم من غير أن يدعى مأخوذ من الطفل وهو إقبال الليل على النهار بظلمته وأرادوا أن أمره يظلم على القوم فلا يدرون من دعاه ولا كيف دخل عليهم. قال وقولهم طفيلي منسوب إلى طفيل رجل بالكوفة من بني غطفان وكان يأتي الولائم من غير أن يدعى إليها وكان يقال له طفيل الأعراس والعرائس. فيه نظر لأن العرب تسمي الطفيلي الوارش والرائش والذي يدخل على القوم في شرابهم ولم يدع إليه الواغل. قال أبو عبيده كان رجل من بني هلال يقال له طفل ابن زلال إذا سمع بقوم عندهم دعوة أتاهم فأكل طعامهم فسمى كل من فعل ذلك به. روى ابن مسعود قال كان فينا رجل يقال له أبو شعيب وكان له غلام لحام فقال لغلامه اجعل لي طعاماً لعلي أدعو النبي صلى الله عليه وسلم فدعا النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة فتبعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل أنك دعوتني خامس خمسة وأن هذا أتبعنا فإن أذنت وإلا رجع قال بل ائذن له. حدثنا أحمد بن الحسن المقري قال مر بنان بعروس فأراد الدخول فلم يقدر فذهب إلى بقال فوضع خاتمه عنده على عشرة أقداح عسلاً وجاء إلى باب العرس فقال يا بواب افتح لي فقال له البواب من أنت قال أراك ليس تعرفني أنا الذي بعثوني أشتري لهم الأقداح ففتح له الباب فدخل فأكل وشرب مع القوم فلما فرغ أخذ الأقداح فقال يا بواب افتح لي يريدون ناصحيه حتى أرد هذه فخرج فردها على البقال وأخذ خاتمه. قال وجاء بنان إلى وليمة فأغلق الباب دونه فاكترى سلماً ووضعه على حائط للرجل فأشرف على عيال الرجل وبناته فقال له الرجل يا هذا أما تخاف الله رأيت أهلي وبناتي فقال يا شيخ لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد فضحك الرجل وقال له انزل فكل. قال محمد بن علي الجلاب جاء طفيلي إلى عرس فمنع من الدخول وكان يعلم أن أخاً للعروس غائب فذهب فأخذ ورقة كاغد فطواها وختمها وليس في بطنها شيء وجعل في ظاهرها من الأخ إلى العروس وجاء فقلب معي كتاب من أخي العروس فأذن له فدخل ودفع إليهم الكتاب فقالوا ما رأينا مثل هذا العنوان ليس عليه اسم أحد فقال واعجب من هذا إنه ليس في بطن الكتاب ولا حرف واحد لأنه كان مستعجلاً فضحكوا منه وعرفوا أنه احتال لدخوله فقبلوه. قال منصور بن علي الجهضمي كان لي جار طفيلي وكان من أحسن الناس منظراً وأعذبهم منطقاً وأطيبهم رائحة وأجملهم ملبوساً وكان من شأنه أني إذا دعيت إلى دعوة تبعني فيكرمه الناس من أجلي ويظنون أنه صاحب لي فاتفق يوماً أن جعفر بن القاسم الهاشمي أمير البصرة وأراد أن يختن بعض أولاده فقلت في نفسي كأني برسوله وقد جاء وكأني بهذا الرجل قد تبعني والله لئن تبعني لأفضحنه فأنا على ذلك إذ جاء الرسول يدعوني فما زدت على أن ليست ثيابي وخرجت فإذا أنا بالطفيلي واقف على باب داره قد سبقني بالتأهب فتقدمت وتبعني فلما دخلنا دار الأمير جلسنا ساعة ودعي بالطعام وحضرت الموائد وكان كل جماعة على مائدة والطفيلي معي فلما مد يده ليتناول الطعام قلت: حدثنا درست ابن زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار قوم بغير إذنهم فأكل طعامهم سارقاً وخرج مغيراً فلما سمع قال أثبت لك عثراً والله من هذا الكلاء فإنه ما من أحد من الجماعة إلا وهو يظن أنك تعرض به دون صاحبه أولا تستحي أن تحدث بهذا الكلام على مائدة سيد من أطعم الطعام وتبخل بطعام غيرك على من سواك ثم لا تستحي أن تحدث عن درست بن زياد وهو ضعيف عن أبان بن طارق وهو متروك لحديث يحكم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون على خلافه لأن حكم السارق القطع وحكم المغير أن يعزر على ما يراه الإمام وأين أنت عن حديث. حدثنا أبو عاصم النبيل عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية وهو إسناد صحيح قال منصور بن علي فأفحمني فلم يحضرني له جواب فلما خرجنا من الموضع للانصراف فارقني من جانب الطريق إلى الجانب الآخر بعد أن كان يمشي ورائي وسمعته يقول: ومن ظن ممن يلاقي الحروب ... بأن لا يصاب فقد ظن عجزا عم عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال كان طفيلي العرائس الذي ينسب إليه الطفيليون يوصي ابنه عبد الحميد بن طفيل في علته التي مات فيها فيقول له إذا دخلت عرساً فلا تلتفت تلفت المريب وتخير المجالس فإن كان العرس كثير الزحام فأمر وانهِ ولا تنظر في عيون أهل المرأة ولا في عيون أهل الرجل ليظن هؤلاء أنك من هؤلاء فإن كان البواب غليظاً وقاحاً فابدأ به ومره وانه من غير أن تعنف به وعليك بكلام بين النصيحة والأدلال ثم انشد وقال: لا تجزعن من الغريب ... ولا من الرجل البعيد وادخل كأنك طابخ ... بيديك مغرفة الحدي متدلياً فوق الطعام ... تدلي الباز الصيود لتلف ما فوق الموائد ... كلها لف الفهود واطرح حياءك إنما ... وجه الطفيلي من حديد لا تلتفت نحو البقول ... ولا إلى غرف الثريد حتى إذا جاءك الطعام ... ضربت فيه كالشديد وعليك بالفالوذجات ... فإنها عين القصيد هذا إذا حررتهم ... ودعوتهم هل من مزيد والعرس لا يخلو من ... اللوزينج الرطب الفنيد فإذا أتيت به محوت ... محاسن الجام الجديد قال ثم أغنى عليه ذكر اللوزينج ساعة فلما أفاق رفع رأسه وقال: وتنقلن على الموا ... ئد فعل شيطان مريد وإذا انتقلت عبثت ... بالكعك المجفف والقديد يا رب أنت رزقتني ... هذا على رغم الحسود واعلم أنك قب ... لت نعمت يا عبد الحميد قال علي بن المحسن بن علي القاضي عن أبيه قال صحب طفيلي رجلاً في سفر له الرجل امضِ فاشتر لنا لحماً قال لا والله ما أقدر فمضى هو اشترى ثم قال له قم فاطبخ قال لا أحسن فطبخ الرجل ثم قال له قم فاترد قال أنا والله كسلان فثرد الرجل ثم قال له قم واغرف قال أخشى أن ينقلب على ثيابي فغرف الرجل ثم قال له قم الآن فكل قال الطفيلي قد ولله استحييت من كثرة خلافي لك وتقدم فأكل. قال الجاحظ قلت لأبي سعد الطفيلي كم أربعة في أربعة قال رغيفين وقطعة لحم. وقال المبرد قيل لطفيلي كم اثنين في اثنين فقال أربعة أرغفة وقال مرة أخرى انتظرته مقدار ما يأكل الإنسان رغيفاً. وقال أبو هفان قيل لطفيلي كم أربعة في أربعة قال ستة عشر رغيفاً. قال وتطفل رجل مرة على رجل فقال له صاحب المنزل من أنت قال أنا الذي لم أحوجك إلى رسول. اجتمع جماعة على عصيدة فأخذ بعضهم لقمة وألقاها في السمن وقال فكبكبوا فيها هم والغاوون وجر السمن إليه وقال الآخر إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور وجر السمن إليه وقال الآخر وبئر معطلة وقصر مشيد وجر السمن إليه فقال الآخر أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً أمراً وجر السمن إليه فقال الآخر إنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز وجر السمن إليه فقال الآخر فيهما عينان تجريان وجر السمن إليه فقال الآخر فيهما عينان نضاجتان وجر السمن إليه فقال الآخر فالتقى الماء على أمر قدر وجر السمن إليه فقال الآخر فسقناه إلى بلد ميت وجر السمن إليه فقال آخر وقيل يا أرض ابلعي ماءك وسماء أقلعي وخلط السمن بما بقي من العصيدة فأخذه كله. جاء طفيلي إلى بيت رجل مع جماعة فقال له من أنت فقال إذا كنت لا تدعونا ونحن لا نأتي صار في هذا نوع جفاء. عرس طفيلي فأتاه طفيليان في أول الناس فأدخلهما وجاء إلى غرفة له يرتقي إليها بسلم فوضع السلم وقال اصعدا لتبعدا من الأذى وأخصكما بفائق الطعام فصعدا فلما حصلا في الغرفة نحى السلم ووضع المائدة وأطعم أصدقاءه وجيرانه وهما مطلعان عليه فلما فرغ وضع السلم وقال انزلا فدفع في إقفائهما وقال انصرفا راشدين لا أصفر الله ممشاً كما قد قضيتما حق أخيكما. دخل طفيلي على قوم فبينما هو يأكل سمع صوت السدنة فأمسك يده عن الطعام فقيل له لم تأكل قال حتى تسكن هذه الأراجيف التي أسمعها. وقيل لطفيلي مرة ما بالك أصفر اللون فقال من الفترة التي بين العصارتين أخاف أن يكون الطعام قد فني. وقال طفيلي إياك والكلام على الطعام إلا أن تقول نعم فإنها مضغة أوصى طفيلي غلامه فقال إذا ضاق بك الموضع فقل للذي إلى جانبك لعلى ضيقت عليك فإنه سيوسع لك المكان كموضع رجل آخر. وقال بنان حفظت القرآن كله ثم أنسيته إلا حرفين اتنا غداءنا. وقال بنان التمكن على المائدة خير لك من زيادة أربعة ألوان. وعطش رجل إلى جنب بنان في دعوة فقال بنان ارفع نفسك إلى فوق وتنفس ثلاثاً فإنه ينزل ما أكلته من الطعام. الباب الثامن والعشرون في ذكر طرف من فطن المتلصلصين أخبرنا محمد بن ناصر قال أخبرنا عبد الله الحميدي قال أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران قال أخبرنا أبو الحسين بن دينار قال أنبأنا أبو طالب عبيد الله ابن أحمد الأنباري قال حدثنا يموت بن المزرع عن المبرد قال حدثني أحمد بن المعدل البصري قال كنت جالساً عند عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون فجاءه بعض جلسائه فقال أعجوبة قال ما هي قال خرجت إلى حائطي بالغابة فلما أن أصحرت وبعدت عن البيوت بيوت المدينة تعرض لي رجل فقال اخلع ثيابك فقلت وما يدعوني إلى خلع ثيابي قال أنا أولى بها منك قلت ومن أين قال لأني أخوك وأنا عريان وأنت مكس قلت فالمواساة قال كلا قد لبستها برهة وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها قلت فتعريني وتبدي عورتي قال لا بأس بذلك قد روينا عن مالك أنه قال لا بأس للرجل أن يغتسل عرياناً قلت فيلقاني الناس فيرون عورتي قال لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها فقلت أراك ظريفاً فدعني حتى أمض إلى حائطي وانزع هذه الثياب فأوجه بها إليك قال كلا أردت أن توجه إلى أربعة من عبيدك فيحملوني إلى السلطان فيحسبني ويمزق جلدي ويطرح في رجلي القيد قلت كلا أحلف لك إيماناً أني أوفي لك بما وعدتك ولا أسوءك قال كلا إنا روينا عن مالك أنه قال لا تلتزم الأيمان التي يحلف بها اللصوص قلت فأحلف أني لا أحتال في أيماني هذه قال هذه يمين مركبة على اللصوص قلت فدع المناظرة بيننا فوالله لأوجهن إليك هذه الثياب طيبة بها نفسي فأطرق ثم رفع رأسه وقال تدري فيم فكرت قلت لا، قال تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ تسئمة وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون على وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة اخلع ثيابك قال فخلعتها فدفعتها إليه فأخذها وانصرف. أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا علي بن الحسن التنوخي عن أبيه أن أبا القاسم عبيد الله بن محمد الخفاف حدثه أنه شاهد لصاً قد أخذ وأشهد عليه أنه كان يفتش الأقفال في الدور اللطاف التي لجيراننا فإذا دخل حفر في الدار لطيفة كأنها بئر النرد وطرح فيها جوزات كان إنساناً يلاعبه واخرج منديلاً فيه نحو مائتي جوزة فتركه إلى جانبها ثم حار فكور كل ما في الدار مما يطيق حمله فإن لم يفطن به أحد خرج من الدار وحمل ذلك كله وإن كان جاء صاحب الدار ترك عليه قماشه وطلب المفالتة والخروج وغن كان صاحب الدار جلداً فواثبه ومانعه وهم بأخذه وصاح اللصوص واجتمع الجيران أقبل عليه وقال ما أبردك أنا أقامرك بالجوز منك شهور قد أفقرتني وأخذت مني كل ما أملكه وأهلكتني لأفضحك بين جيرانك لما قامرتك الآن تصيح فما يشك أحد في قوله وأنت تدعي علي باللصوصية بلعب بارد بيني وبينك دار القمار التي تعارفنا فيها قد صنعت هذا حتى أخرج وأدع عليك قماشك وكلما قال الرجل هذا لص قال الجيران إنما يريد أن لا يفضح نفسه بالقمار فقد ادعى عليه اللصوصية ولا يشكون في أنه صادق وان صاحب الدار مقامر فيلعنوه ويحولون بينه وبين اللص حتى ينصرف ويأخذ الجوز ويفتح الباب وينصرف ويفتضح الرجل بين جيرانه. أنبأنا محمد قال أنبأنا علي بن المحسن قال حدثني محمد بن عمر المتكلم ويلقب جنيد قال حدثني رجل من الدقاقين قال أورد علي رجل غريب سفتجة 3 باجل فكان يتردد عليّ أن حلت السفتجة ثم قتال لي ادعها عندك آخذها متفرقة فكان يجيء كل يوم فيأخذ بقدر نفقته إلى أن نفذت فصارت بيننا معرفة وألف الجلوس عندي وكان يراني أخرج من صندوق لي فأعطيته منه فقال لي يوماً أن قفل الرجل صاحبه في سفره وأمينه في حضره وخليفته على حفظ ماله والذي ينفي الظنة عن أهله وعياله وغن لم يكن وثيقاً تطرقت الحيل إليه وارى قفلك هذا وثيقاً فقل لي ممن ابتعته مثله لنفسي فقلت من فلان الإقفالي قال فما شعرت يوماً وقد جئت إلى دكاني فطلبت صندوقي لأخرج منه شيئاً من الدراهم فحمل إليّ ففتحه وإذا ليس فيه شيء من الدراهم وقلت لغلامي وكان غير متهم عندي هل انكسر من الدراب شيء قال لا قلت ففتش هل ترى في الدكان نقباً ففتش فقال لا فقلت فمن السقف حيلة قال لا قلت فاعلم أن دراهمي قد ذهبت فقلق الغلام فسكته وأقمت من نومي لا أدري أي شيء أعمل وتأخر الرجل عني فاتهمته وتذكرت مسألته لي عن القفل فقلت للغلام أخبرني كيف تفتح دكاني وتقفله قال احمل الدراب من المسجد دفعتين ثلاثة فأقفلها ثم هكذا أفتحها قلت فعلى من تخلي الدكان إذا حملت الدراب قال خالياً قلت ههنا دهيت فذهبت إلى الصانع الذي ابتعت منه القفل فقلت له جاءك إنسان منذ أيام اشترى منك مثل هذا القفل قال نعم ورجل من صفته كيت وكيت فأعطاني صفة صاحبي فعلمت أنه احتال على الغلام وقت المساء لما انصرفت أنا وبقي الغلام يحمل الدراب فدخل هو إلى الدكان فاختبأ فيه ومعه مفتاح القفل الذي اشتراه يقع على قفلي وأنه أخذ الدراهم وجلس طول الليل خلف الدراب فلما جاء الغلام ففتح داربين وحملها ليرفعها خرج وإنه ما فعل ذلك إلا وقد خرج من بغداد، قال فخرجت ومعي قفلي ومفتاحه فقلت ابتدئ بطلب الرجل بواسط فلما صعدت من السميرية طلبت خانا أنزله فصعدت فإذا يقفل مثل قفلي سواء على بيت فقلت لقيم الخان هذا البيت من ينزله قال رجل قدم من البصرة أمس قلت ما صفته فوصف صفة صاحبه فلم أشك أنه هو وان الدراهم في بيته فاكتريت بيتاً إلى جانبه ورصدت حتى انصرف قيم الخان ففتحت القفل ودخلت فوجدت كيسي بعيد فأخذته وخرجت وأقفلت الباب ونزلت في الوقت وانحدرت إلى البصرة وما أقمت بواسط إلا ساعتين من النهار ورجعت إلى منزلي بمالي بعينه. أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أخبرنا علي بن الحسن عن أبيه قال حدثني عبد الله بن محمد الصروي قال حدثني ابن الدنانير النمار قال حدثني غلام لي قال كنت ناقداً بالأبلة لرجل تاجر فاقتضيت له من البصرة نحو خمسمائة دينار وورقاً ولففتهما في فوطة وأمسيت عن المسير إلى الأبلة فما زلت أطلب ملاحاً فلا أجد أن رأيت ملاحاً مجتازاً في خيطية خفيفة فارغة فسألته أن يحملني فخفف علي الأجرة وقال، أنا أرجع إلى منزلي بالأبلة فانزل فنزلت وجعلت الفوطة بين يدي وصرنا فإذا رجل ضرير على الشط يقرأ أحسن قراءة تكون فلما رآه الملاح كبر فصاح هو بالملاح، احملني فقد جنني الليل وأخاف على نفسي فشتمه الملاح، فقلت له احمله فدخل إلى الشط فحمله فرجع إلى قراءته فخلب عقلي بطيبها فلما قربنا من الأبلة قطع القراءة وقام ليخرج في بعض المشارع بالأبلة فلم أر الفوطة فاضطربت وصحت واستغاث الملاح وقال الساعة تنقلب الخيطية وخاطبني خطاب من لا يعلم حالي، فقلت يا هذا أكانت بين يدي فوطة فيها خمسمائة دينار فلما سمع الملاح ذلك لطم وبكى وتعرى من ثيابه وقال لم أدخل الشط ولا لي موضع أخبأ فيه شيئاً فتتهمني بسرقة ولي أطفال وأنا ضعيف فالله الله في أمري وفعل الضرير مثل ذلك وفتشت السميرية فلم أجد فيها شيئاً، فرحمتهما وقلت هذه محنة لا أدري كيف التخلص فعملت على الهرب كل واحد منا طريقاً وبت في بيت ولم امض إلى صاحبي فلما أصبحت عملت على الرجوع إلى البصرة لأستخفي بها أياماً ثم أخرج إلى بلد شاسع فانحدرت وخرجت في مشرعة بالبصرة وأنا أمشي وأتعثر وأبكي قلقاً على فراق أهلي وولدي وذهاب معيشتي وجاهي، فاعترضني رجل فقال مالك أخبرته فقال، أنا أرد عليك مالك فقلت يا هذا أنا في شغل عن ظنرك بي قال ما أقول إلا حقاً أمض إلى السجن ببني نمير واشتر معك خبزاً كثيراً وشواء جيداً وحلواً وسل السجان أن يوصلك إلى رجل محبوس هناك يقال له أبو بكر النقاش قل له أنا زائره فإنك لا تمنع فإن منعت فهب للسجان شيئاً يسيراً يدخلك إليه فإذا رأيته فسلم عليه ولا تخاطبه حتى تجعل بين يديه ما معك فإذا أكل وغسل يديه فإنه يسألك عن حاجتك فأخبره خبرك فإنه سيدلك على من أخذ مالك ويرتجعه لك، ففعلت ذلك ووصلت إلى الرجل فإذا سيخ مكبل بالحديد فسلمت وطرحت ما معي بين يديه فدعا رفقاء له فأكلوا فلما غسل يديه قال ما أنت وما حاجتك فشرحت له قصتي، فقال امض الساعة إلى بني هلال فادخل الدرب الفلاني حتى تنتهي إلى آخره فإنك تشاهد باباً شعثاً فافتحه وادخله بلا استئذان فتجد دهليزاً طويلاً يؤدي إلى بابين فادخل الأيمن منهما فسيدخلك إلى دار فيها بيت فيه أوتاد وبواري وكل وتد إزار ومئزر فانزع ثيابك وألقها على الوتد واتزر بالمئزر واتشح بالإزار واجلس فسيجيء قوم يفعلون كما فعلت، ثم يؤتون بطعام فكل معهم وتعمد موافقتهم في سائر أفعالهم فإذا أتى بالنبيذ فاشرب وخذ قدحاً كبيراً واملأه وقم قائماً وقل هذا ساري لخالي أبي بكر النقاش فسيفرحون ويقولون أهو خالك فقل نعم فسيقومون ويشربون لي فإذا جلسوا فقل لهم خالي يقرأ عليكم السلام ويقول يا فتيان بحياتي ردوا على ابن أختي المئزر الذي أخذتموه بالأمس في السفينة بنهر الأبلة فإنهم يردونه عليك فخرجت من عنده ففعلت ما أمر فردت الفوطة بعينها وما حل شدها فلما حصلت لي قلت يا فتيان هذا الذي فعلتموه معي هو قضاء لحق خالي ولي أنا حاجة تخصني قالوا مقضية قلت عرفوني كيف أخذتم الفوطة فامتنعوا ساعة فأقسمت عليهم بحياة أبي بكر النقاش فقال لي واحد منهم أتعرفني فتأملته جيداً فإذا هو الضرير الذي كان يقرأ وإنما كان متعامياً وأومأ إلى آخر فقال أتعرف هذا فتأملته فإذا هو الملاح فقلت كيف فعلتما فقال الملاح أنا أدور المشارع في أول أوقات المساء وقد سبقت بهذا المتعامي فأجلسته حيث رأيت فإذا رأيت من معه شيء له قدر ناديته وأرخصت له الأجرة وحملته فإذا بلغت إلى القاري وصاح بي شتمته حتى لا يشك الراكب في براءة الساحة فإن حمله الركب فذاك وإلا رققته عليه حتى يحمله فإذا حمله وجلس يقرأ ذهل الرجل كما ذهلت، فإذا بلغنا الموضع الفلاني فإن فيه رجلاً متوقعاً لنا يسيح حتى يلاصق السفينة وعلى رأسه فوصرة فلا يفطن الراكب به فيسلب هذا المتعامي الشيء بخفية فيليه إلى الرجل الذي عليه القوصرة فيأخذه ويسيح إلى الشط وإذا أراد الراكب الصعود وافتقد ما معه عملنا كما رأيت فلا يتهمنا ونفترق فإذا كان من غدا اجتمعنا واقتسمناه فلما جئت برسالة استأذنا خالك سلمنا إليك الفوطة قال فأخذتها ورجعت.ط وإذا أراد الراكب الصعود وافتقد ما معه عملنا كما رأيت فلا يتهمنا ونفترق فإذا كان من غدا اجتمعنا واقتسمناه فلما جئت برسالة استأذنا خالك سلمنا إليك الفوطة قال فأخذتها ورجعت. أخبرنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا الجوهري وأخبرنا ابن ناصر قال أخبرنا عبد المحسن بن محمد قال أخبرنا أبو القاسم التوخي قال أخبرنا بن حيوية قال حدثنا محمد بن خلف قال حدثني لص تائب قال دخلت مدينة فجعلت أطلب شيئاً أسرقه فوقعت عيني على صيفي موسر فما زلت أحتال حتى سرقت كيساً له وانسللت فما حزت غير بعيد إذا أنا بعجوز معها كلب قد وقعت في صدري تبوسني وتلزمني وتقول يا بني فديتك والكلب يبصبص ويلوذ بي ووقف الناس ينظرون إلينا وجعلت المرأة تقول بالله انظروا إلى الكلب قد عرفه، فعجب الناس من ذلك وتشككت أنا في نفسي وقلت لعلها أرضعتني وأنا لا أعرفها وقالت معي إلى البيت أقم عندي اليوم، فلم تفارقني حتى مضيت نعها إلى بيتها وإذا عندها أحداث يشربون وبين أيديهم من جميع الفواكه والرياحين فرحبوا بي وقربوني وأجلسوني معهم، ورأيت لهم بزة حسنة فوضعت عيني عليها فجعلت أسقيهم وأرفق بنفسي إلى أن ناموا ونام كل من في الدار فقمت وكورت ما عندهم وذهبت أخرج فوثب علي الكلب وثبة الأسد وصاح وجعل يتراجع ويفج إلى أن انتبه كل نائم، فخجلت واستحييت فلما كان النهار رفعوا مثل فعلهم أمس وفعلت أيضاً أنا بهم مثل ذلك وجعلت أوقع الحيلة في أمر الكلب إلى الليل فما أمكنني فيه حيلة فلما ناموا رمت الذي رمته فإذا الكلب عارضني بمثل ما عارضني به فجعلت أحتال ثلاث ليال فلما أيست طلبت الخلاص منهم بإذنهم، فقلت أتأذنون لي فإني على وفز فقالوا الأمر إلى العجوز فاستأذنها فقالت هات الذي أخذته من الصيرفي وامضِ حيث شئت ولا تقوم في هذه المدينة فإنه لا يتهيأ لأحد فيها معي عمل فأخذت الكيس وأخرجتني ووجدت مناي أن أسلم من يدها وكان قصراي أن أطلب منها نفقة فدفعن إليّ وخرجت معي حتى أخرجتني عن المدينة والكلب معها حتى جزت حدود المدينة ووقفت ومضيت والكلب يتبعني حتى بعدت ثم تراجع ينظر إليّ ويلتفت وأنا أنظر إليه حتى غاب عني. أنبأنا محمد بن أبي منصور قال أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن الباقلاوي قال أنبأنا القاضي أبو العلاء الواسطي قال أنبأنا أبو الفح محمد بن الحسين الأزدي قال حدثنا علي بن محمد القاري قال حدثنا سهل الخلاطي قال بلغني أن محتالين سرقا حماراً ومضى أحدهما ليبيعه فلقيه رجل معه طبق فيه سمك فقال له تبيع هذا الحمار قال نعم أمسك هذا الطبق حتى أركبه وانظر إليه فدفع إليه الطبق فيه السمك فركبه ورجع ثم ركبه ودخل زقاقاً ففر به فلم يدر أين ذهب، قال فرجع المحتال فلقيه رفيقه فقال ما فعل الحمار قال بعناه بما اشتريناه وربحنا هذا الطبق من السمك. وقد روينا أن رجلاً سرق حماراً فأتى السوق ليبيعه فسرق منه فعاد إلى منزله فقالت له امرأته بكم بعته قال برأس ماله. أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا علي ابن المحسن عن أبيه قال حدثني عبد الله بن محمد الصروي قال حدثنا بعض إخواننا أنه كان ببغداد رجل يطلب التلصص في حداثته ثم تاب فصار بزازاً قال فانصرف ليلة من دكانه وقد غلقه فجاء لص محتال متزي بزي صاحب الدكان في كمه شمعة صغيرة ومفاتيح فصاح بالحارس فأعطاه الشمعة في الظلمة وقال أشعلها وجئني بها فإن لي الليلة بدكاني شغلاً فمضى الحارس يشعل الشمعة وركب اللص على الأقفال ففتحها ودخل الدكان وجاء الحارس بالشمعة فأخذها من يده فجعلها بين يديه وفتح سفط الحساب وأخرج ما فيه وجعل ينظر الدفاتر ويرى بيده أنه يحسب والحارس يتردد ويطالعه ولا يشك في أنه صاحب الدكان إلى أن قارب السحر فاستدعى اللص الحارس، وكلمه من بعيد وقال اطلب لي حمالاً، فجاء بحمال فحمل عليه أربع رزم مثمنة وقفل الدكان وانصرف ومعه الحمال وأعطى الحارس درهمين فلما أصبح الناس جاء صاحب الدكان ليفتح دكانه فقام إليه الحار سيدعو له ويقول فعل الله بك وصنع كما أعطيتني البارحة الدرهمين فأنكر الرجل ما سمعه وفتح دكانه فوجد سيلان الشمعة وحسابه مطروحاً وفقد الأربع رزم فاستدعى الحارس، وقال له من كان حمل الرزم معي من دكاني قال ما استدعيت مني حمالاً فجئتك به قال بلى ولكن كنت ناعساً وأريد الحمال فجئني به فمضى الحارس فجاء بالحمال وأغلق الرجل الدكان وأخذ الحمال معه ومضى فقال له إلى أين حملت الرزم معي البارحة فإني كنت منقبذاً قال إلى المشرعة الفلانية واستدعيت لك فلاناً الملاح فركبت معه فقصد الرجل المشرعة وسأل عن الملاح فحضر وركب معه وقال أين رقيت أخي الذي كان معه الأربع الرزم، قال إلى المشرعة الفلانية قال اطرحني إليها فطرحه، قال من حملها معه قال فلان الحمال فدعا به فقال له امشِ بين يدي فمشى فأعطاه شيئاً واستدله برفق إلى الموضع الذي حمل إليه الرزم، فجاء به إلى باب غرفة في موضع بعيد من الشط قريب من الصحراء فوجد الباب مقفلاً فاستوقف الحمال وفش القفل ودخل فوجد الرزم بحالها وإذا في البيت بركان معلق على حبل فلف الرزم ودعا بالحمال فحملها عليه وقصد المشرعة فحين خرج من الغرفة استقبله اللص فرآه وما معه فابلس فاتبعه إلى الشط فجاء إلى المشرعة ودعا الملاح ليعبر فطلب الحمال من يحط عنه فجاء اللص فحط الكساء كأنه مجتاز متطوع فأدخل الرزم إلى السفينة مع صاحبها وجعل البركان على كتفه وقال له يا أخي أستودعك الله قد ارتجعت رزمك فدع كسائي فضحك. وقال انزل فلا خوف عليك فنزل معه واستتابه ووهب له شيئاً وصرفه ولم يسئ إليه. أنبأنا محمد بن أبي طاهر عن أبي القاسم التنوخي عن أبيه أن رجلاً من بني عقيل مضى ليسرق دابة قال فدخلت الحي فما زلت أتعرف مكان الدابة فاحتلت حتى دخلت البيت فجلس الرجل وامرأته يأكلان في الظلمة فأهويت بيدي إلى القصعة وكنت جائعاً فأنكر الرجل يدي وقبض عليها فقبضت على يد المرأة بيدي الأخرى فقالت المرأة مالك ويدي فظن أنه قابض على يد امرأته فخلى يدي فخليت ين المرأة وأكلنا ثم أنكرت المرأة يدي فقبضت عليها فقبضت على يد الرجل فقال لها مالك ويدي تخليت عن يده ثم نام وقمت فأخذت الفرس وقد رويت هذه الحكاية على صفة أخرى فأنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا التنوخي عن أبيه قال حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الكاتب قال حدثني محمد بن يزمع العقيلي أحد قوادهم ووجوههم في الحي وكان ورد إلى معز الدولة فأكرمه وأحسن إليه قال رأيت رجلاً من بني عقيل وظهره كله مشرطات الحجام إلا أنها أكبر فسألته عن ذلك فقال إني كنت هويت ابنه عم لي فخطبتها فقالوا لا نزوجك إلا أن تجعل في الصداق الشبكة فرس سابقة كانت لبعض بني أبي بكر فتزوجتها على ذلك وخرجت في أن أحتال إن أسا الفرس من صاحبه لا تمكن من الدخول بابنه عمي فأتيت الحي الذي فيه الفرس وما زلت أداخلهم فمرة أجيء إلى الخباء الذي فيه الرجل كأني سائل لي إن عرفت بيت الفرس من الخباء الذي فيه الرجل وأخبئت حتى دخلت من خلفه وحصلت خلف النضد نحت وكانوا تفشوه ليغزل فلما جاء الليل وافى صاحب البيت وقد زاولت له المرأة عشاء وجلسا يأكلان وقد استحكمت الظلمة ولا مصباح لهم وكنت جائعاً فأخرجت يدي وأهويت إلى القصعة فأكلت معهما وأحس الرجل بيدي فأنكرها فقبض عليها على يد المرأة فقالت له المرأة مالك ويدي فظن أنه قابض على يد امرأته فخلى يدي فخليت يد المرأة وأكلنا ثم أنكرت المرأة يدي فقبضت عليها فقبضت على يد الرجل فقال لها مالك ويدي فخلت عن يدي فخليت عن يده وانقضى الطعام واستلقى الرجل نائماً فلما استثقل وأنا مراصدهم والفرس مقيدة في جانب البيت والمفتاح تحت رأس المرأة فوافى عبد له أسود فنبذ حصاة فانتبهت المرأة فقامت إليه وتركت المفتاح مكانه وخرجت من الخباء إلى ظاهر البيت فإذا هو قد علاها فأخذت أنا المفتاح ففتحت القفل وكان معي لجام شعر فأجزته الفرس وركبتها وخرجت عليها من الخباء فقامت المرأة من تحت العبد، ودخلت الخباء وصاحت وذعر الحي فأحسوا بي وركبوا في طلبي وأنا أكد الفرس وخلف بخلق منهم فأصبحت وليس ورائي إلا فاؤرس واحد برمح فلحقني وقد طلعت الشمس وأخذ يطعنني فهذه آثار طعناته في جسدي لا فرسه يلحقه بي حتى يتمكن من طعنته إياي ولا فرسي ينجيني إلى حيث لا يمسني الرمح حتى وافينا إلى نهر عظيم فصحت بالفرس فوثبه وصاح الفارس بالتي تحته فقصرت ولم تثب فلما رأيته عاجزاً عن العبور وقف لأريح الفرس وأستريح فصاح بي فأقبلت عليه بوجهي فقال يا هذا أنا صاحب الفرس التي تحتك وهذه ابنتها وإذ قد ملكتها فلا تخدعن فيها فإنها تساوي عشر ديات وما طلبت عليها شيئاً قط إلا لحقته ولا طلبني عليها أحداً إلا فته وإنما سميت الشبكة لأنها لم ترد شيئاً إلا أدركته فكانت كالشبكة في صيدها فقلت له إذ نصحتني فوالله لأنصحنك كان من صورتي البارحة كيت وكيت فقصصت عليه قصة امرأته والعبد وحيلتي في الفرس فأطرق ثم رفع رأسه فقال مالك لا جزاك الله من طارق خير أطلقت زوجتي وأخذت فرسي وقتلت عبدي. أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا أبو القاسم التنوخي عن أبي أن رجلاً نام في مسجد وتحت رأسه كيس فيه ألف وخمسمائة دينار قال فما شعرت إلا بلسان قد جذبه من تحت رأسي فانتبهت فزعاً فإذا شاب قد أخذ الكيس ومر يعدو فقمت لا عدو خلفه فإذا رجلي مشدودة بخيط قنب في وتد مضروب في آخر المسجد. أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو القاسم التنوخي عن أبيه قال حدثني أبو الحسين عبد الله بن محمد البصري قال حدثني أبي قال كان بالبصرة رجل من اللصوص يلص بالليل فاره جداً مقدام يقال له عباس بن الخياطة قد غلب الأمراء وأشجى أهل البلد فلم يزالوا يحتالون عليه إلى أن وقع وكيل بمائة رطل حديد وحبس فلما كان بعد سنة من حبسه أو أكثر دخل قوم بالأبلة على رجل تاجر كان عنده جوهر بعشرات ألوف الدنانير وكان مستيقظاً جلداً فجاء إلى البصرة يتظلم وأعانه خلق من التجار وقال للأمير أنت دست على جوهري وما خصمي سواك فورد عليه أمر عظيم وخلا بالبوابين وتوعدهم فاستنظروه فأنظرهم وطلبوا واجتهدوا فما عرفوا فاعل ذلك فعنفهم الرجل فاستجابوا مدة أخرى فجاء أحد البوابين إلى الحبس فتخادم لابن الخياطة ولزمه نحو شهر وتذلل له في الحبس فقال له قد وجب حقك علي فما حاجتك قال جوهر فلان المأخوذ بالأبلة لا بد أن يكون عندك منه خبر فإن دماءنا مرتهنة به وحدثه الحديث فرفع ذيله وإذا سفط الجوهر تحته فسلمه إليه وقال قد وهبته لك فاستعظم ذلك وجاء بالسفط إلى الأمير فسأله عن القصة فأخبره بها فقال علي بعباس فجاؤوا به فأمر بالإفراج عنه وإزالة قيوده وإدخاله الحمام وخلع عليه وأجلسه في مجلسه مكرماً واستدعى الطعام فواكله وبيته عنده فلما كان من الغد خلا به وقال أنا أعلم أنك لو ضربت مائة ألف سوط ما أقررت كيف كانت صورة أخذ الجوهر وقد عاملتك بالجميل ليجب حقي عليك من طريق الفتوة وأريد أن تصدقني حديث هذا الجوهر قال على أنني ومن عاونني عليه آمنون وإنك لا تطالبنا بالذين أخذوه قال نعم فاستحلفه فقال له إن جماعة اللصوص جاؤوني الحبس وذكروا حال هذا الجوهر وإن دار هذا التاجر لا يجوز أن يتطرق عليها نقب ولا تسليق وعليها باب حديد والرجل نتيقظ وقد راعوه سنة فما أمكنهم وسألوني فساعدتهم فدفعت إلى السجان مائة دينار وحلفت به بالشطارة والأيمان الغليظة أنه إن طلقني عدن إليه من غد وأنه إن لم يفعل ذلك اغتلته فقتلته في الحبس فأطلقني فنزعنا الحديد وتركته وخرجت المغرب فوصلنا إلى الأبلة العتمة وخرجنا إلى دار الرجل فإذا هو في المسجد وبابه مغلق لأحدهم تصدق من الباب فتصدق فلما جاؤوا ليفتحوا قلت له أختفي ففعل ذلك مرات والجارية تخرج فإذا لن تر أحداً عادت إلى أن خرجت من الباب ومشت خطوات تطلب السائل فتشاغلت بدفع الصدقة إليه فدخلت أنا إلى الدار فإذا في الدهليز بيت فيه حمار فدخلته ووقفت تحت الحمار وطرحت الجل علي وعليه وجاء الرجل فغلق الأبواب وفتش ونام على سرير عال والجوهر تحته فلما انتصف الليل قمت إلى شاة غب الدار فعركت أذنها فصاحت فقال ويلك أقول لك افتقديها قالت قد فعلت قال كذبت وقام بنفسه ليطرح لها علفاً فجلست مكانه على السرير وفتحت الخزانة وأخذت السفط وعدت إلى موضعي وعاد الرجل فنام فاجتهدت أن أجد حيلة أن أنفب إلى دار بعض الجيران فأخرج فما قدرت لأن جميع الدار مؤزرة بالساج ورمت صعود السطح فما قدرت لأن الممارق مقفلة بثلاثة أقفال فعملت على ذبح الرجل ثم استقبحت ذلك وقلت هذا بين يدي إن لم أجد حيلة غيره فلما كان السحر عدت إلى موضعي تحت الحمار وانتبه الرجل يريد الخروج فقال للجارية افتحي الأقفال من الباب ودعيه متربساً ففعلت وقربت من الحمار فرفس فصاحت فخرجت أنا ففتحت المترس وخرجت أعدو حتى جئت إلى المشرعة فنزلت في الخيطية ووقعت الصيحة في دار الرجل فطالبني أصحابي أن أعطيهم شيئاً منه فقلن لا هذه قصة عظيمة وأخاف أن يتنبه عليها ولكن دعوه عندي فإن مضى على الحديث ثلاثة أشهر وافتكم فصيروا إلي أعطيكم النصف وإن ظهر خفت عليكم وعلى نفسي وجعلته حقنا لدمائكم فرضوا بذلك فأرسل الله هذا البواب بليه يخدمني فاستحييت منه وخفت أن يقتل هو وأصحابه وقد كنت وضعت في نفسي الصبر على كل عذاب فدخلتم عليّ من طريق أخرى لم أستحسن في الفتوة معها إلا الصدق فقال له الأمير جزاء هذا الفعل إن أطلقك ولكن تتوب فتاب وجعله الأمير من بعض أصحابه وأسنى له الرزق فاستقامت طريقته.ب وجعله الأمير من بعض أصحابه وأسنى له الرزق فاستقامت طريقته. قال أبو الحسين وحدثني أبي عن طالوت بن عباد الصيرفي قال كنت ليلة نائماً بالبصرة في فراشي وأحراسي يحرسوني وأبوابي مقفلة فإذا أنا بابن الخياطة ينبهني من فراشي فانتبهت فزعاً فقلت من أنت فقال ابن الخياطة فتلفت فقال لا تجزع قد قمرت الساعة خمسمائة دينار أقرضني إياها لأردها عليك فأخرجت خمسمائة دينار فدفعتها إليه فقال نم ولا تتبعني لأخرج من حيث جئت وإلا قتلتك قال وأنا والله أسمع صوت حراسي ولا أدري من حيث دخل ولا من أين خرج وكتمت الحديث خوفاً منه وزدت في الحرس ومضت ليال فإذا أنا به قد أنبهني على تلك الصورة فقلت مرحباً ما تريد قال جئت بتلك الدنانير تأخذها مني فقلت أنت في حل منها فإن أردت شيئاً آخر فخذ فقال لا أريد من نصح التجار شاركهم في أموالهم ولو كنت أردت أخذ مالك باللصوصية فعلت ولكنك رئيس بلدك ولا أريد أذيتك فإن ذلك يخرج عن الفتوة ولكن خذها فإن احتجت إلى شيء بعد هذا أخذت منك فقلت أن عودك لا يفزعني ولكن إذا أردت شيئاً فتعال إلي نهاراً أو رسولك فقال افعل فأخذت الدنانير منه وانصرف وكان رسوله يجيئني بعلامة بعد ذلك فيأخذ ما يريده بعد مدة فما انكسر لي عنده شيء إلى أن قبض عليه. حكى أبو محمد عبد الله بن علي بن الخشاب النحوي أن رجلاً اشترى من مخاطى قطعة صابون ومضى إلى النهر لغسل ثيابه فلما وصل أخرجها فإذا هي قطعة آجر فصعب الأمر عليه وقال هذا يبيع الناس آجراً وصابوناً فمضى إليه ليردها فلما وصل قال ويحك أتبيع الناس آجراً وصابوناً قال كيف أبيع أجراً فأخرجها من كمه فإذا هي قطعة صابون فاستحى ورجع إلى النهر فأخرجها فإذا هي آجر فعاد إليه ووبخه وأخرجها فإذا هي قطعة صابون مرة أخرى كذلك حتى ضجر فقال له المخاطر لا يضيق صدرك فإن لنا ولداً قد أخرجناه نعلمه أن يبط ويحتال وإنك كلما مضيت فعل هذا فإذا رآك قد عدت لردها أعادها في كمك وأنت لا تعلم. دخل دار قوم فلم يجد ما يسرق غير دواة مكسورة فكتب على الحائط عز عليّ فقركم وغناي. دخل لص بيت رجل فأخذ متاعه وخرج فصاح الرجل ما أنحس هذه الليلة فقال اللص على كل أحد. حدثني بعض الإخوان أن رجلاً جاء إلى بزاز فاستعرض منه ثياباً بثلاثمائة دينار ثم وزنها له فلما تسلمها قال الرجل لقد غبنتني فعاد وجمع الدنانير وتركها في خرقة وختمها ورمى بها في كم غلامه ثم قال ما أنا إلا متردد أفتأذن لي أن أرى الثياب من اشتريتها له فإن رضي وإلا رددتها قال نعم فأدخل يده في كم غلامه فأخرج الخرقة فرمى بها إلى البزاز وأخذ الثياب ومضى ففتح البزاز الخرقة فإذا بها فلوس وقد جعل في كم غلامه خرقة مثلها وفيها وزن الثلاثمائة. حدثني أبو الفتح البصري قال اجتمع جماعة من اللصوص اجتاز عليهم شيخ صيرفي معه كيسه فقال أحدهم ما تقولون فيمن يأخذ كيس هذا قالوا كيف تفعل قال انظروا ثم تبعه إلى منزله فدخل الشيخ فرمى كيسه على الصفة وقال للجارية أنا حاقن فالحقيني بماء في الغرفة وصعد فدخل اللص فأخذ الكيس وجاء إلى أصحابه فحدثهم فقالوا ما عملت شيئاً تركته يضرب الجارية ويعذبها وماذا مليح قال فكيف تريدون قالوا تخلص الجارية من الضرب وتأخذ الكيس قال نعم فمضى فطرق الباب فإذا به يضرب الجارية فقال من قال غلام جارك في الدكان فخرج فقال ماذا تقول فقال سيدي يسلن عليك ويقول لك قد تغيرت ترمي كيسك في الدكان وتمضي ولولا أنا رأيناه كان قد أخذ وأخرج الكيس وقال أليس هذا هو قال بلى والله صدق ثم أخذه فقال له بل أعطنيه وادخل فاكتب في رقعة قد تسلمت الكيس حتى أتخلص أنا ويرجع إليك مالك فناوله إياه ودخل ليكتب فأخذه ومضى. قال أبو جعفر محمد بن الفضل الضميري كان في بلدنا عجوز صالحة كثيرة الصيام والصلاة وكان لها ابن صيرفي منهمك على الشرب واللعب وكان يتشاغل بدكانه أكثر نهاره ثم يعود إلى منزله فيخبأ كيسه عند والدته، فدخل إلى الدار وهو لا يعلم فاختبأ فيها وسلم كيسه إلى أمه وخرج وبقيت هي وحدها في الدار وكان لها في دارها بيت مؤزر بالساج عليه باب من حديد تجعل قماشها فيه والكيس فخبأت الكيس فيه خلف الباب وجلست فأفطرت بين يديه فقال اللص الساعة تقفله وتنام وأنزل وأقلع الباب وآخذ الكيس فلما أفطرت قامت تصلي ومدت الصلاة ومضى نصف الليل وتحير اللص وخاف أن يدركه الصبح فطاف في الدار فوجد إزاراً جديداً وبخور فاتزر بالإزار وأوقد البخور وأقبل ينزل على الدرجة ويصيح بصوت غليظ ليفزع العجوز وكانت جلدة ففطنت أنه لص فقالت من هذا بارتعاد وفزع فقال أنا جبريل رسول رب العالمين أرسلني إلى ابنك هذا الفاسق لأعظه وأعامله بما يمنعه عن ارتكاب المعاصي فأظهرت أنها قد غشي عليها من الفزع وأقبلت تقول يا جبريل سألتك إلا رفقت به فإنه واحدي فقال اللص ما أرسلت لقتله قالت فبم أرسلت قال لآخذ كيسه وأولم قلبه بذلك فإذا تاب رددته عليه فقالت يا جبريل شأنك وما أمرت به فقال تنحي عن باب البيت وفتح هو الباب ودخل ليأخذ الكيس والقماش واشتغل في تكويره فمشت العجوز قليلاً قليلاً وجذبت الباب وجعلت الحلقة في الرزة وجاءت بقفل فقفلته فنظر اللص إلى الموت ورام حيلة، نقب أو منقذ فلم يجد فقال افتحي لأخرج فقد أتعظ ابنك فقالت يا جبريل أخاف أن أفتح الباب فتذهب عيني من ملاحظة نورك فقال إني أطفئ نوري حتى لا يذهب بعينيك فقالت يا جبريل ما يعوزك أن تخرج من السقف أو تخرق الحائط بريشة من جناحك ولا تكلفني أنا لتغوير بصري فأحس اللص أنها جلدة فأخذ يرفق بها ويداريها ويبذل التوبة فقالت دع عنك هذا لا سبيل إلى الخروج إلا بالنهار وقامت فصلت وهو يسألها حتى طلعت الشمس وجاء ابنها وعرف خبرها وحدثته الحديث فأحضر صاحب الشرطة وفتح الباب وقبض على اللص. الباب التاسع والعشرون في ذكر طرف من أخبار فطن الصبيان أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب النحوي قال أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة قال أخبرنا أبو طاهر المخلص قال أنبأنا أحمد بن سليمان بن داود الطوسي قال أخبرنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن الضحاك أن عبد الملك بن مروان قال لرأس الجالوت أو لابن رأس الجالوت ما عندكم من الفراسة في الصبيان قال ما عندنا فيهم شيء لأنهم يخلقون خلقاً بعد خلق أغيرانا نرمقهم فإن سمعنا منهم من يقول في لعبه من يكون معي رأيناه ذاهمة وحنو صدق فيه وإن سمعناه يقول مع من أكون كرهناها منه فكان أول ما علم من ابن الزبير أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبي فرم رجل فصاح عليهم ففررا ومشى ابن الزبير القهقهري وقال يا صبيان اجعلوني أميركم وشدوا بنا عليه ومر به عمر بن الخطاب وهو صبي يلعب مع الصبيان ففروا ووقف فقال له مالك لم تفر مع أصحابك قال يا أمير المؤمنين لم أجرم فأخاف ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك. أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز قال أنبأنا الحسن بن علي الجوهري قال أخبرنا ابن حيوية قال أخبرنا أحمد بن معروف قال أنبأنا الحسين بن الفهم قال حدثنا محمد بن سعد قال أنبأنا حجاج بن نصر قال حدثنا قرة بن خالد عن هارون بن زياب قال حدثنا سنان بن مسلمة وكان أميراً على البحرين قال كنا أغيلمة بالمدينة في أصول النخل نلتقط البلح الذي يسمونه الخلال فخرج إلينا عمر بن الخطاب فتفرق إلينا عمر بن الخطاب فتفرق الغلمان وثبت مكاني فلما عشيني قلت يا أمير المؤمنين إنما هذا ما ألقت الريح قال أرني أنظر فإنه لا يخفي علي قال فنظر في حجري فقال صدقت فقلت يا أمير المؤمنين ترى هؤلاء الغلمان والله لئن انطلقت لأغاروا علي فانتزعوا ما في يدي قال فمشى معي حتى بلغني مأمني. قال، قال أبو محمد الترمذي كنت أؤدب المأمون وهو في حجر يعلمه الجوهري قال فأتيته يوماً وهو داخل فوجهت إليه بعض خدامه يعلمه بمكاني فأبطأ عليّ ثم وجهت آخر فأبطأ فقلت لسعيد أن هذا الفتى ربما تشاغل بالبطالة وتأخر قال أجل ومع هذا إنه إذا فارقك تعزم على خدمه ولقوا منه أذى شديداً فقومه بالأدب فلما خرج أمرت بحمله فضربته سبع درر قال فإنه ليدلك عينيه من البكاء إذ قيل جعفر بن يحيى قد أقبل فأخذ منديلاً فمسح عينيه من البكاء وجمع ثيابه وقام إلى فرشه فقعد عليه متربعاً ثم قال ليدخل فقمت عن المجلس وخفت أن يشكوني إليه فألقى منه ما أكره بوجهه وحدثه حتى أضحكه وضحك إليه فلما هم بالحركة بدابته ودعا غلمانه فسعوا بين يديه ثم سأل عني فجئت فقال خذ على بقية حزني فقلت أيها الأمير أطال الله بقاءك لقد خفت أن تشكوني إلى جعفر بن يحيى ولو فعلت ذلك لتنكر لي فقال تراني يا أبا محمد كنت اطلع على هذا فكيف بجعفر بن يحيى حتى أطلعه أنني أحتاج إلى أدب إذن يغفر الله لك بعد الظنك ووجيب قلبك خذ في أمرك فقد خطر ببالك ما لا تراه أبداً لوعدت في كل يوم مائة مرة. قال الحسن القزويني سمعت أبا بكر النحوي يقول من ألطف رقعة كتبت في الاعتذار رقعة كتبها الراضي إلى أخيه أبي إسحاق المتقي وقد كان جرى بينهما كلام بحضرة المؤدب وكان الأخ قد تعدى على الراضي فكتب إليه الراضي بسم الله الرحمن الرحيم أنا معترف لك بالعبودية فرضاً وأنت معترف إليّ بالأخوة فضلاً والعبد يذنب والمولى يعفو وقد قال الشاعر: يا ذا الذي يغضب من غير شيء ... أعتب فعتباك حبيب إلي أنت على أنك لي ظالم ... أعز خلق الله طراً علي قال فجاءه أبو إسحاق فأكب عليه فقام إليه الراضي فتعانقا واصطلحا والله أعلم حدثنا عبيد الله بن المأمون قال غضب المأمون على أمي أم موسى فقصدني لذلك حتى كاد يتلفني فقلن له يوماً يا أمير المؤمنين إن كنت غضبان على ابنة عمك فعاقبها بغيري فإني منك قبلها ولك دونها قال صدقت والله يا عبيد الله إنك مني قبلها ولي دونها والحمد لله الذي أظهر لي هذا منك وبين لي هذا الفضل فيك لا ترى والله بعد يومك هذا مني سوأ ولا ترى إلا ما تحب فكان ذلك سبب رضاه عن أمي. قال الأصمعي بينا أنا في بعض البوادي إذا أنا بصبي أو قال صبية معه قربة قد غلبته فيها ماء وهو ينادي يا أبت أدرك فاها غلبني فوهاً لا طاقة لي بفيها قال فوالله لقد جمع العربية في ثلاث قال الصولي قال الجاحظ قال ثمامة دخلت إلى صديق لي أعوده وتركت حماري على الباب ولم يكن معي غلام ثم خرجت وأنا فوقه صبي فقلت أتركب حماري بغير إذني قال خفت أن يذهب فحفظته لك قلت لو ذهب كان أحب إليّ من بقائه قال فإن كان هذا رأيك في الحمار فاعمل على أنه قد ذهب وهبه لي واربح شكري فلم أر ما أقول قال رجل من أهل الشام قدمت المدينة فقصدت منزل إبراهيم بن هرمة فإذا بنية له صغيرة تلعب بالطين فقلت لها ما فعل أبوك قالت وفد إلى بعض الأجواد فما لنا به علم منذ مدة فقلت انحري لنا ناقة فأنا أضيافك قالت والله ما عندنا قلن فشاة قالت والله ما عندنا قلت فدجاجة قالت والله ما عندنا قلت فبيضة قالت والله ما عندنا قلت فباطل ما قال أبوك: كم ناقة قد وجأت منحرها ... بمستهل الشؤبوب أو جمل قالت فذاك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء قال بشر بن الحرث أتيت باب المعافى بن عمران فدققت الباب فقيل لي من قلت بشر الحافي قالت لي بنية من داخل الدار لو اشتريت نعلاً بدانقين ذهب عنك اسم الحافي وبلغنا أن المعتصم ركب إلى خاقان يعوده والفتح صبي يومئذ فقال له المعتصم أيما أحسن دار أمير المؤمنين أو دار أبيك قال إذا كان أمير المؤمنين في دار أبي أحسن فأراه فصافى يده فقال هل رأيت يا فتح أحسن من هذا الفص فقال نعم اليد التي هو فيها. قال أبو علي البصير توفي أبي وأنا صغير فمنعت ميراثي فقدمت منازعاً إلى القاضي فقال لي بلغت، قلت نعم، قال ومن يعلم بذاك، قلت من انعظ عليه فتبسم وأمر بفك حجري. بلغنا أن إياس بن معاوية تقدم وهو صبي إلى قاضي دمشق ومعه شيخ فقال أصلح الله القاضي هذا الشيخ ظلمني واعتدى علي وأخذ مالي فقال القاضي أرفق به ولا تستقبل الشيخ بمثل هذا الكلام فقال إياس أصلح الله القاضي أن الحق أكبر مني ومنه ومنك قال اسكت قال إن سكت فمن يقوم بحجتي قال تكلم بخير فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له فرفع صاحب الخبر هذا الخبر فعزل القاضي وولى إياس مكانه. نظر المأمون إلى ابن صغير له في يده دفتر فقال ما هذا بيدك فقال بعض ما تسجل به الفطنة وينبه من الغفلة ويؤنس من الوحشة، فقال المأمون الحمد لله الذي رزقني من ولدي من ينظر بعين عقله أكثر ما ينظر بعين جسمه وسنه. قال الفرزدق لغلام حدث أيسرك إني أبوك، قال لا ولكن أمي ليصيب أبي من أطايبك. قعد صبي مع قوم يأكلون فبكى قالوا مالك تبكي قال الطعام حار قالوا فدعه حتى يبرد قال أنتم لا تدعونه. قال الأصمعي قلت لغلام حدث السن من أولاد العرب أيسرك أن يكون لك مائة ألف درهم وإنك أحمق فقال لا والله قلت ولم قال أخاف أن يجني على حمقي جناية تذهب مالي ويبقى على حمقي. بلغنا أن صبياً لقي رجلاً عاقلاً فقال له إلى أين تمضي فقال إلى المطبق قال أوسع خطوتك. ادخل على الرشيد صبي له أربع سنين فقال له ما تحب أن أهب لك قال حسن رأيك. الباب الثلاثون في ذكر طرف من فطن عقلاء المجانين حدثنا محمد بن إسماعيل قال كان عندنا رجل من جهينة يكنى أبا نصر قد ذهب عقله فقلت له يوماً ما السخاء قال جهد مقل قلت فما الخل قال أف وحول وجهه، فقلت أجنبي قال قد أجبتك. قال الشبلي رأيت يوم الجمعة معتوهاً عند جامع الرصافة قائماً عريان وهو يقول أنا مجنون الله أنا مجنون فقلت له لم لا تدخل الجامع وتتوارى وتصلي فأنشأ يقول: يقولون زرنا واقضِ واجب حقنا ... وقد أسقطت حالي حقوقهم عني إذا هم رأوا حالي ولم يأنفوا لها ... ولم يأنفوا منها أنفت لهم مني قال ابن القصاب الصوفي دخلت المارستان فرأيت فيه فتى مصاباً فولعت به وزدت في الولع فأتبعته فصاح وقال انظروا إلى شعور مطرزة وأجساد معطرة قد جعلوا الولع بضاعة والسخف صناعة فقلت له من السخي قال الذي رزق أمثالكم وأنتم لا تساوون قوت يوم قلت له من أقل الناس شكر فقال من عوفي من بلية ثم رآها في غيره فترك الشكر فانكسرت بذلك وقلت له ما الظرف قال خلاف ما أنتم عليه. بلغني عن بعض أصحاب المبرد أنه قال انصرفت من مجلس المبرد يوماً فجزت بخربة فإذا بشيخ قد خرج منها ومعه حجر فهم أن يرميني به فتترست بالمحبرة والدفتر فقال مرحباً بالشيخ فقلت وبك قال من أين أقبلت قلت من مجلس المبرد قال البارد ثم قال ما الذي أنشدكم فكان من عادته أن يختم مجلسه ببيت أو بيتين من الشعر فقلت له أنشدنا: أعار الغيث نائله ... إذا ما ماؤه تفدا وإن أسد شكا جبناً ... أعار فؤاده الأسدا فقال أخطأ قائل هذا الشعر قلت كيف قال ألا تعلم أنه إذا أعار الغيث نائله بقي بلا نائل وإذا عار الأسد فؤاده بقي بلا فؤاد قلت فكيف كان يقول فانشد: علم الغيث الندى فإذا ... ما وعاء علم البأس الأسد فإذا الغيث مقر بالندى ... وإذا الليث مقر بالجلد قال فكتبت وانصرفت ثم مررت يوماً آخر بذلك المكان فإذا به قد خرج وبيده حجر فكان يرميني فتترست منه فضحك وقال مرحباً بالشيخ فقلت وبك قال من مجلس المبرد قلت نعم قال ما الذي أنشدكم قلت أنشدنا: إن السماحة والمروءة والندى ... قبر يمر على الطريق الواضح فإذا مررت بقبره فأعقربه ... كوم الجياد وكل طرف سابح فقال أخطأ قائل هذا الشعر فقلت كيف قال ويحك لو نحرت بخت خراسان لما أبر في حقه قلت كيف كان يقول فأنشد: احملاني إن لم يكن لكما عقر ... إلى جنب قبره فاعقراني وانضجا من دمي عليه فقد كان ... دمي من نداه لو تعلمان قال فلما عدت إلى المبرد قصصت عليه القصة فقال أتعرفه قلت لا قال ذلك خالد الكاتب تأخذه السوداء أيام الباذنجان. قال علي بن الحسين الرازي مر بهلول بقوم في أصل شجرة وكانوا عشرة فقال بعضهم لبعض قالوا حتى نسخر ببهلول ما قالوا فجاءهم فقالوا يا بهلول تصعد لنا رأس هذه الشجرة وتأخذ عشرة دراهم قال نعم فأعطوه عشرة دراهم فصيرها في كمه ثم التفت فقال هاتوا سلماً فقالوا لم يكن هذا في الشرط فقال كان في شرطي دون شرطكم. ولد لبعض أمراء الكوفة بنت، فساءه ذلك وامتنع عن الطعام فدخل عليه بهلول فقال ما هذا الحزن أجزعت بخلق سوي وهبه رب العالمين أيسرك أن مكانها أبناء مثلي فسرى عنه. وفر يوماً بهلول من الصبيان فالتجأ إلى دار فوجد بابها مفتوحاً فدخلها وصاحب الدار قائم له ضفيرتان فصاح ما أدخلك داري فقال يا ذا القرنين أن ياجوج وماجوج مفسدون في الأرض. وحمل عليه الصبيان يوماً فدخل داراً فدعا الرجل بالطعام فجعل الصبيان يصيحون على الباب وهو يأكل ويقول فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب. وسئل بهلول عن رجل مات وخلف أبناء وبنتاً وزوجة ولم يترك من المال شيئاً فقال للابن اليتيم وللبنت الثكل وللزوجة خراب البيت وما بقي فللعصبة قال ودخل بهلول وعليان على موسى بن المهدي فقال ليليان إيش معنى عليان فقال عليان وإيش معنى موسى فقال حذوا برجل ابن الفاعلة فالتفت عليان إلى بهلول وقال خذ إليك كنا اثنين صرنا ثلاثة. كان في بني أسد مجنون فمر بقوم من بني تيم الله فبعثوا به وعذبوه فقال يا بني تيم الله ما ألم في الدنيا قوماً خيراً منكم قالوا وكيف قال بنو أسد ليس فيهم مجنون غيري وقد قيدوني وسلسلوني وكلكم مجانين ليس فيكم مقيد. ومر مجنون بمعتزلي يناظر فقال له المجنون أنت القائل أنك مخير بين فعلين إن شئت فعلت أحدهما دون الآخر قال نعم فاخرء ولا تبل، فعجب الناس من قوله. قال أبو محمد بن عجيف مربي مجنون فقلت يا مجنون قال وأنت عاقل قلت نعم قال كلا يا مجنون ولكن جنوني مكشوف وجنونك مستور قلت فسر لي قلت قال أنا أخرق الثياب وارجم وأنت تعمر دار لا بقاء لها وتطيل أملك وما حياتك بيدك وتعصي وليك وتطيع عدوك قال النظام قلت لمجنون اجلس ها هنا حتى أرجع فقال أما ترجع فلا أضمن لك ولكني أجلس إلى الليل. ادعى رجل النبوة وزعم أنه نوح فصلب فمر به مجنون فقال يا نوح لم تحصل من سفينتك إلا على الدقل. بعث هلال بن أبي بردة إلى أبي علقمة المجنون فلما أتى به قال تدري لم أحضرتك قال لا قال لا ضحك منك قال لقد ضحك أحد الحكمين من صاحبه يعرض بجده أبي موسى. الباب الحادي والثلاثون في ذكر طرف من أخبار النساء والمتفطنات حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قلت يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً فيه شجراً كل منها ووجدت شجراً لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك قال في التي لم يرتع منها نعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها. حدثنا القاسم بن محمد عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج في سفر أقرع بين نسائه فطارت القرعة على عائشة وحفصة فخرجتا معه جميعاً فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سار بالليل سار مع عائشة يتحدث معها فقالت حفصة لعائشة إلا تركبين بعيري وأركب بعيرك فتنظرين وانظر قالت بلى فركبت عائشة على بعير حفصة وركبت حفصة على بعير عائشة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم ثم صار معها حتى نزلوا ففقدت النبي صلى الله عليه وسلم فغارت فلما نزلت جعلت تدخل رجليها بين الاذخر وتقول يا رب سلط عليّ عقرباً يلدغني رسولك لا أستطيع أن أقول شيئاً. عن عبد الله بن مصعب قال، قال عمر بن الخطاب لا تزيدوا في مهر النساء على أربعين أوقية وإن كانت بنت ذي الغصة يعني يزيد بن الحصين الصحابي الحارثي فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال فقالت امرأة من صنف النساء طويلة في أنفها فطس ما ذاك لك قال ولم قالت لأن الله عز وجل قال وآتيكم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً قال عمر امرأة أصابت ورجل أخطأ. عن محمد بن معين الغفاري قال أتت امرأة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه وهو يعمل بطاعة الله فقال لها نعم الزوج زوجك فجعلت تكرر عليه القول وهو يقرر عليها الجواب فقال له كعب الأسدي يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه فقال له عمر كما فهمت كلامها فاقض بينهما فقال كعب عليّ بزوجها فأتى به فقال أن امرأتك هذه تشكوك قال أفي طعام أو شرب قال لا فقالت المرأة: يا أيها القاضي الحكيم أرشده ... إلهي خليلي عن فراشي مسجده زهده في مضجعي تعبده ... نهاره وليله ما يرقده ولست في أمر النساء أحمده فقال زوجها: زهدت في فراشها وفي الحجل ... إني امرؤ أذهلني ما قد نزل في سورة النمل وفي السبع الطول ... وفي كتاب الله تخويف جلل فقال كعب: إن لها حقاً عليك يا رجل ... تصيبها في أربع لمن عقل فأعطها ذاك ودع عنك العلل ثم قال إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع فذلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ولها يوم وليلة فقال عمر والله ما أدري من أي أمريك أعجب أفمن فهمك أمرها أم من حكمك بينهما اذهب فقد وليتك قضاء البصرة. عن عبد الله بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم قالت لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر حمل أبو بكر معه جميع ماله خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم فأتاني جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال أرى هذا والله قد فجعكم بن له مع نفسه فقلت كلا يا أبت قد ترك لنا خيراً كثيراً فعمدت إلى أحجار جعلها في كوة البيت كان أبو بكر يحصل ماله وغطيت على الأحجار بثوب ثم جئت به فأخذت بيده ووضعتها على الثوب وقلت ترك لنا هذا فجعل يجدمس الحجارة من وراء الثوب فقال أما إذا ترك لكم هذا فنعم ولا والله ما ترك لنا قليلاً ولا كثيراً. قال الأصمعي أتت امرأة حاتم بن عبد الله ابن أبي بكرة فقالت له أتيتك من بلاد شاسعة ترفعني رافعة وتخفضني خافضة لممات من الأمور حللن بي فبرين لحمي ووهن عظمي وتركتني والهة كالحريض قد ضاق بي البلد العريض هلك الوالد وغاب الوافد وعدم الطارف والتالد فسألت في حياء العرب عن المرجو سببه المحمود نائله الكريم شمائله فدللت عليك وأنا امرأة من هوزان فافعل بي أحد ثلاث إما أن تقيم أودي وإما أن تحسن صفدي وإما أن تردني إلى بلدي فقال بل أجمعهن إليك وحباً وكرامة. قال الأصمعي مات ابن لأعرابية فما زالت تبكي حتى خدد الدمع خدها ثم استرجعت فقالت اللهم إنك قد علمت فرط حب الوالدين لولدها فلذلك لم تأمرهما ببره وعرفت قدر عقوق الولد لوالديه فمن أجل ذلك حضضته على طاعتها اللهم إن ولدي كان من البار بوالديه على ما يكون الوالدان بولدهما فأجزه مني بذلك صلاة ورحمة ولقه سروراً ونضرة فقال لها أعرابي نعم ما دعوت له لولا أنك شبته من الجزع بما لا يجدي فقالت إذا وقعت الضرورات لم يجر عليها حكم المكتسبات وجزعي على ابني غير ممكن في الطاقة صرفه ولا في القدرة منعه والله ولي عذري بفضله فقد قال عز وجل فمن اضطر غير باغٍ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم. قال أبو الحسن المدائني دخل عمران بن حطان يوماً على امرأته وكان عمران قبيحاً ذميماً قصيراً وقد تزينت وكانت امرأة حسناء فلما نظر إليها ازدادت في عينه جمالاً وحسناً فلم يتمالك أن يديم النظر إليها فقالت ما شأنك قال لقد أصبحت والله جميلة فقالت أبشر فإني وإياك في الجنة قال ومن أين علمت ذلك قالت لأنك أعطيت مثلي فشكرت وابتليت سلامته بمثلك فصبرت والصابر والشاكر في الجنة. قال المصنف أدام الله سلامته كان عمران بن حطان أحد الخوارج وهو القائل يمدح عبد الرحمن بن ملجم على قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه بمنه وكرمه: يا ضربة من تقى ما أراد بها ... غلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره يوماً فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا أكرم بقوم بطون الأرض أقبرهم ... لم يخلطوا دينهم بغياً وعدوانا فبلغت هذه الأبيات القاضي أبا الطيب الطبري فقال مجيباً له على الفور: إني لأبرأ مما أنت قائله ... على ابن ملجم الملعون بهتانا إني لأذكره يوماً فألعنه ... ديناً وألعن عمراناً وحطانا عليك ثم عليه الدهر متصلاً ... لعائن الله أسرار وأعلانا فأنتم من كلاب النار جاء به ... نص الشريعة تبياناً وبرهانا أشار أبو الطيب إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج كلاب النار قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي حدثني أبو المشيع قال خرج كثير يلتمس عزة ومعه شنينة فيها ماء فأخذه العطش فتناول الشنينة فإذا هي عظم، ما فيها شيء من الماء فرفعت له نار فأمها فإذا بقربها مظلة بفنائها عجوز فقالت من أنت قال أنا كثير قالت قد كنت أتمنى ملاقاتك فالحمد لله الذي أرانيك قال وما الذي تلتمسينه مني قالت ألست القائل: إذا ما أتينا خله كي نزيلها ... أبينا وقلنا الحاجبية أول سنوليك عرفاً إن أردت وصالنا ... ونحن لتلك الحاجبية أوصل قال بلى قالت أفلا قلت كما قال سيدك جميل: يا رب عارضة علينا وصلها ... بالجد تخلطه بقول الهازل فأجبتها في القول بعد تأمل ... حبي بثينة عن وصالك شاغلي لو كان في قلبي كقدر قلامة ... فضلاً لغيرك ما أتتك رسائلي قلت دعي هذا واسقيني قالت والله لا أسقيك شيئاً قلت ويحك أن العطش قد أضر بي قالت ثكلت بثينة إن طعمت إن عندي قطرة ماء فكان جهده أن ركض راحلته ومضى يطلب الماء فما بلغه حتى أضحى النهار وكاد يقتله العطش. قال دخل ذو الرمة الكوفة فبينا هو يسير في شوارعها على نجيب له إذ رأى جارية سوداء واقفة على باب دار فاستحسنها ووقعت بقلبه فدنا إليها فقال يا جارية اسقني ماء فأخرجت إليه كوزاً فشرب فأراد أن يمازحها ويستدعي كلامها فقال يا جارية ما أحر ماءك فقلت لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حر مائي وبرده فقال لها وأي شعري له عيب ألست ذا الرمة قال بلى قالت: فأنت الذي شبهت عنزاً بقفزة ... لها ذنب فوق استها أم سالم جعلت لها قرنين فوق جبينها ... وطبسين مسودين مثل المحاجم وساقين إن يستمكنا منك يتركا ... بجلدك يا غيلان مثل المآثم أيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النقا أأنت أم أم سالم قال نشدتك بالله إلا أخذت راحلتي وما عليها ولم تظهري هذا ونزل راحلته فدفعها إليها فذهب ليمضي فدفعتها إليه وضمنت له ألا تذكر لأحد ما جرى. قال زهير بن حسن مولى الربيع بن يونس قد الحجاج على الوليد بن عبد الملك فصلى عنده ركعتين وركب الوليد فمشى الحجاج بين يديه فقال له الوليد اركب يا أبا محمد فقال يا أمير المؤمنين دعني أستكثر من الجهاد فإن ابن الزبير وابن الأشعث شغلاني عن الجهاد زمناً طويلاً فعزم عليه الوليد أن يركب ودخل فركب مع الوليد فبينا هو يتحدث ويقول ما فعلت بأهل العراق وفعلت أقبلت جارية فنادت الوليد ثم انصرفت فقال الوليد يا أبا محمد أتدري ما قالت الجارية قال لا قال قالت أرسلتني إليك أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان أن مجالستك هذا الأعرابي وهو في سلاحه وأنت في غلاله غرر فأرسلت إليها أنه الحجاج بن يوسف فراعها ذلك وقالت والله لأن يخلو بن ملك الموت أحب إليّ من أن يخلو بك الحجاج وقد قتل أحباء الله له وأهل طاعته ظلماً وعدواناً فقال الحجاج يا أمير المؤمنين إنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة لا تطلعهن على سرك ولا تستعملهن بأكثر من وثبهن ولا تكثرن مجالستهن صغاراً وذلائم ثم نهض فخرج ودخل الوليد على أم البنين فأخبرها بمقالته فقالت إني أحب أن تأمره بالتسليم علي فسيبلغك بالذي يكون بيني وبينه فغدا الحجاج على الوليد فقال الوليد ائت أم البنين فقال اعفني يا أمير المؤمنين قال فلتفعلن فأتاها فحجبته طويلاً ثم أذنت له ثم قالت له يا حجاج أنت تفتخر على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير وابن الأشعث أما والله لولا أن الله علم أنك أهون خلقه عليه ما ابتلاك بقتل ابن ذات النطاقين ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن الأشعث فلعمري لقد استعلى عليك حتى عجعجت ووالى عليك الهرار حتى عويت فلولا أن أمير المؤمنين نادى في أهل اليمن وأنت في أضيق من القرن فأظلتك رماحهم وعلاك كفاحهم لكنت مأسوراً قد أخذ الذي فيه عيناك وعلى هذا فإن نساء أمير المؤمنين قد نفضن العطر عن غدائرهن وبعنه في أعطية أوليائه وإماماً أشرت على أمير المؤمنين من قطع لذاته وبلوغ أوطاره من نسائه فإن يكن إنما ينفرجن عن مثل أمير المؤمنين فغير مجيبك إلى ذلك وإن كن ينفرجن عن مثل ما انفرجت به أمك البظراء عنك من ضعف الغريزية وقبح المنظر في الخلق والخلق يالكع فما أحقه أن يقتدي بقولك قاتل الله الذي يقول: أسد علي وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر هلا برزت إلى غزالة في الوغا ... أو قد كان قلبك في جناحي طائر ثم أمرت جارية لها فأخرجته فلما دخل على الوليد قال ما كنت فيه يا أبا محمد فقال والله يا أمير المؤمنين ما سكتت حتى كان بطن الأرض أحب إلى من ظهرها قال إنها بنت عبد العزيز. قال ابن السكيت عزم محمد بن عبد الله بن طاهر على الحج فخرجت إليه جارية شاعرة فبكت لما رأت آلة السفر فقال محمد بن عبد الله: دمعة كاللؤلؤ الرط ... ب على الخد الأسيل هطلت في ساعة البي ... ن من الطرف الكحيل ثم قال أجيزي فقالت: حين هم القمر البا ... هر بالأفول إنما يفتح العش ... اق في وقت الرحيل قال أيوب الوزان قال المفضل دخلت على الرشيد وبيد يديه طبق ورد وعنده جارية مليحة شاعرة أديبة قد أهديت إليه فقال يا مفضل قل في هذا الورد شيئاً تشبهها به فأنشأت أقول: كأنه خد مرقوق بقلبه ... فم الحبيب وقد أبدى به خجلا فقالت الجارية كأنه لون خدي حين يدفعني ... كف الرشيد لأمر يوجب الغسلا فقال يا مفضل قم فاخرج فإن هذه الماجنة قد هيجتنا فقمت وأرخيت الستور. قال الأصمعي لما قدم الرشيد البصرة يريد الخروج إلى مكة فخرجت معه فلما صرنا بضرية إذا أنا على شفير الوادي بصبية قدامها قصعة لها وإذا هي تقول: طحنتنا طواحن العوام ... ورمتنا نوائب الأيام فأتينا كمو لمذ أكفا ... لفضالات زادكم والطعام فاطلبوا الأجر والمثوبة فينا ... أيها الزائرون بيت الحرام من رآني فقد رآني ورحلي ... فارحموا غربتي وذل مقامي قال فرجعت إلى أمير المؤمنين فقلت صبية على شفير الوادي وأنشدته ما قالت فعجب فقلت يا أمير المؤمنين أفآتيك بها قال لا بل نحن نذهب إليها قال الأصمعي فوق فعليها أمير المؤمنين فقلت لها أنشديه ما كنت تقولينه فأنشدته ولم تهيه فقال يا مسرور املأ قصعتها دنانير قال فملأها حتى فاضت يميناً وشمالاً. حدثنا ابن الشيظمي قال حججت في سنة قحطة جدبة فبينا أنا أطوف بالكعبة إذ أبصرت جارية من أحسن الناس قداً وقواماً وخلقاً وهي متعلقة بأستار الكعبة تقول إلهي وسيدي ها أنا أمتك الغريبة وسائلتك الفقيرة حيث لا يخفي عليك بكائي ولا يستتر عنك سوء حالي قد هتكت الحاجة حجابي وكشفت الفاقة نقابي فكشفت وجهاً رقيقاً عند الذل وذليلاً عند المسألة طال وعزتك ما حجبه عنه ماء الغنا وصانه ماء الحياء قد جمدت عني كف المرزوقين وضاقت بي صدود المخلوقين فمن حرمني لم ألمه ومن وصلني وكلته إلى مكافأتك ورحمتك وأنت أرحم الراحمين قال فدنوت منها فبررتها ثم قلت لها من أنت وممن أنت فقالت إليك عني من قل ما له وذهب رجاله كيف يكون حاله ثم أنشأت تقول: بعض بنات الرجال أبرزها ... الدهر لما قد ترى وأخرجها أبرزها من جليل نعمتها ... فابتزها ملكها وأحوجها وطالما كانت العيون إذا ... ما خرجت تستشف هودجها إن كان قد ساءها وأحز ... نها فطالما سرها وأبهجها الحمد لله رب معسرة ... قد ضمن الله أن يفرجها قال فسألت عنها فأخبرت أنها من ولد الحسين بن علي رضوان الله عليهم أجمعين. بلغنا أن كثير عزة لقي جميلاً فقال له متى عهدك ببثينة قال ما لي بها عهد منذ عام أول وهي تغسل ثوباً بوادي الدوم فقال له كثير تحب أن أعهدها لك الليلة قال نعم فأقبل راجعاً إلى بثينة فقال له أبوها يا فلان ما ردك أما كنت عندنا قبيل قال بلى ولكن حضرتني أبيات قلتها في عزة قال وما هي قلت: فقلت لها يا عز أرسل صاحبي ... على باب داري والرسول موكل أما تذكرين العهد يوم لقيتكم ... بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل فقالت بثينة اخسأ فقال أبوها ما هاجك يا بثينة قالت كلب لا يزال يأتينا من وراء الجبل بالليل وأنصاف النهار قال فرجع إليه فقال قد وعدتك من وراء هذا الجبل بالليل وأنصاف النهار فالقها إذا شئت. قال مؤلف الكتاب قلت ومن هذا الفن حكي أن أعرابياً بعث غلاماً له إلى امرأة يواعدها موضعاً يأتيها فيه فذهب لغلام وأبلغها الرسالة فكرهت المرأة أن تقر للغلام بما بينهما فقالت والله لئن أخذتك لأعركن أذنك عركة تبكي منها وتستند إلى تلك الشجرة ويغشى عليك إلى وقت العتمة فلم يعرف الغلام معنى هذا الكلام وانصرف إلى صاحبه وحكى له فعلم أنها واعدته تحت الشجرة وقت العتمة قال الصولي سمعت المبرد يقول كنا عند المازني فجاءته أعرابية كانت تغشاه ويهب لها فقالت أنعم الله صاحبك أبا عثمان هل بالرمال أوشال فقال لها يجيء الله بها فقالت: تعلمن أني والذي حج القوم ... لولا خيال طارق عند النوم والشوق من ذكراك ما جئت اليوم فقال المازني قاتلها الله ما أفطنها جاءتني مستمنحة فلما رأت أن لا شيء جعلت المجيء زيارة تمن علينا بها. قال إسماعيل بن حمادة بن أبي حنيفة ما ورد علي مثل امرأة تقدمت فقالت أيها القاضي ابن عمي زوجني من هذا ولم أعلم فلما علمت رددت فقلت لها ومتى قالت وقت ما علمت قلت متى علمت قالت وقت ما رددت فما رأيت مثلها قال حدثنا علي ابن القاسم القاضي قال سمعت أبي يقول كان موسى بن إسحاق لا يرى متبسماً قط فقالت له امرأة أيها القاضي لا يحل أن تحكم بين اثنين وأنت غضبان قال ولم قالت لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان فتبسم. عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال سليمان بن عبد الملك يوماً والشعراء عند قد قلت نصف بيت فأجيزوه. قال: يروح إذا راحوا ويغدوا إذا غدوا، فلم يصنعوا شيئاً، فدخل إلى جارية له فأخبرها فقالت كيف قلت فأنشدها فقالت: وعما قليل لا يروح ولا يغدو. قال الأصمعي كنت عند أمير المؤمنين الرشيد إذ دخل رجل ومعه جارية للبيع فتأملها الرشيد ثم قال خذ جاريتك فلولا كلف في وجهها وخنس في أنفها لاشتريتها فانطلق بها فلما بلغت الستر قالت يا أمير المؤمنين ارددني إليك أنشدك بيتين حضراني فردها فأنشأت تقول: ما سلم الظبي على حسنه ... كلا ولا البدر الذي يوصف الظبي فيه خنس بين ... والبدر فيه كلف يعرف فأعجبته بلاغتها فاشتراها وقرب منزلها وكانت أحظى جواريه عنده. قال الجاحظ رأيت بالعسكر امرأة طويلة القامة جداً ونحن على طعام فأردت أن أمازحها فقلت انزلي حتى تأكلي معنا قالت وأنت فاصعد حتى ترى الدنيا قال الجاحظ أيضاً رأيت امرأة جميلة فقلت ما اسمك قالت مكة فقلت أتأذنين لي أن أقبل الحجر الأسود منك قالت لا إلا بالزاد والراحلة قال مؤلف الكتاب وقد رويت لنا هذه الحكاية على وجه آخر قال الجاحظ رأيت جارية بسوق النخاسين ببغداد ينادي عليها وعلى خدها خال فدعوت بها وجعلت أقلبها فقلت لها ما اسمك قالت مكة فقلت الله أكبر قرب الحج أتأذنين أقبل الحجر الأسود قالت له إليك عني ألم تسمع قول الله تعالى لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس. قال الأصمعي أتي المنصور بسارق فأمر بقطع يده، فانشأ يقول: يدي يا أمير المؤمنين أعيذها ... بحقويك من عار عليها يشينها فلا خير في الدنيا ولا في نعيمها ... إذا ما شمال فارقتها يمينها فقال يا غلام اقطع هذا حد من حدود الله وحق من حقوقه لا سبيل إلى تعطيله قالت أم الغلام واحدي وكادي وكاسبي قال بئس الواحد واحدك وبئس الكاد كادك وبئس الكاسب كاسبك يا غلام اقطع فقالت أم السارق يا أمير المؤمنين أما لك ذنوب تستغفر الله منها قال بلى قالت هبه لي واجعل هذا من ذنوبك التي تستغفر الله منها. وقد رويت لنا هذه الحكاية عن عبد الملك بن مروان فإنه أتى بسارق وثبتت عليه البينة فانشد هذا الشعر وقالت أمه هذا الكلام فقال خلواً سبيله أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابي: وسائلة عن ركب حسان كلهم ... ليبلغ حسان بن زيد سؤالها قال وهي تحب حسان فكرهت أن تخصه فسألت عن الركب جميعاً حتى صارت إليه قال هارون بن عبد الملك بن المأمون لما عرضت الخيزران على المهدي قال لها والله يا جارية إنك لعلى غاية المتمني ولكنك خمشة الساقين فقالت يا أمير المؤمنين إنك أحوج ما يكون إليهما لا تراهما فقال اشتروها فحظيت عنده فأولدها موسى وهارون وحكى أبو بكر الصولي أن المهدي اشترى جارية فاشتد شغفه بها وكانت به أشغف وكانت تتجافاه كثير فدس إليها من عرف ما في نفسها فقالت أخاف أن يملني ويدعني فأموت فأنا أمنع نفسي بعض لذتها منه لأعيش فقال المهدي: ظفرت بالقلب مني ... غادة مثل الهلال كلما صح لها ود ... ي جاءت باعتلال لا تحب الهجر مني ... والتنائي عن وصالي بل لمأمنها على ... حبي لها خوف الملال قال أبو نواس استقبلتني امرأة فأسفرت عن وجهها فكانت على غاية الحسن فقالت ما اسمك قلت وجهك فقالت أنت الحسن إذن. حدثنا رجل من تغلب قال كان فينا رجل له ابنة شابة وكان له ابن أخ يهواها وتهواه فمكثا كذلك دهراً ثم إن الجارية خطبها بعض الأشراف فأرغب في المهر فأنعم أبو الجارية واجتمع القوم للخطبة فقالت الجارية لأمها يا أماه ما يمنع أن يزوجني من ابن عمي قالت أمر كان مقضياً قالت والله ما أحسن رباه صغيراً ثم تدعوه كبيراً ثم قالت لها يا أماه إني والله حامل فاكتمي إن شئت أو نوحي فأرسلت الأم إلى الأب فأخبرته الخبر فقال اكتمي هذا الأمر ثم خرج إلى القوم فقال يا هؤلاء إني كنت أجبتكم وأنه قد حدث أمر رجوت أن يكون فيه الأجر وأنا أشهدكم أني قد زوجت ابنتي فلانة من ابن أخي فلان فلما انقضى ذلك قال الشيخ أدخلوها عليه فقالت الجارية هي بالرحمن كافرة إن دخل عليها من سنة أو تبين حملها قال فما دخل عليها إلا بعد حول فعلم أبوها أنها احتالت عليه. قال الصولي قال العتبي رأيت امرأة أعجبتني صورتها فقلت ألك بعل قالت لا قلت أفترغبين في التزويج قالت نعم ولكن لي خصلة أظنك لا ترضاها قلت وما هي قالت بياض برأسي قال فثنين عنان فرسي وسرت قليلاً فنادتني أقسمت عليك لتقفن ثم أتت موضع خالٍ فكشفت عن شعر كأنه العناقيد السوناي فقلت والله ما بلغت العشرين ولكنني عرفتك أنا نكره منك ما تكره منا قال فخجلت وسرت وأنا أقول: فجعلت أطلب وصلها بتملق ... والشيب يغمزها بأن لا تفعلي حدثنا العتبي قال قال رجل من ولد علي عليه السلام لامرأة أمرك بيدك ثم ندم فقالت أما والله لقد كان بيدك عشرين سنة فأحسنت حفظه وصحبه فلن أضيعه إذا كان بيدي ساعة من نهار وقد رددته إليك فأعجب بذلك من قولها وأمسكها. قال أراد شعيب أن يتزوج امرأة فقال لها إني سيء الخلق فقالت أسوأ منك خلقاً من أحوجك أن تكون سيئاً قال أنت امرأتي قال سمعت الفضل بن إبراهيم يقول مر شاعر بنسوة فأعجبه شانهن فجعل يقول: إن النساء شياطين خلقن لنا ... نعوذ بالله من شر الشياطين قال فأجابته واحدة منهن وجعلت تقول: إن النساء رياحين خلقن لكم ... وكلكم يشتهي شم الرياحين قال أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي كان لرجل من الأعراب ابنة وكان له غلام فراودها عن نفسها فوعدته الليل وأعدت له شفرة حدتها فلما جاءها للميعاد فجبته فخرج يعوي فسمعه مولاه فقال من فعل بك، قال ابنتك فدخل عليها ما صنعت بهذا الغلام فقالت يا أبت إن العبد من نوكه يشرب من سقاء لم يوكه ومن ورد غير مائه صدر بمثل دائه فقال لها شللاً. قال الشرقي بن فطامي كان شن من دهاة العرب فقال والله لأطوفن حتى أجد امرأة مثلي فأتزوجها فسار حتى لقي رجلاً يريد قرية يريدها شن فصحبه فلما انطلقا قال له شن أتحملني أم أحملك فقال الرجل يا جاهل كيف يحمل الراكب الراكب فسارا حتى رأيا زرعاً قد استحصد فقال شن: أترى هذا الزرع قد أكل أم لا فقال يا جاهل أما تراه قائماً فمرا بجنازة فقال أترى صاحبها حياً أو ميتاً فقال ما رأيت أجهل منك أتراهم حملوا إلى القبور حياً ثم سار به الرجل إلى منزله وكانت له ابنة تسمى طبقة فقص عليها القصة فقالت أما قوله أتحملني أم أحملك فأراد تحدثني أم أحدثك حتى تقطع طريقنا وأما قوله أترى هذا الزرع قد أكل أم لا فأراد باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا وأما قوله في الميت فإنه أراد اترك عقبا يحيا به ذكره أم لا فخرج الرجل فحادثه ثم أخبره بقول ابنته فخطبها إليه فزوجه إياها فحملها إلى أهله فلما عرفوا عقلها ودهاءها قالوا وافق شن طبقة. قال حدثني أبو محمد بن داسته أن رجلاً اعترض جارية في الطريق فقال لها أبيدك صنعة قالت لا ولكن برجلي تعني أنها رقاصة. قال المحسن وحدثني أنه سمع امرأة تخاصمت مع زوجها فقالت له طلقني فقال لها أنت حبلى حتى إذا ولدت طلقتك قالت ما عليك منه قال فإيش تعملين به قالت اقعده على باب الجنة فقاعي فقلت لعجوز كانت تتوسط بينهما إيش معنى هذا قالت تريد أنها تشرب ماء السداب وتتحمل سداباً عليه أدوية لتسقط فيلحق الصبي بالجنة فيكون كالفقاعي. قال أبو بكر ابن الأزهر حدثني بعض إخواني أن رجلاً كان بالأهواز وكان له ثروة ونعمة وأهل فسار إلى البصرة مرة فتزوج بها فكان يأتي تلك المرأة في السنة مرة أو مرتين وكان للبصرية عم يكاتبه فوقع كتاب منه في يد الأهوازية فعملت الحال فكتبت إليه من حمية البصري بأن امرأتك قد ماتت فالحق فقرأه ثم أخذ في إصلاح أمره ليخرج فقالت الأهوازية إني أراك مشغول القلب وأظن أن لك بالبصرة امرأة، فقال: معاذ الله فقالت لا أقنع بقولك دون يمينك فتحلف بطلاق كل امرأة لك غائبة أو حاضرة فحلف لها ظناً أن تلك قد ماتت فقالت له لا حاجة لك في الخروج فإن تلك بانت وهي في الحياة. قال علي بن الجهم اشتريت جارية فقلت لها ما أحسبك إلا بكراً فقالت يا سيدي كثرت الفتوح في زمان الواثق وقلت لها ليلة كم بيننا وبين الصبح قالت عناق مشتاق، ونظرت إلى الشمس كاسفة فقالت احتشمت محاسني فانتقبت وقلت لها ليلة نجعل مجلسنا الليلة في القمر فقالت ما أولئك بالجمع بين الضرائر وكانت تكره الحلي وتقول تستر المحاسن كما تغطي القبائح. عرض على المتوكل جارية فقال لها أبكراً أنت أم إيش فقالت أم إيش يا أمير المؤمنين فضحك وابتاعها. وضع المعتضد رأسه في حجر بعض جواريه فجعلت تحت رأسه مخدة ونهضت فلما انتبه قال لم فعلت ذاك وأكبره فقالت كذا علمنا أن لا يقعد قاعد بحضرة من ينام ولا ينام بحضرة قاعد فاستحسن المعتضد ذلك منها واستعقلها. بلغنا عن غريب وكان يقال إنها ابنة جعفر بن يحيى البرمكي وكانت مغنية ذكية شاعرة اشتراها المعتصم بمائة ألف وأعتقها فكتبت إلى بعض الناس أردت ولولا ولعلي، فكتبت تحن أردت ليت وتحت لولا ماذا وتحت لعلي أرجو فمضت إليه قال أبو الحسن بن هلال الصابي حدثنا أبو محمد الحارثي قال كان عندنا بواسط رجل موسر يقال له أبو محمد وكانت عنده مغنية تغني: خليلي هيا نصطبح بسواد فقال لها بالله غني لي: خليلي هيا نصطبح بسهاد، فقالت له إذا عزمت فوجدك. وقال أبو حنيفة خدعتني امرأة أشارت إلى كيس مطروح في الطريق فتوهمت أنه لها فحملته إليها فقالت احتفظ به حتى يجيء صاحبه. لما قتل كمري وزيره بزر جمهر أراد أن يتزوج ابنته فقالت للثقات لو كان ملككم حازماً لما دخل بين شعاره ودثار مأثوره قال رجل لجارية أراد شراءها لا يريبك هذا الشيب الذي ترينه فإن عندي قرة عين فقالت الجارية أيسرك إن عندك عجوزاً مغتلمة. قال ابن المبارك بن أحمد خرج رجل على سبيل الفرجة فقعد على الجسر فأقبلت امرأة من جانب الرصافة متوجهة إلى الجانب الغربي فاستقبلها شاب فقال لها رحم الله علي بن الجهم فقالت المرأة في الحال رحم الله أبا العلاء المعري وما وقفا ومرا مشرقة ومغرباً فتبعت المرأة وقلت لها إن لم تقولي ما قلتما وإلا فضحتك وتعلقت بك فقالت قال لي الشاب رحم الله علي ابن الجهم أراد به قوله: عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري وأردت أنا بتر حمي على المعري قوله: فيا دارها بالحزن مزارها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال قال ابن الزبير لامرأة من الخوارج أخرجي المال من تحت استك، قال فالتفتت إلى من بحضرتها وقالت أنشدكم الله أهذا من كلام الخلفاء، قالوا لا قالت لابن الزبير كيف ترى هذا الخلع الخفي. قال المتنبي قال لي رجل من الهاشميين كتبت إلى امرأتي وأنا في السفر كتاباً تمثلت فيه ببيت لك: بن التعلل لا أهل ولا وطن ... ولا نديم ولا كأس ولا سكن فكتبت إليّ والله ما أنت كما ذكرته في هذا البيت بل أنت كما قال الشاعر: سهرت بعد رحيلي ووحشة لكم ... ثم استمر مريري وارعوى الوسن ونقلت من خط الشيخ أبي الوفاء بن عقيل قال كان بعض قضاة الحنيفة من مذهبه، أنه إذا ارتاب بالشهود فرقهم فشهد عنده رجل وامرأتان فيما يشهد فيه النساء فأراد أن يفرق بين المرأتين على عادته فقالت إحداهما أخطأت لأن الله تعالى قال فتذكر إحداهما الأخرى فإذا فرقت زال المعنى الذي قصده الشرع فأمسك. ذكر أن رجلاً دعا المبرد بالبصرة مع جماعة فغنت جارية من وراء الستار وأنشأت تقول: وقالوا لها هذا حبيبك معرضاً ... فقالت إلا إعراضه أيسر الخطب فما هي إلا نظرة بتبسم ... فتصطك رجلاه ويسقط للجنب فطرب كل من حضر إلا المبرد فقال له صاحب المجلس كنت أحق الناس بالطرب فقالت الجارية: دعه يا مولاي فإنه سمعني أقول هذا حبيبك معرضاً فظنني لحنت ولم يعلم أن ابن مسعود قرأ وهذا بعلي شيخاً قال فطرب المبرد إلى أن شق ثوبه. قال بعضهم حضرت رفيقتين وكانت إحداهما تعبث بكل من تقدر عليه والأخرى ساكتة فقلت للساكتة رفيقتك هذه ما تستقر مع واحد فقالت نعم وهي تقول بالسنة والجماعة وأنا أقول بإثبات القدر. غضب المأمون يوماً على عبد الله بن طاهر فأراد طاهر أن يقصده فورد عليه كتاب من صديق له مقصور على السلام وفي حاشيته يا موسى فجعل يتأمله ولا يعلم معنى ذلك فقالت له جارية وكانت فطنة أراد يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فتيقظ عن قصد المأمون. عرض على رجل جاريتان بكر وثيب فمال إلى البكر، فقالت الثيب لم رغبت فيها وما بيني وبينها إلا يوم، فقالت البكر وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون فأعجبتاه فاشتراهما. قال خاصمت امرأة زوجها في تضييقه عليها وعلى نفسه فقالت والله ما يقيم الفأر في بيتك إلا لحب الوطن وإلا فهو يسترزق من بيوت الجيران. قال الجاحظ قلت لجارية ببغداد أبكر أنت نعوذ بالله من الكساد يعني الثيوبة. جاءت دلالة إلى قوم فقالت عقدي زوج يكتب بالحديد ويختم بالزجاج فرضوا به وزوجوه فإذا هو حجام. قالت دلالة لرجل عندي امرأة كأنها طاقة نرجس فتزوجها فإذا هي عجوز قبيحة فقال كذبت عليّ وغششتيني فقالت لا والله ما فعلت إنما شبهتها بطاقة نرجس لأن شعرها أبيض ووجهها أصفر وساقها أخضر. أعطت امرأة جاريتها درهماً وقالت اشتري هريسة فرجعت فقالت يا سيدتي سقط الدرهم مني فضاع فقالت يا فاعلة تكلميني بفمك كله وتقولين ذهب الدرهم فأمسكت الجارية نصف فمها بيدها وقالت بالنصف الآخر وانكسرت يا سيدتي الزبدية كان رجل يقف تحت روشن امرأة وهي تكره وقوفه قالت فجاء في بعض الأيام وعليه قميص ديبقي قد غسله عند المطري وسقاه نشا وتحته قميص رومي قالت وكان للناس أترج سوسي في الأترجة ثلاثون رطلاً فأخرجت بطيخة وأشارت إليه تعال خذ هذه فجاء فوقف تحت الروشن فقالت أمسك حجرك صلباً حتى لا يقع فتنكسر فلزم حجره فأخرجت البطيخة كأنها ترمي بها وأخذت أترجة فرصت بها في حجره فلم يردها شيء سوى الأرض فجمعه وهرب مستحياً وما عاد بعدها. بكت عجوز على ميت فقيل لها بماذا استحق هذا منك فقالت جاورنا وما فينا إلا من تجب عليه الزكاة. كانت جارية لبعض الأكابر وكانت عفيفة إلا أنها كانت تفحش في مجونها فقال لها مولاها اقصري من هذا الفحش بمحضر من الرجال فقالت أفحش منه عندهم أخذك دراهمهم بسببي وقال لها بعض الحاضرين وكان شيخاً: يا أحسن الناس وجهاً ... مني علي بقبلة فأجاب مسرعة: يا أسمج الناس وجهاً ... وأسخن الناس مقله إذا سمحت لما رم ... ته فأني بذله وكيف يوجد بين الح ... مار والخشف وصله فلا تطف بالغواني ... فما يردنك خمله وكل شيخ تصابى ... على الصبايا فأبله قال رجل لجارية أراد شراءها فسألها عن ثمنها فقال يا جارية كم دفعوا فيك فقالت وما يعلم جنود ربك إلا هو قال حدثني أبو القاسم عبد الله بن محمد الكاتب قال: حدثني بعض الأشراف بالكوفة أنه كان بها رجل حسني يعرف بالأدرع شديد القلب جداً قال وكان في خرائب الكوفة شيء يظهر للمجتازين فيه نار يطول تارة ويقصر أخرى يقولون هو غولة يفزع منه الناس فخرج الأدرع ليلة راكباً في بعض شأنه قال لي الدرع فاعترض لي السواد والنار فطال الشخص في وجهي فأنكرته ثم رجعت إلى نفسي فقلت أما شيطان وغولة فهوس وليس إلا إنساناً فذكرت الله تعالى وصليت على نبيه صلى الله عليه وسلم وجمعت عنان الفرس وقرعته بالمقرعة وطرحته على الشخص فازداد طوله وعظم الضوء فيه فنفر الفرس، فقرعته فطرح نفسه عليه فقصر الشخص حتى عاد على قدر قامة فلما كاد الفرس يخالطه ولى هارباً فحركت خلفه فانتهى إلى خربة فدخلها فدخلت خلفه فإذا هو قد نزل سرداباً فيها فنزلت عن فرسي وشددته ونزلت وسيفي مجرد فحين حصلت في السرداب أحسست بحركة الشخص يريد الفرار مني فطرحت نفسي عليه فوقعت يدي على بدن إنسان فقبضت عليه فأخرجته فإذا هي جارية سوداء فقلت أي شيء أنت وإلا قتلتك الساعة قالت قبل كل شيء أنت إنسي أم جني فما رأيت أقوى قلباً منك قط فقلت أي شيء أنت قالت أمة لآل فلان قوم بالكوفة أبقت منهم سنين فتغربت في هذه الخربة فولد لي الفكر أن أحتال بهذه الحيلة وأوهم الناس أني غولة حتى لا يقرب الموضع أحد وأتعرض ليلاً للأحداث وربما رمى أحدهم منديلاً أو إزاراً فآخذه فأبيعه نهاراً وأقتات به أياماً، قلت فما هذا الشخص الذي يطول ويقصر والنار التي تظهر، قالت كساء معي طويل أسود فأخرجته من السرداب وقضبان مهندية أدخل بعضها في بعض في الكساء وارفعه فيطول فإذا أردت تقصيره رفعت من الأنابيب واحدة واحدة فيقصر والنار فتيلة شمع معي في يدي لا أخرج إلا رأسها مقدار ما يضيء الكساء وأرتني الشمعة والكساء والأنابيب ثم قالت قد جازت هذه الحيلة نيفاً وعشرين سنة واعترضت فرسان الكوفة وشجعانها وكل واحد وكل أحد فما أقدم أحد علي غيرك ولا رأيت أشد قلباً منك فحملها الأدرع إلى الكوفة فردها إلى مواليها فكانت تحدث بهذا الحديث ولم ير بعد ذلك أثر غولة فعلم أن الحديث حق. قال أبو حامد الخراساني القاضي بنى ابن عبد السلام الهاشمي بالبصرة داراً كبيرة ولم يتم له تربيعها إلا بسكن لطيف كان لعجوز في جواره امتنعت من بيعه فبذل لها أضعاف ثمنه فأقامت على الامتناع فشكا إليّ ذلك فقلت هذا أيسر الأمر أنا أوجب عليها بيعة فاضطرها إلى أن تسألك وزن الثمن ثم استدعيتها فقلت يا هذه إن قيمة دارك دون ما دفع لك وقد ضاعفها أضعافاً فإن لم تقبليه حجزن عليك لأن هذا تضييع منك فقالت جعلت فداك فهلا كان هذا الحجر منك على من يزن فيما يساوي درهماً عشرة وتركت منزلي فما أختار بيعه فانقطعت في يدها قال نزل رجل من أهل الحجاز مللاً فسأل أي ماء هذا فقيل له ملل وإذا بين يديه صبية سوداء تلفظ العجم تريد النوي فقال قاتل الله الذي يقول: أخذت على ما الشعيرة والهوى ... على ملل يا لهف قلبي على ملل أي بأبي إنه والله كان له بها شجن لم يكن لك فإن المبرد كان يسار الكواعب عبد الإناس من بني الحرث بن سعد بن قُضاعة وكان راعياً في أبلهم فبعث ببعض نسائهم وكان أسود فخدعته امرأة منهم وأرته إنها قد قبلته وواعدته ليوم فعلم به بعض أصحابه من الرعاة فنهاه عنها وقال له يا يسار كل من لحم الجوار واشرب من لبن العشاء ودع عنك بنات الأحرار فقال له يسار إني إذا جئتها زحكت أراد ضحكت ولاعبتني. فأتاها في اليوم الذي واعدته فيه فقالت مكانك حتى أطيبك فعمدت إليه فجدعت أنفه وأذنه فرجع إلى صاحبه الذي كان نهاه فأنكره فقال من أنت ويلك قال يسار قال فيسار كان لا أنف له ولا أذنين قال أفما ترى ويحك وبيض العينين، فذهبت مثلاً وسمي يسار الكواعب ممن ذكره جرير حين تزوج الفرزدق إحدى بني نساء شيبان وزاد في مهرها فعيره جرير بذلك فقال: وإني لأخشى إن خطبت اليهمو ... عليك الذي لاقى يسار الكواعب قال ابن قتيبة جاءتني جارية بهدية فقلت لها قد علم مولاك إني لا أقبل الهدية قالت ولم قلت أخشى أن يستمد مني علماً لأجل هديته فقالت ما استمد الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر وقد كان يقبل الهدية فقبلتها فكانت الجارية أفقه مني. قال وبلغنا أن رجلاً ابتلى بمحبة امرأة فأتى أبا حنيفة فأخبره أن ماله قليل وأنهم إن علموا بذلك لم يزوجوه فقال له أبو حنيفة أتبيعني أحيلك باثني عشر ألف درهم قال لا قال فأخبر القوم إني أعرفك فمضى فخطبها فقالوا من يعرفك فقال أبو حنيفة فسألوا أبا حنيفة عنه فقال ما أعرفه إلا أنه حضر عندي يوماً فسووم في سلعة له باثني عشر ألف درهم فلم يبع فقالوا هذا يدل على أنه ذو مال فزوجوه فلما تيقنت المرأة حاله قالت لا يضيق صدرك وهذا مالي بحكمك ثم مضت إلى أبي حنيفة في حليها وحللها فقالت: فتوى، فدخلت فأسفرت عن وجهها فقال تستري فقالت ما يمكن قد وقعت في أمر لا يخلصني منه ألا أنت أنا بنت هذا البقال الذي على رأس الدرب وقد بلغت عمراً واحتجت إلى الزوج وهو لا يزوجني ويقول لمن يخطبني ابنتي عوراء قرعاء شلاء ثم حسرت عن وجهها ورأسها ويديها ويقول بنتي زمنة وكشفت عن ساقيها وأريد أن تدبرني فقال ترضين أن تكوني لي زوجة فقبلت قدميه وقالت من لي بغلامك فقال امضي في دعة الله فخرجت فأحضر البقال ودفع إليه خمسين ديناراً وقال زوجني ابنتك فكتب كتاباً بمائة دينار فقال البقال يا سيدي استر ما ستر الله أنا لي بنت أزوجك قال دع هذا عنك رضيت بابنتك القرعاء الشلاء الزمنة فزوجه على المائة والخمسين ومضى فحدث زوجته فقالت والله لا كان إلا يكون هذا إلا على يد أبي حنيفة فلما كان عشية تلك الليلة أجلسها أبوها في صن وحملها بينه وبين غلامه فلما رآها أبو حنيفة قال ما هذا فقال البقال اشهد على طلاق أمها إن كانت بنت غيرها فقال أبو حنيفة هي طالق ثلاثاً أعد على الكتاب وأنت في حل من الخمسين وبقي أبو حنيفة متفكر أشهراً ثم جاءت تلك المرأة إليه فقال ما حملك على ما فعلت فقالت وأنت ما حملك على أن غررتنا برجل فقير. قال أبو الحسن البيبي مؤذن المسترشد بالله قال حدثني بعض التجار المسافرين قال كنا نجتمع من بلاد شتى في جامع عمرو بن العاص نتحدث، فبينما نحن جلوس يوماً نتحدث وإذا بامرأة بقربنا في أصل سارية فقال لها رجل من التجار من البغداديين ما شأنك فقالت أنا امرأة وحيدة غاب عني زوجي منذ عشر سنين ولم أسمع له خبراً فقصدت القاضي ليزوجني فامتنع وما ترك لي زوجي نفقة وأريد رجلاً غريباً يشهد لي هو وأصحابه أن زوجي مات أو طلقني لأتزوج أو يقول أنا زوجها ويطلقني عند القاضي لأصبر مدة العدة وأتزوج فقال لها الرجل تعطيني ديناراً حتى أصير معك إلى القاضي وأذكر له إني زوجك وأطلقك فبكت وقالت والله ما أملك غير هذه وأخرجت أربع رباعيات فأخذها منها ومضى معها إلى القاضي وأبطأ علينا فلما كان من الغد لقيناه فقلنا ما أبطأك فقال دعوني فإني حصلت في أمر ذكره فضيحة قلنا أخبرنا قال حضرت معها إلى القاضي فادعت علي الزوجية والغيبة عشر سنين وسألت أن أخلي سبيلها فصدقتها على ذلك، فقال لها القاضي أتبرئينه قالت لا والله لي عليه صداق ونفقة عشر سنين وأنا أحق بذلك فقال لي القاضي أديها حقها ولك الخيار في طلاقها أو إمساكها فورد على ما بلسني ولم أتجاسر أن أحكي صورتي معها فلا أصدق فتقدم القاضي بتسليمي إلى صاحب الشرطة فاستقر الأمر على عشرة دنانير أخذتها مني وغرمت للوكلاء وأعوان القاضي الأربع رباعيات التي أعطتني ومثلها من عندي فضحكنا منه فخجل وخرج من مصر فلم يعرف له خبر. قال ونقل من خط الشيخ أبي الوفاء بن عقيل قال حكي لي بعض الأصدقاء أن امرأة جلست على باب دكان بزار أعزب إلى أن أمست فلما أراد غلق الدكان تراءت له فقال لها ما هذا المساء فقالت والله مالي مكان أبيت فيه فقال لها تمضين معي إلى البيت فقالت نعم فمضى بها إلى بيته وعرض عليها التزويج فأجابت فتزوجها وبقيت عنده أياماً وإذا قد جاء في اليوم الرابع رجل ومعه نسوة فطلبوها فأدخلهم وأكرمهم وقال من أنتم منها فقالوا أقاربها ابن عم وبنات عم وقد سررنا بما سمعنا من الوصلة غير أنا نسألك أن تتركها تزورنا لعرس بعض أقاربنا فدخل إليها فقالت لا تجبهم إلى ذلك وأحلف بطلاقي إنك لا خرجت من داري شهر ليمضي زمن العرس فأنه أصلح لي ولك وإلا أخذوني وأفسدوا قلبي عليك فإني كنت غضبى وتزوجت إليك بغير مشاروتهم ولا أدري من قد دلهم إليك فخرج فحلف كما ذكرت له فخرجوا مأيوسين وأغلق الباب وخرج إلى الدكان وقد علق قلبه بالمرأة فخرجت ولم تستصحب من الدار شيئاً فجاء فلم يجدها فقال قائل ترى ما الذي قصدت قال أبو الوفاء لعلها مستحلة به لأجل زوج طلقها ثلاثاً فليتخوف الإنسان من مثل هذا وليطلع به على غوامض حيل الناس. الباب الثاني والثلاثون فيما ذكر عن الحيوان البهيم مما يشبه كلام الآدميين أخبرنا أبو سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن في أحد جناحي الذباب داء وفي الآخر شفاء وأنه ليتقي بالذي فيه الداء فإذا وقع في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه وعن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً كان يبيع الخمر في سفينة وكان يشوبه بالماء وكان معه في السفينة قرد فأخذ القرد الكيس الذي فيه الدنانير فصعد ذروة الدقل ففتح الكيس فجعل يلقي في البحر ديناراً وفي السفينة ديناراً حتى لم يبق فيه شيء قال محمد بن ناصر قدم رجل على بعض السلاطين وكان معه عامل إرمينية منصرفاً إلى منزله فمر في طريقه بمقبرة وإذا قبر عليه قبة مبنية مكتوب عليها هذا قبر الكلب فمن أحب أن يعلم خبره فليمضِ إلى قرية كذا وكذا فإن فيها من يخبره فسأل الرجل عن القرية فدلوه عليها فقصدها وسأل أهلها فدلوه على شيخ قد جاوز المائة فسأله فقال كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن وكان مشتهراً بالنزهة والصيد والسفر وكان له كلب قد رباه لا يفارقه فخرج يوماً إلى بعض منتزهاته وقال لبعض غلمانه قل للطباخ يصلح لنا ثردة لبن فقد اشتهيتها فأصلحوها ومضى منتزهه فوجه الطباخ فجاء بلبن وصنع له ثردة عظيمة ونسي أن يغطيها بشيء واشتغل بطبخ أشياء آخر فخرج من بعض شقوق الحيطان أفعى فكرع في ذلك اللبن ومج في الثردة من سمه والكلب رابض يرى ذلك كله ولو كان في الأفعى حيلة لدفعها وكان هناك جارية طفلة خرساء زمنة قدرات ما صنع الأفعى ووافى الملك من صيد في آخر النهار فقال يا غلمان أول ما تقدمون إلى الثردة فلما وضعت بين يديه أومأت الخرساء إليه فلم يفهم ما تقول ونبح الكلب وصلح فلم يلتفت إليه ولج في الصياح فلم يعلم مراده فأخذ ورمى إليه بما كان يرمي في كل يوم فلم يقربه ولج في الصياح فقال للغلمان نحوه عنا فإن له قصة ومد يده إلى اللبن فلما رآه الكلب يريد أن يأكل ظفر إلى وسط المائدة وأدخل فمه الغضارة وكرع من اللبن فسقط ميتاً وتناثر لحمه وبقي الملك متعجباً منه ومن فعله فأومأت الخرساء إليهم ففهموا مرادها بما صنع الكلب فقال الملك لندمائه وحاشيته أن من فداني بنفسه لحقيق بالمكافأة وما يحمله ويدفنه غيري فدفنه وبنى عليه قبة وكتب عليها ما قرأت. قال أبو عثمان المدائني كان في جوارنا ببغداد رجل يلعب بالكلاب فاسحر يوماً في حاجة ومعه كلب كان يختص به من كلابه فرده فلم يرجع فمشى حتى انتهى إلى قوم كان بينه وبينهم عداوة فصادفوه فقبضوا عليه والكلب يراهم فخرج الكلب وقد لحقته جراحة فجاء إلى بيت صاحبه يعوي وافتقدت أم الرجل ابنها فأثبتت أن الجراح التي بالكلب من فعل من قتل ابنها وأنه قد تلف فأقامت عليه المأتم فطردت الكلاب عن بابها فلزم ذلك الكلب طلب القاتل فاجتاز القاتل وهو رابض فعرفه ونهشه وعلق به فاجتهد المجتازون في تخليصه منه فلم يمكنهم وارتفعت ضجة وجاء حارس الدرب فقال إنه لم يعلق هذا الكلب بالرجل إلا وله معه قضية ولعله الذي جرحه وخرجت أم القتيل فرأت الكلب متعلقاً بالرجل وسمعت كلام الحارس فذكرت بأن هذا الرجل مما كان يعادي ابنها فوقع في نفسها أنه قاتله فتعلقت وادعت عليه القتل وارتفعا إلى صاحب الشرطة فحبسه بعد أن ضرب ولم يقر ولزم الكلب باب الحبس فلما كان بعد أيام أطلق الرجل فلما خرج علق به الكلب ففرق بينهما وما زال يسعى خلفه ويصيح إلى أن دخل بيته فدخل خلفه ومعه صاحب الشرطة من حيث لا يعلم فكبس الدار فأقبل الكلب بمخاليبه موضع القتيل فنبش فوجد الرجل فضرب المتهم فأقر على نفسه وعلى الباقين فقتل وصلبوا. وحدثنا محمد بن الحسين بن شداد قال رأيت رجلاً له كلب يقربه ويغطيه بديباج كان عليه فسألته عن السبب فقال كان لي رفيق يعاشرني فخرجنا في سفر وكان في وسطي هميان فيه جملة دنانير ومعي متاع كثير فنزلنا في موضع فعمد إليّ فأوثقني كتافاً ورمى بي في وادٍ وأخذ ما كان معي ومضى وقعد هذا الكلب معي ثم تركني ومضى فما كان بأسرع من أن وافاني ومعه رغيف فطرحه بين يدي فأكلته ولم أزل أحبو إلى موضع فيه ماء فشربت منه ولم يزل الكلب معي باقي ليلتي ثم نمت ففقدته فما كان بأسرع إن وافاني ومعه رغيف فأكلته فلما كان في اليوم الثالث غاب عني فقلت يمضي ويجيئني بالرغيف فجاء ومعه الرغيف فرمى به فلم أستتم أكله إلا وابني يبكي على رأسي وقال ما تصنع ههنا وما قصتك ونزل وحل كتافي وأخرجني فقلت له من أين علمت بمكاني ومن دلك عليّ فقال كان الكلب يأتينا في كل يوم فنطرح له الرغيف على اسمه فلا يأكله وقد كان معك فأنكرنا رجوعه ولست معه وكان يحمل الرغيف بفمه ولا يذوقه ويغدو فأنكرنا أمره فاتبعته حتى وقفت عليك فهذا خبري وخبر الكلب. قال كان للحرث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم فعبث أحدهم بزوجته وأرسلها وكان للحرث كلب قد رباه فخرج الحرث في بعض منتزهاته وتخلف عنه ذلك الرجل وجاء إلى زوجته فأقام عندها فلما جامعها وثب الكلب عليهما فقتلهما فلما رجع الحرث نظر إليهما فعرف القصة وترك من كان يعاشره واتخذ كلبه نديماً فتحدث به العرب فأنشأ يقول: فللكلب خير من خليل يخونني ... وينكح عرسي بعد وقت رحيلي سأجعل كلبي ما حييت منادمي ... وأمنحه ودي وصفو خليلي وقال ابن عبيدة خرج رجل من البصرة فاتبعه كلب فوثب بالرجل قوم فجرحوه ورموه في بئر وحثوا عليه التراب فلما انصرفوا أتي الكلب رأس البئر فبحث حتى ظهر رأس الرجل وفيه نفس يتردد فمر قوم فأخرجوه حياً. قال ابن خلف وحدثني بعض أصدقائي قال: دخلت بستاناً ومعي كلبان لي قد ربيتهما فنمت فإذا هما فانتبهت فلم أر شيئاً أنكره فعاودوا النبح فضربتهما ونمت فإذا بهما يحركاني بأيديهما وأرجلهما كما يوقظ النائم فوثبت فإذا أسود سالح قد قرب مني وثبت فقتلته فكانا سبب سلامتي. قالت الحكماء ومن فطنة الكلب أنه إذا عاين الظباء قريبة كانت أو بعيدة عرف المعتلّ وغير المعتل والذكر من الأنثى فلم يقصد الصيد فيها إلا الذكر وإن علم أنه أشد عدواً وأبعد وثبة ويدع الأنثى على نقصان عدوها وسبب ذلك أنه قد علم أن الذكر إذا عدا شوطاً أو شوطين حقن ببوله وهكذا كل حيوان إذا اشتد فزعه فإنه يدركه الحقن وإذا حقن الذكر لم يستطع البول مع شدة العدو فيثقل حينئذ عدوه ويقصر مدى خطاه فيلحقه الكلب وإما الأنثى فإنها تحذف بولها لسعة السبيل وسهولة المخرج فتصير بذلك أدوم ومن فهم الكلب أنه إذا خرج الجليد والثلج وقد تراكم على الأرض والكلاب لا تدري حينئذ أين كناس الظبى وأين جحر الأرنب فيفر الكلب وينظر إلى أن يقف على تلك الجحرة وظنين معرفته أن أنفاس الحيوانات وبخار أجوافها يذيب ما لاقى من فم الجحر من الثلج الجامد حتى يرق وذلك خفي غامض لا يقع عليه إلا الكلب وأن الكلب إذا ظفر بشخص لم ينجه منه إلا أن يقعد بين يديه ذليلاً فحينئذ لا ينجه لأنه يراه تحت قدرته فيسمه بميسم ذل. حدثنا أبو بكر بن الحضنة عن مؤدبه أبي طالب المعروف بابن الدلو وكان رجلاً صالحاً يسكن نهر طابق أنه كان ليلة من الليالي قاعداً ينسخ قال وكنت ضيق اليد فخرجت فأرة كبيرة فجعلت تعدو في البيت ثم خرجت أخرى وجعلا يلعبان بيد يدي طاسة فكفيتها على إحداهما فجاءت الأخرى فجعلت تدور حول الطاسة وأنا ساكت فدخلت السرب فخرجت وفي فيها دينار صحيح وتركته بين يدي فاشتغلت بالنسخ وقعدت ساعة تنتظر ثم رجعت فجاءت بدينار آخر وقعدت ساعة إلى أن جاءت بأربعة أو خمسة وقعدت زماناً أطول من كل نوبة ورجعت فأخرجت جلدة كانت فيها الدنانير وتركتها فوق الدنانير فعرفت أنه ما بقي شيء فرفعت الطاسة ففرتا فدخلتا البيت وأخذت أنا الدنانير قال محمد بن عجلان مولوي بن زياد قال دخل زياد مجلسه ذات يوم فإذا هو بهر في زاوية البيت فذهبت أزجره فقال دعه فأرى ما له ثم صلى الظهر ثم عاد إلى مجلسه ثم صلى العصر فعاد إلى مجلسه كل ذلك يلاحظ الهر فلما كان قبل غروب الشمس خرج جرذ فوثب عليه الهر فأخذه فقال زياد من كانت له حاجة فليواظب عليها مواظبة الهر فإنه يظفر بها. قال القاسم بن أبي طالب التنوخي كنت ماضياً إلى الأنبار في رفقة بازيانية للسلطان فأطلقوا بازاً على دراج فطار فلحق الدراج فانتهى الدراج إلى غيضة فدخلها فألقى نفسه بين شوك كان فيها وأخذ من ذلك الشوك أصلين كبيرين في رجليه ونام على قفاه ورفع رجليه فاستتر بذلك من البازي فلما قرب منه البازي طار فصاده البازي فقالوا ما رأينا دراجاً قط احذر من هذا قال المصنف والعرب تقول احذر من غراب واحذر كم عقعق واحذر من ذئب ويزعمون أن الذئب يبلغ من حذره أنه يزاوج بين عينيه إذا نام فيفتح إحداهما لتكون حارسه قال حميد بن هلال في الذئب: ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ... بأخرى الأعادي فهو يقظان هاجع قال العسكري هذا محال لأن النوم يأخذه جملة الحي قال مؤلف الكتاب أرادوا بذلك أن يغمض عيناً عند بداية النوم ويفتح عيناً إلى أن يغلب عليه النوم فيكون الكلام صحيحاً ويقولون احذر من ظليم وهو ذكر النعام. روي عن ابن الأعرابي عن هشام ابن سالم قال أكلت حية بيضة مكاء فجعل المكاء يشرشر على رأسها ويدنو منها حتى إذا فتحت فاها تريده وهمت به ألقى في فيها حسكة فأخذت بحلقها حتى ماتت وروينا أن الهدهد قال لسليمان عليه السلام أريد أن تكون في ضيافتي قال سليمان أنا وحدي قال لا بل العسكر كله في جزيرة كذا في يوم كذا فمضى سليمان إلى هناك فصعد الهدهد إلى الجو جرادة وخنقها ورمى بها في البحر وقال يا نبي الله إن كان اللحم قليلاً فالمرق كثير فكلوا من فاته اللحم ناله المرق فضحك سليمان وجنوده من ذك حولاً كاملاً. قلت من أحوال الحيوان البهيم وأفعاله الدالة على الفطنة أن العصافير لا تقيم إلا في دار مسكونة فإن هجرها الناس لم تقم، وأما الهرة فإنها تألف الدار وإن رحل أهلها والكلب يرحل مع أهل الدار ولا يلتفت إلى الدار ومتى طرقت العصافير آفة استغاثت فأغاثها كل عصفور يسمع حتى أنه قد يقع فرخها فيستغيث فلا يلقى عصفور يسمع إلا جاء فيطيرون حول الفرخ ويحركونه بأفعالهم فيحدثون له بذلك قوة وحركة حتى يطير معهم قال بعض الصيادين ربما رأيت العصفور على حائط فأومي بيدي إلى الأرض كأنني أتناول شيئاً فلا يتحرك فإن مسست بيدي حصاة طار قبل أن تتمكن منها يدي. الحمام إذا علم الذكر أن الأنثى قد حملت اشتغل هو وهي بعمل العش وأشخصا لها حروفاً تحفظ البيض ثم سخناها ونفيا عنها طباعها وأحدثا لها طبيعة أخرى مستخرجة من رائحة أبدانها ثم يقلبان البيض في الأيام فتأخذ البيضة نصيبها من الحضن وساعات الحضن أكثرها على الأنثى كالمرأة التي تكفل الحضانة فإذا صار البيض فراخاً كان أكثر الزق على الذكر ومتى انصدع البيض علماً أن حواصل الفراخ لا تتسع للغذاء فينفخان الريح في حلوقهما لتنتفخ الحوصلة وتتسع ثم يعلمان أنه لا يصلح أن يزق الطعام فيزقان اللعاب المختلط بقواهما وقوى الطعام كاللبا ثم يعلمان أن الحوصلة تحتاج إلى دبغ وتقوية فيأكلان من سورج الحيطان وهو شيء بين الملح الخالص وبين التراب المالح فيزقانه فإذا علما أنه قد اشتد زقاه الحب فإذا علما أمه قد أطلق أن يلقط منعاه بعض المنع ليحتاج إلى اللفظ فيعوده فإذا علما أنه قد قوي على ذلك ضرباه إذا سألهما الكفاية ومنعاه ثم يبتدئان لغيره فيبتدئ الذكر بالدعاء وتبتدئ الأنثى بالتأني والاستدعاء ثم ترفق وتتشكل ثم تمتنع فتحبب ثم يتعاشقان ويتطاوعان ويحدث لهما من الغزل والتقبيل والرشف. والتنين إذا هلكت زوجته لم يتزوج وكذلك هي والعنكبوت تنسج بما هو يسكنها شبكة للذباب فإذا تعرقلت فيها صادها ويروى أن الليث وهو صنف من العناكب يلطا بالأرض ويجمع نفسه ويرى الذباب أنه لاهٍ عنه وثب وثوب الفهد فيصيدها. والثعلب إذا أعوزه القوت تماوت ونفخ بطنه فيحبسه الطير ميتاً فإذا وقع عليه وثب عليها، والخفاش ضعيف البصر فلا يطير إلا عند الغروب لأنه وقت لا ضوء فيه يغلب بصرع ولا ظلمة والنملة والذرة تدخر في الصيف للشتاء ثم تخاف على المدخر من الحبوب العفن فتخرجه فتنشره ليضربه الهواء وربما اختارت ذلك في ليالي القمر لأنها فيه أبصر فإن كان مكانها ندياً وخافت أن تنبت نقرت وسط الحبة كأنها تعلم أنها تنبت من ذلك المكان وفلقتها نصفين فإن كان كزبرة فلقتها أربع لأن أنصاف الكزبرة تنبت من بين جميع الحبوب فهي من الشم ما ليس لشيء وربما أكل الإنسان أو ما أشبهه فتسقط من يده الواحدة أو بعضها وليس بقربه ذرة فلا تلبث تقبل ذرة أو نملة قاصدة إلى تلم الجرادة فتحاول نقلها إلى موضعها فتعجز فتكر راجعة إلى بيتها فلا تلبث أن تقبل وخلفها كالخيط فتتعاون فتحملها فانظر إلى صدق الشم لما لا يشمه الإنسان ثم إلى نقد الهمة إلى الجرأة في محاولة نقل شيء وزنها خمسمائة مرة أو أكثر وأقل أن تلقى أخرى إلا وقفت معها وحدثتها ويدل قوله تعالى قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ومن الحيات ما يغمس ذنبه في الرمل وينتصب قائماً نصف النهار في شدة الحر فيجيء الطائر فيكره الوقوع على الرمل لحره فيقع على رأس الحية على أنها عود فتقبض عليه وزعم قوم أن الحية في بلادهم تأتي البقرة فتنطوي على فخذها وتلتقم الثدي فلا تستطيع البقرة أن تتزمزم فتمتص اللبن. ومن فهم اليربوع لا يتخذ حجره إلا في كدوة وهو الموضع الصلب ليرتفع عن السيل فيسلم من مجاري المياه ومدق الحافر فيحفر في الصلابة ويعمق ثم يتخذ في زوايا بيته القاصعاء والنافقاء والرامقاء والرهطاء بيوت قد اتخذها ورق أبوابها فإذا أحس شراً دفع بعضها وخرج ولما علم من نفسه أنه كثير النسيان لم يحفر بيته إلا عند أكمة أو صخرة أو شجرة ليكون إذا تباعد عن حجره لطلب طعمه أو خوف حسن اهتداؤه إليه، والظبي لا يدخل كناسه إلا وهو مستدير يستقبل بعينيه ما يخاف على نفسه وخشفه والضبة تبيض ستين بيضة ثم تسد عليهن باب حجرها تدعهن أربعين صباحاً ثم تحفر عنهن وقد انشق البيض، والنسر كثير الشره فإذا امتلأ من الجيف لم يستطع الطيران فيثب وثبات ويدور حول مسقطه مرات ثم يرفع نفسه طبقة طبقة في الهواء حتى يدخل الريح تحته فيرفعه. والسنور يرى الفأرة في السقف فيحرك يده كالمشير لها بالعود فتعود ثم يشير إليها بالرجوع فترجع وإنما يطلب أن تنزلق فلا يزال يفعل ذلك حتى تسقط. والأسد ربما حبس العنز بيمينه وطعن بمخلب يساره في لبته وقد أقفاه على مؤخرة فيتلقى دمه شاخباً في فيه كأنه ينصب من فوارة حتى إذا شربه واستفرغه شق بطنه. والبق يخرج لطلب الرزق فيعرف أن الذي يعيشه الدم فإذا أبصر الجاموس علم أن خلف جلده غذاءه فسقط عليه وطعن بخرطومه وهو واثق بنفوذ سلاحه والعقاب لا تكاد تعاني الصيد بل تقف على موضع عالٍ فإذا اصطاد بعض الطير شيئاً انقضت عليه فإذا أبصره لم يكن له همة إلا الهرب وترك صيده في يدها. وكذلك الحية لا تحفر موضعاً تسكنه ولا تهتم بذلك بل تأتي إلى المكان الذي حفره غيرها فتسكنه فينفر عن ذلك والأيل يذهب قرنه في كل عام فإذا علم أنه قد هلك سلاحه لم يظهر من مخافة السبع فإذا قام في موضعه سمن فيعلم أن حركته تبطئ فيزيد في استخفائه فإذا ظهر قرنه تعرض للشمس والريح وأكثر الحركة والذهاب ليذهب شحمه ولحمه فإذا استقام قرنه عاد إلى عادته الأولى وهو يأكل الحيات فيعتريه عطش شديد فيدور حول الماء ولا يحجزه عن ذلك إلا علمه بأن الماء ينفذ السموم فيسرع هلاكه. وبيوت الزنابير مبنية من زبد المدود، والقنفذ وابن عرس إذا ناهشا الأفعى والحيات الكبار تعالجا بأكل الصعتر البري، والعقاب إذا اشتكت كبدها من رفعها الأرنب والثعلب في الهواء وحطها لذلك مراراً فإنها لا تأكل إلا من الأكباد حتى يبرأ وجعها. وإذا وضعت الفأرة والعقرب فسلمت من شرها ثم قتلتها كيف شاءت. وإذا وضعت الدب الأنثى ولدها كان حينئذ كقدرة لحم غير مفهوم الجوارح فخافت عليه الدر فرفعته في الهواء أياماً وتحوله من موضع إلى موضع إلى أن يشتد. والسمك إذا حصلت في الشبكة ولم تستطع الخروج علمت أنه لا ينجيها إلا الوثوب فتتأخر قدر رمح ثم تقبل واثبة نحو عشرة أذرع فتخرق الشبكة. والفهد إذا سمن علم أنه مطلوب وأن حركته قد ثقلت فهو يخفي نفسه بجهده حتى ينقضي الزمان الذي يسمن فيه الفهود.ه في الهواء أياماً وتحوله من موضع إلى موضع إلى أن يشتد. والسمك إذا حصلت في الشبكة ولم تستطع الخروج علمت أنه لا ينجيها إلا الوثوب فتتأخر قدر رمح ثم تقبل واثبة نحو عشرة أذرع فتخرق الشبكة. والفهد إذا سمن علم أنه مطلوب وأن حركته قد ثقلت فهو يخفي نفسه بجهده حتى ينقضي الزمان الذي يسمن فيه الفهود. الباب الثالث والثلاثون في ذكر ما ضربته العرب والحكماء مثلا ً على ألسنة الحيوان البهيم مما يدل على الذكاء تقول العرب احذر من غراب، ويقولون قال الغراب لابنه إذا رميت فتلوص أي تلوى يا أبت إني أتلوص قبل أن أرمي قال الشعبي مرض الأسد فعاده السباع ما خلا الثعلب فقال الذئب أيها الملك مرضت فعادك السباع إلا الثعلب قال فإذا حضر فأعلمني، فبلغ ذلك الثعلب فجاء فقال له الأسد يا أبا الحصين مرضت فعادني السباع كلهم ولم تعدني أنت قال بلغني مرض الملك فكنت في طلب الدواء له قال: فأي شيء أصبت قال قالوا لي خرزة في ساق الذئب ينبغي أن تخرج فضرب الأسد بمخاليبه ساق الذئب فانسل الثعلب وخرج فقعد على الطريق فمر به الذئب والدم يسيل عليه فقال له الثعلب يا صاحب الخف الأحمر إذا قعدت بعد هذا عند سلطان فانظر ما يخرج من رأسك. قال الشعبي أخبرت أن رجلاً صاد قنبرة فلما صارت في يده قالت ما تريد أن تصنع بي قال أذبحك وآكلك قالت ما أشفي من مرض ولا أشبع من جوع، ولكن أعلمك ثلاث خصال خير لك من أكلي إما واحدة أعلمك وأنا في يدك والثانية على الشجرة والثالثة على الجبل فقال هات الواحدة قالت لا تلهفن على ما فاتك قال فلما صارت على الشجرة قال لها هات الثانية قالت له لا تصدق بما لا يكون أن يكون فلما صارت على الجبل قالت له يا شقي لو ذبحتني أخرجت من حوصلتي ذرتين في كل واحدة عشرون مثقالاً قال فعض على شفتيه وتلهف ثم قال لها هات الثالثة قالت أنت قد نسيت اثنين فكيف أحدثك بالثالثة ألم أقل لك لا تلهفن على ما فاتك ولا تصدق بما لا يكون أن يكون أنا وريشي ولحمي لا أكون عشرين مثقالاً قال وطارت فذهبت. حدثنا عثمان بن عطاء عن أبيه قال نصب رجل من بني إسرائيل فخاً من ناحية الطريق فجاء عصفور فسقط ثم انطلق إلى الفخ فقال للفخ ما لي أراك متباعداً عن الطريق قال اعتزل شرور الناس قال فما لي أراك ناحل الجسم قال أنحلتني العبادة، قال فما هذا الحبل على عطفيك قال المسوح والشعر لبس الرهبان والزهاد قال فما هذه العصا في يدك قال أتوكأ عليها قال فما هذه الحبة في فيك قال رصدتها لابن السبيل أو محتاج قال فأنا ابن سبيل ومحتاج قال فدونك قال فوضع العصفور رأسه في الفخ فأخذ بعنقه فقال العصفور سيق سيق ثم قال لأغرني بعدك قارئ مرائي مرة أخرى. قال مجاهد هذا مثل ضربه عزّ وجلّ لقراءة مرائين في آخر الزمان. قال مالك بن دينار مثل قراء هذا الزمان كمثل رجل نصب فخاً ونصب فيه برة فجاء عصفور فقال ما غيبك في التراب قال التواضع قال لأي شيء انحلت قال من طول العبادة قال فما هذه البرة المنصوبة فيك قال أعددتها للصائمين فقال نعم الخبر أنت فلما كان عند المغرب دنا العصفور ليأخذها فخنقه الفخ فقال العصفور العبادة تخنق كخنقك فلا خير حينئذ في العبادة بعد اليوم. قال حدثنا المعافي ابن زكريا قال زعموا أن أسداً وذئباً وثعلباً اصطحبوا فخرجوا يتصيدون فصادوا حماراً وظبياً وأرنباً فقال الأسد للذئب أقسم بيننا صيدنا قال الأمر أبي من ذلك الحمار لك والأرنب لأبي معاوية والظبي لي قال فخطبه الأسد فاندر رأسه ثم أقبل على الثعلب وقال قاتله الله ما أجهله بالقسمة ثم قال هات أنت قال الثعلب يا أبا الحارث الأمر أوضح من ذلك الحمار لغذائك والظبي لعشائك وتخلل بالأرنب فيما بين ذلك قال الأسد ويحك ما أقضاك من علمك هذه القضية قال رأس الذئب النادر بين عيني، وذكر الحكماء في أمثالهم قالوا قيل للذئب ما بالك تعدو أسرع من الكلب فقال لأني أعدو لنفسي والكلب يعدو لصاحبه. وذكر أبو هلال العسكري قال قالت العرب وجدت الضبع تمرة فاختلسها الذئب فلطمته فتحاكما إلى الضب فقالت يا أبا الخسيل قال سميعاً دعوت قالت جئناك نحتكم إليك قال في بيته يؤتى الحكم قالت إني التقطت تمرة قال حلواً جنيت قالت إن الثعلب أخذها قال حظ نفسه بغى قالت لطمته قال أشفيت والبادي أظلم قالت فلطمني قال حر انتصر لنفسه قالت اقضِ بيننا قال قضيت. قالوا حدث المخاطب حديثين فإن لم يفهم فأربعة قال العسكري المعنى أن لم يفهم حديثين كان ممن لا يفهم أربعة أقرب قال وقال بعض العلماء إنما هو فأربع أي أمسك وذلك غلط، قالوا وصادت حدأة سمكة فهمت ببلعها فقالت لا تفعلي فإنك إن أكلتيني لم أشبعك ولكن استحلفيني بما شئت إنني آتيك كل يوم بسمكة ففتحت فاها لتحلفها فانسابت منها فقالت ارجعي فقالت ما رأيت في مجيئي إليك خيراً فأعود. قالوا وكان رجل في صحراء فعرض له الأسد فهرب منه فوقع في بئر فوقع الأسد خلفه فإذا في البئر دب فقال له الأسد منذ كم أنت ههنا قال منذ أيام وقد قتلني الجوع فقال الأسد أنا وأنت نأكل هذا وقد شبعنا فقال الدب فإذا عاودنا الجوع فما نصنع وغنما الرأي أن نحلف له إننا لا نؤذيه ليحتال لخلاصنا وخلاصه فإنه أقدر على الحيلة منا فحلفا له فأخذ في التحيل، فلاح له ضوء فنقب فخرج به إلى قضاء فتخلص وخلصهما. قال كان أبو أيوب المرزباني وهو وزير المنصور إذا دعاه يصفر ويرعد فإذا خرج من عنده عاج لونه فقالوا له إنا نراك مع كثرة دخولك إلى أمير المؤمنين وأنسه بك تتغير إذا دخلت عليه فقال مثلي ومثلكم في هذا مثل بازي وديك تناظرا فقال البازي للديك ما أعرف أقل وفاء منك قال وكيف قال تؤخذ بيضة فيحضنك أهلك وتخرج على أيديهم فيطعمونك بأكفهم حتى إذا كبرت صار لا يدنو منك إلا طرت ههنا وصحت ههنا فإن علوت حائطاً كنت فيها سنين طرت منها وتركتها وصرت إلى غيرها وأنا أوخذ من الجبال وقد كبر سني فأطعم الشيء اليسير وأوثق يوماً أو يومين ثم أطلق على الصيد فأطير وحدي فآخذه وأجيء به لصاحبي فقال له الديك ذهبت عنك الحجة أما أنك لو رأيت بازين في سفود ما عدت إليهم أبداً وأنا كل وقت رأى السفافيد مملوءة ديوكاً وأبيت معهم فأنا أوفى منك ولكن لو عرفتم من المنصور ما أعرف لكنتم أسوأ حالاً مني عند طلبه إياكم. قالوا ورأت الضبع ظبية على حمار فقالت أردفيني فأردفتها فقالت ما أفره حمارك ثم سارت يسيراً فقالت ما أفره حمارك فقالت الظبية انزلي قبل أن تقولي ما أفره حماري. قالوا وصادت الضبع ثعلباً فقال الثعلب مني على أم عامر فقالت خيرتك خصلتين إما أن آكلك وإما أن أوكلك فقال الثعلب أما تذكرين أم عامر التي نكحت في دارها فقالت الضبع متى ذا فانفتح فوها فأفلت الثعلب. قالوا وأولم طائر وليمة فأرسل يدعو بعض إخوانه فغلط بعض رسله فجاء إلى الثعلب فقال أخوك يدعوك فقال السمع والطاعة فلما رجع أخبر الطائر فاضطربت الطيور وقالوا أهلكتنا وعرضتنا للحتف فقالت القنبرة أنا أصرفه عنكم بحيلة فمضت فقالت أخوك يقرأ عليك السلام ويقول لك الوليمة يوم الاثنين فأين تحب أن يكون مجلسك مع الكلاب السلوقية أو مع الكلاب الكردية فتجرعها الثعلب وقال أبلغي أخي السلام وقولي له أبو سرور يقرئك السلام ولكن قد تقدم لي نذر منذ دهر بصوم الاثنين والخميس قال أبو عمير الصوري مرتيس بزق ففر منه فقال له الزق تنفر مني مثلك كنت ومثلي تكون، قال أبو سليم الخطابي من أمثلتهم قولهم لا أريد ثوابك اكفني عذابك ومثله قول الشاعر: كفاني الله شرك يا خليلي ... فإما الخير منك فقد كفاني قال أبو سليمان نظيرة قولهم يدك عني وأنا في عافية وأصل هذا فيما يتكلم به الناس على ألسنة البهائم أن فأرة سقطت من السقف فظفرت الهرة بحملها تقول بسم الله عليك فقالت الفأرة يدك عني وأنا في عافية قال المصنف رحمه الله سمعت علي بن الحسين الواعظ يحكي أن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام مرعلى حواء يطارد حية ليأخذها فقالت الحية يا روح الله قل له لئن لم يلتفت عني لأضربنه ضرباً أقطعه قطعاً فمر عيسى عليه السلام ثم عاد وإذا الحية في سلته فقال لها عيسى ألست القائل كذا وكذا فكيف صرت معه فقالت يا روح الله إنه حلف لي فلئن غدرني فسم غدره أضر عليه من سمي والله الموفق للصواب. تم الكتاب بعون الملك الوهاب. أقسام الكتاب 1 2 الصفحة الرئيسية حول الموقع اتصل بنا ترجمات القران أعلى الصفحة ISLAMICBOOK.WS © 2022 | جميع الحقوق متاحة لجميع المسلمين ييييييييييييييييييييييييييييييييييييي كتاب:أخبارالظراف والمتماجنين المؤلف:ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم الحمد لله الذي قسم الأذهان فأكثر وأقل ، وصلواته على محمد أشرف نبي أرشد ودل ، وعلى أصحابه وأتباعه ما أطل سحاب فطل وبل أما بعد ؛ فلما كانت النفس تمل من الجد ، لم يكن بأس بإطلاقها في مزح ترتاح به 1 - كان الزهري يقول : هاتوا من أشعاركم ، هاتوا من طرفكم ، أفيضوا في بعض ما يخف عليكم وتأنس به طباعكم 2 - وقد كان شعبة يحدث الناس ، فإذا تلمح أبا زيد النحوي في أخريات الناس ، قال : يا أبا زيد ! ( استعجمت دار نعم ما تكلمنا ** والدار لو كلمتنا ذات أخبار ) 3 - وقال حماد بن سلمة : لا يحب الملح إلا ذكران الرجال ، ولا يكرهها إلا مؤنثوهم 4 - عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ ، فإذا كانت الحقائق كانوا الرجال 5 - قال قبيصة : كان سفيان مزاحا ، ولقد كنت أجيء إليه مع القوم فأتأخر خلفهم مخافة أن يحيرني بمزاحه 6 - قال سفيان بن عيينة : أتينا مرة مسعر بن كدام ، فوجدناه يصلي ، فأطال الصلاة جدا ، ثم التفت إلينا متبسما ، فأنشدنا : ( ألا تلك عزة قد أقبلت ** ترفع نحوي طرفا غضيضا تقول : مرضنا فما عدتنا ** وكيف يعود مريض مريضا ) قال : فقلت : رحمك الله ، بعد هذه الصلاة هذا ! قال : نعم ! مرة هكذا ومرة هكذا 7 - قلت : وقد بلغني عن جماعة من الفطناء والظرفاء حكايات تدل على قوة فهومهم ، فسماعها يشحذ الذهن ، وينبه الفهم ، فأحببت أن أذكر منها طرفا 8 - وبلغني عن جماعة من المجون ما يتفرج فيه ومعنى المجون : صرف اللفظ عن حقيقته إلى معنى آخر ، وذلك يدل على قوة الفطنة فكتبت من ذلك في هذا الكتاب طرفا وقد قسمته ثلاثة أبواب : الباب الأول : فيما ذكر عن الرجال الباب الثاني : فيما ذكر عن النساء الباب الثالث : فيما ذكر عن الصبيان والله الموفق الباب الأول فيما ذكر عن الرجال قد قسمت هذا إلى خمسة أقسام : أحدها : ما يروى من ذلك عن الأنبياء عليهم السلام والثاني : ما يروى عن الصحابة والثالث : ما يروى عن العلماء والحكماء والرابع : ما ما يروى عن العرب والخامس : ما يروى عن العوام . القسم الأول فيما يروى عن الأنبياء عليهم السلام 22 - عن محمد بن كعب القرظيّ ، قال : جاء رجل إلى سليمان النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا نبي الله ! إن لي جيراناً يسرقون إوزّي ، فنادى : الصلاة جامعة ؛ ثمّ خطبهم ، فقال في خطبته : واحدكم يسرق إوزّة جاره ، ثمّ يدخل المسجد والرّيش على رأسه ! فمسح رجلٌ رأسه ، فقال سليمان : خذوه ، فإنّه صاحبكم 23 - قلت : وذكروا في الإسرائيليات أنّ الهدهد جاء إلى سليمان ، فقال : أريد أن تكون في ضيافتي ، فقال سليمان : أنا وحدي ؟ فقال : لا ! بل أنت والعسكر ، في يوم كذا ، على جزيرة كذا ؛ فلمّا كان ذلك اليوم ، جاء سليمان و عسكره ، فطار الهدهد ، فصاد جرادةً ، فخنقها ، ورمى بها في البحر ، وقال : كلوا ، فمن لم ينل من اللّحم نال من المرقة ؛ فضحك سليمان من ذلك وجنوده حولاً كاملاً 24 - عن أبي هريرة ، قال : قال رجل : يا رسول الله ! إن لي جاراً يؤذيني ، فقال : ' انطلق ، فأخرج متاعك إلى الطريق ' فأنطلق ، فأخرج متاعه ، فاجتمع الناس عليه ، فقالوا : ما شأنك ؟ فقال : لي جارٌ يؤذيني ، فذكرت ذلك للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : ' انطلق ! فأخرج متاعك إلى الطريق ' ، فجعلوا يقولون : اللهّم العنة ، اللّهم اخزه ؛ فبلغه ، فأتاه ، فقال : ارجع إلى منزلك ، فوالله لا أؤذيك 25 - قال محمد بن إسحاق : لما خرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى بدر ، خرج هو ورجلٌ آخر تبعه ، فرأيا رجلاً ، فسألاه عن قريش وعن محمد وأصحابه ، فقال الشيخ : لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما ؛ فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إذا أخبرتنا أخبرناك ' فقال الشيخ : بلغني أن محمداً وأصحابه خرجوا يوم كذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا ، وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا ثم قال : ممن أنتم ؟ فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' نحن من ماء ' وكان العراق يسمى ماءً ، فأوهمه أنّه من العراق ، وإنّما أراد أنّه خلق من نطفة 26 - وقال الحسن البصري : جاء رجلٌ إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] برجلٍ قد قتل حميماً له ، فقال له : ' أتأخذ الدية ؟ ' قال : لا ، قال ' أفتعفو ! ؟ ' قال : لا ، قال : ' اذهب فاقتله ' ، فلما جاوزه ، قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إن قتله فهو مثله ' فأخبر الرجل ، فتركه قال ابن قتيبة : لم يرد أنّه مثله في المأثم ، إنّما أراد أنّ هذا قاتلٌ وهذا قاتلٌ ، إلاّ أنّ الأوّل ظالمٌ والثاني مقتص 27 - قال خوّات بن جبير : نزلت مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] مرّ الظهران ، فخرجت من خبائي ، فإذا نسوةٌ يتحدّثن ، فأعجبنني ، فرجعت ، فأخرجت حلةٌ لي من عيبتي ، فلبستها ، ثم جلست إليهن ، وخرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] من قبته ، فقال : ' أبا عبد الله ! ما يجلسك إليهنّ ؟ ' قال : فهبت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقلت : يا رسول الله ! جملٌ لي شرودٌ ، أبتغي له قيداً قال : فمضى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، وتبعته ، فألقى إليّ رداءه ، ودخل الأراك ، فقضى حاجته ، وتوضأ ، ثمّ جاء ، فقال : ' أبا عبد الله ! ما فعل شرادُ جملك ؟ ' ثمّ ارتحلنا ، فجعل لا يلحقني في الميسر إلا قال : ' السلام عليكم أبا عبد الله ، ما فعل شراد جملك ؟ ' قال : فتعجلت إلى المدينة ، فاجتنبت المسجد ومجالسة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فلما طال ذلك عليّ تحيّنت ساعة خلوة المسجد ، [ ثم أتيت المسجد ] ، فجعلت أصلي ، فخرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] من بعض حجره ، فجاء ، فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم جلس ، وطولت رجاء أن يذهب ويدعني ، فقال : ' طوّل أبا عبد الله ما شئت ، فلست بقائم حتّى تنصرف ' فقلت : والله لأعتذرنّ إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، ولأبرئن صدره ؛ فانصرفت ، فقال : ' السلام عليكم أبا عبدالله ، ما فعل شرادُ الجمل ؟ ' فقلت : والذي بعثك بالحق ما شرد ذاك الجمل منذ أسلمت ، فقال : ' رحمك الله ' مرتين أو ثلاثاً ، ثم أمسك عني ، فلم يعد 28 - عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، قال : كان بالمدينة رجلٌ يقال له : نعيمان ، وكان لا يدخل المدينة طرفة إلاّ اشترى منها ، ثمّ جاء بها إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا رسول الله ! هذا أهديته لك ؛ فإذا جاء صاحبه ، فطالب نعيمان بثمنه ، جاء به إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا رسول الله ! اعطِ هذا ثمن متاعه ، فيقول رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' أو لم تهده لي ؟ ' فيقول : يا رسول الله ! والله لم يكن عندي ثمنه ، ولقد أحببت أن تأكله ؛ فيضحك رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، ويأمر لصاحبه بثمنه القسم الثاني فيما يروى عن الصحابة 29 - عن أنس ، قال : لما هاجر رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، كان يركب ، وأبو بكر رديفه ، وكان أبو بكر يعرف لاختلافه إلى الشام ، فكان يمرّ بالقوم ، فيقولون : من هذا بين يديك يا أبا بكرٍ ؟ فيقول : هذا يهديني 30 - عن عبد الجبار بن صيفي ، عن جدّه ، قال : إنّ صهيباً قدم على النبيّ [ صلى الله عليه وسلم ] ، وبين يديه تمرٌ وخبزٌ ، فقال : ' ادن فكل ' قال : فأخذ يأكل من التمر ، فقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إنّ بعينك رمداً ' فقال : يا رسول الله ! أنا آكل من الناحية الأخرى ؛ فتبسم النبي [ صلى الله عليه وسلم ] 31 - عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : وفدت على عمر بن الخطاب حللٌ من اليمن ، فقسمها بين الناس ، فرأى فيها حلّة رديئة ، فقال : كيف أصنع بها ؟ إن أعطيتها أحداً لم يقبلها إذا رأى هذا العيب فيها ؛ فأخذها ، فطواها ، فجعلها تحت مجلسه ، فأخرج طرفها ، ووضع الحلل بين يديه ، فجعل يقسم بين الناس ، فدخل الزبير بن العوّام وهو على تلك الحال ؛ قال : فجعل ينظر إلى تلك الحلة ، فقال : ما هذه الحلة ؟ قال عمر : دع هذه عنك قال : ما هيه ، ما هيه ، ما شأنها ؟ قال : دع هذه عنك قال : فأعطينيها ؛ قال : إنّك لا ترضاها قال : بلى ! قد رضيتها ؛ فلما توثّق منه واشترط عليه أن يقبلها ولا يردّها ، رمى بها إليه ؛ فلمّا أخذها الزّبير ، ونظر إليها ، إذا هي رديئةٌ ، فقال : لا أريدها ؛ فقال عمر : أيهات ، قد فرغت منها ؛ فأجازه عليها وأبى أن يقبلها منه 32 - عن حنش بن المعتمر أن رجلين أتيا امرأة من قريش ، فاستودعاها مئة دينار ، وقالا : لا تدفعيها إلى واحدٍ منا دون صاحبه حتى نجتمع ، فلبثا حولاً ، فجاء أحدهما إليها ، فقال : إنّ صاحبي قد مات ، فادفعي إلىّ الدنانير ؛ فأبت ، [ وقالت : إنّكما قلتما لا تدفعيها إلى واحدٍ منّا دون صاحبه ، فلست بدافعتها إليك ؛ فتثقّل عليها بأهلها وجيرانها ، ] فلم يزالوا بها حتّى دفعتها إليه ثمّ لبثت حولاً ، فجاء الآخر ، فقال : ادفعي إليّ الدنانير ؛ فقالت : إنّ صاحبك جاءني ، فزعم أنّك متّ ، فدفعتها إليه ؛ فاختصما إلى عمر بن الخطاب ، فأراد أن يقضي عليها ، فقالت : أنشدك الله أن تقضي بيننا ، ارفعنا إلى عليّ ؛ فرفعهما إلى عليّ ، فعرف أنّهما قد مكرا بها ، فقال : أليس قلتما : لا تدفعيها إلى واحد منّا دون صاحبه ؟ قال : بلى ؛ فقال عليّ : مالك عندنا ، فجئ بصاحبك حتى تدفعها إليكما 33 - عن أسامة بن زيدٍ ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان عمر بن الخطّاب يعدّ للنّاس خرقاً وخيوطاً ؛ فإذا أعطى الرجل عطاءه في يده أعطاه خرقةً وخيطاً ، وقال له : اربط ذهبك ، وأصلح مويلك ، فإنّك لا تدري كم يدوم هذا لك ! فأدخل عليه رجلٌ يقاد ؛ فأعطاه ، فكأنه استقله ، فقال عمر لقائده : اخرج به ؛ فخرج به ، ففرشها ، ثمّ دعاه ، فقال : خذ هذه كلّها ؛ فجمعها ، وخرج فرحاً 34 - عن عبد الله بن عاصم بن المنذر ، قال : تزوّج عبد الله بن أبي بكر الصديق عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت حسناء ، ذات خلقٍ بارعٍ ، فشغلته عن مغازيه ، فأمره أبوه بطلاقها ، فطلّقها ؛ وقال : ( ولم أر مثلي طلّق اليوم مثلها ** ولا مثلها في غير جرمٍ تطلّق ) فرق له أبوه ، وأمره فراجعها ، ثمّ ثم شهد مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] غزاة الطائف ، فأصابه سهمٌ ، فمات منه ، فقالت عاتكة : ( رزيت بخير الناس بعد نبيهم ** وبعد أبي بكرٍ وما كان قصّرا وآليت لا تنفك عيني حزينةً ** عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فللّه فلله عيناً من رأى مثله فتىّ ** أكرّ وأحمى في الهياج وأصبرا إذا شرعت فيه الأسنّة خاضها ** إلى الموت حتى حتى يترك الرمح أحمرا ) ثم تزوّجها عمر بن الخطاب ، فأولم ، وكان فيمن دعا علي بن أبي طالب ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! دعني أكلم عاتكة ؛ فقال : كلّمها ؛ فأخذ عليّ بجانب الخدر ، ثم قال ؛ يا عديّة نفسها : ( وآليت لا تنفك عيني قريرةً ** عليك ولا ينفك جلدي أصفرا ) فبكت ، فقال عمر : ما دعاك إلى هذا ؟ كل النساء يفعل هذا 35 - قال يهودي لأمير المؤمنين علي : ما دفنتم نبيكم حتى قالت الأنصار : منّا أميرٌ ومنكم أميرٌ ! فقال له عليٌ : أنتم ما جفّت أقدامكم من البحر حتى قلتم : اجعل لنا إلهاً ! 36 - عن أبي مليكة ، قال : قال ابن الزبير لابن جعفر : أتذكر إذ تلقينا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، أنا وأنت وابن عباس ، قال : نعم ، فحملنا وتركك 37 - عن أبي رزين ، قال : سئل العباس : أنت أكبر أم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ؟ قال : هو أكبر مني ، وأنا ولدت قبله 38 - عن مجاهد ، قال : بينا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] في أصحابه ، إذ وجد ريحاً ، فقال : ' ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ ' ، فاستحيا الرجل ، ثمّ قال : ' ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ ، فإن الله لا يستحيي من الحق ' فقال العباس : ألا نقوم ، يا رسول الله ؛ كلنا نتوضأ ؟ 39 - عن ابن عباس : وروي مثل هذه القصة في خلافة عمر ، فقال جرير : يتوضأ القوم كلهم ؟ فقال عمر : نعم السّيد كنت في الجاهلية ، ونعم السيد أنت في الإسلام 40 - عن عكرمة ، أن عبد الله بن رواحة كان مضطجعاً إلى جنب امرأته ، فخرج إلى الحجرة ، فعرف جارية له ، فانتبهت المرأة ، فلم تره ، فخرجت ، فإذا هو يعرف الجارية ، فرجعت فأخذت شفرةً ، فلقيها ومعها الشفرة ، فقال : مهيم ؟ فقالت : مهيم ! أما إنّي لو وجدتك حيث كنت لوجأتك بها ؛ قال : وأين كنت ؟ قالت : تعرفها قال : ما كنت ! قالت : بلى ! قال : فإن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] نهانا أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب ؛ فقالت : اقرأه ؛ فقال : ( أتانا رسول الله يتلو كتابه ** كما لاح مشهودٌ من الصبح ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا ** به موقناتٌ أنّ ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه ** إذا استثقلت بالكافرين المضاجع ) قالت : آمنت بالله وكذبت بصري قال : فغدوت إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فأخبرته ، فضحك حتى بدت نواجذه 41 - عن أم سلمة ، قالت : خرج أبو بكر في تجارةٍ إلى بصرى قبل موت رسول الله بعام ، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة ، وكانا قد شهدا بدراً ، وكان نعيمان على الزّاد ، وكان سويبط رجلاً مزاحاً ، فقال لنعيمان : أطعمني ! قال : حتى يجيء أبو بكرٍ ؛ قال : أما لأغيظنّك قال : فمروا بقومٍ ، فقال لهم سويبط : تشترون مني عبداً لي ؟ قالوا : نعم ؛ قال : إنّه عبد له كلامٌ ، فهو قائل لكم : إنّي حرٌ ، فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا علي عبدي ! قالوا : لا ؛ بل نشتريه منك قال : فاشتروه بعشر قلائص قال : ثم أتوه ، فوضعوا في عنقه عمامةً أو حبلاً ، فقال نعيمان : إن هذا يستهزئ بكم ، وإني حرٌ ولست بعبد ! فقالوا : قد أخبرنا خبرك ؛ فانطلقوا به ، فجاء أبو بكرٍ ، فأخبروه بذلك ، فاتبع القوم ، فردّ عليهم القلائص ، وأخذ نعيمان ؛ فلمّا قدموا على النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أخبروه ، فضحك النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وأصحابه منه حولاً 42 - عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين ، فكرهوه ، فعزله عنهم ، فخافوا أن يردّه ، فقال دهقانهم : اجمعوا مئة ألف درهم حتى أذهب بها إلى عمر وأقول له : إن المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ ففعلوا ، فأتى عمر ، وقال : إنّ المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ فدعا عمر المغيرة ، وقال : ما يقول هذا ؟ قال : كذب ! إنما كانت مئتي ألف ! قال : فما حملك على ذلك ؟ قال : العيال والحاجة فقال عمر للعلج : ما تقول ؟ قال : والله لأصدقنّك ! والله ما دفع إلي قليلاً و لا كثيراً ! فقال عمر للمغيرة : ما أردت إلى هذا ؟ قال : الخبيث كذب عليّ ، فأحببت أن أخزيه 43 - عن نافعٍ ، قال : كان عبد الله بن عمر يمازح مولاة له ، فيقول لها : خلقني خالق الكرام وخلقك خالق اللئام ! فتغضب وتصيح وتبكي ، ويضحك عبد الله 44 - مازح معاوية الأحنف ، فقال : يا أحنف ! ما الشيء الملفف في البجاد ؟ قال : هو السخينة أراد معاوية قول الشاعر : ( إذا ما مات ميتٌ من تميم ** فسرك أن يعيش فجئ بزادٍ بخبزٍ أو بسمنٍ أو بزيتٍ ** أو الشيء الملفّف في البجاد ) يريد وطب اللبن والبجاد : كساءٌ يلف فيه ذلك وأراد الأحنف ب ' السخينة ' أن قريشاً كانوا يأكلونها ويعيّرون بها ، وهي أغلظ من الحساء وأرق من العصيد ، وإنّما تؤكل في كلب الزمان وشدة الدهر 45 - وكان بين يدي معاوية ثريدةٌ كثيرةُ السمن ، ورجلٌ يواكله ، فخرقه إليه ، فقال له : ! ( أخرقتها لتغرق أهلها ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية : 71 ] فقال : ! ( فسقناه إلى بلد ميت ) ! [ 35 سورة فاطر / الآية : 9 ] 46 - ولمّا قدم معاوية حاجاً تلقّته قريشٌ بوادي القرى ، وتلقّته الأنصار بأجزاع المدينة ، فقال لهم : ما منعكم أن تلقوني حيث تلقتني قريشٌ ؟ قالوا : لم يكن دوابٌ ؛ قال : فأين النواضحٌ ؟ قالوا : أنضيناها يوم بدرٍ في طلب أبي سفيان 47 - وقال معاوية لعقيل : إن فيكم لشبقاً يا بني هاشم ! قال : هو منّا في الرجال ، وهو منكم في النساء 48 - عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : شهدت مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقتلت رجلاً ، وضربني ضربةً ، فتزوّجت بابنته بعد ، فكانت تقول : لا عدمتُ رجلاً وشحك هذا الوشاح ؛ فأقول : لا عدمت رجلاً عجّل أباك إلى النار 49 - قال معاوية لعبد الله بن عامر : إن لي إليك حاجةٌ ، أتقضيها ؟ قال : نعم ! ولي إليك حاجةٌ ، أتمضيها ؟ قال : نعم ؛ قال : سل حاجتك ، قال : أريد أن تهب لي دورك وضياعك بالطائف ؛ قال : قد فعلت ؛ قال : وصلتك رحمٌ ، فسل حاجتك ؛ قال : أن تردها عليّ ؛ قال : قد فعلت 50 - قال رجلٌ لأبي الأسود الدؤلي : أشهد معاوية بدراً ؟ فقال : نعم ، من ذاك الجانب 51 - روى سعيدٌ المقبري ، عن أبي هريرة ، أنّه قال : ' لا يزالً العبدُ في صلاةٍ ما لم يحدث ' فقال رجلٌ من القوم أعجمي : ما الحدثُ يا أبا هريرة ؟ قال : الصوت ، قال : وما الصوت ؟ فجعل أبو هريرة يضرط بفيه حتى أفهمه القسم الثالث فيما يروى عن العلماء والحكماء 52 - عن شيخ من قريش ، قال : عرض شريحٌ ناقةً لبيعها ، فقال له المشتري : يا أبا أميّة ! كيف لبنها ؟ قال : احلب في أيّ إناءٍ شئت ؛ قال : كيف الوطاء ؟ قال : افرش ونم ؛ قال : فكيف نجاؤها ؟ قال : إذا رأيتها في الإبل عرفت مكانها ؟ قال : كيف قوتها ؟ قال : احمل على الحائط ما شئت فاشتراها ، فلم ير شيئاً مما وصفها به ، فرجع إليه ، فقال : لم أر شيئاً مما وصفتها به ! قال : ما كذبتك ؛ قال : أقلني ؛ قال : نعمٌ 53 - عن أبي القاسم السلمي ، عن غير واحدٍ من أشياخه ، أن شريحاً خرج من عند زيادٍ وهو مريضٌ ، فأرسل إليه مسروقٌ بن الأجدع رسولاً ، فقال : كيف تركت الأمير ؟ قال : تركته يأمر وينهى قال : يأمر بالوصية وينهي عن النياحة 54 - عن زكرياء بن أبي زائدة ، قال : كنت مع الشعبي في مسجد الكوفة ، إذ أقبل حمّال على كتفه كودن ، فوضعه ، ودخل إليه ، فقال : يا شعبي ! إبليس كانت له زوجةٌ ؟ قال : ذاك عرسٌ ما شهدته ، قال : هذا عالم العراق يسأل عن مسألةٍ فلا يجيب ! فقال : ردّوه ، نعم له زوجةٌ ، قال الله عز وجل : ! ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية : 50 ] ولا تكون الذّرّيّة إلا من زوجةٍ قال : فما كان اسمها ؟ قال : ذاك إملاكٌ ما شهدته 55 - عن عبد الله بن عياش ، قال : جلس الشعبي على باب داره ذات يوم ، فمرّ به رجلٌ ، فقال : أصلحك الله ! إني كنت أصلي ، فأدخلت إصبعي في أنفي ، فخرج عليها دمٌ ، فما ترى : أحتجم أم افتصد ؟ فرفع الشعبي يديه ، وقال : الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة 56 - أقر رجلٌ عند شريح ، ثم ذهب لينكر ، فقال له شريحٌ : قد شهد عليك ابن أخت خالتك 57 - روى عامرٌ الشعبي يوماً : أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، قال : ' تسحروا ، ولو أن يضع أحدكم إصبعه على التراب ثمّ يضعه في فيه ' فقال رجلٌ : أيّ الأصابع ؟ فتناول الشعبيّ إبهام رجله ، وقال : هذه 58 - ولقيه رجلٌ وهو واقفٌ مع امرأةٍ يكلّمها ، فقال الرجل : أيّكما الشّعبيّ ؟ فأومأ الشعبيّ إلى المرأة ، وقال : هذه 59 - وسأله رجلٌ عن المسح على اللّحية في الوضوء ، فقال : خلّلها بأصابعك فقال : أخاف أن لا تبلّها ! قال : فانقعها من أوّل اللّيل 60 - ودخل الشعبي على عبد الملك ، فقال له : كم عطاءك ؟ قال : ألفي درهم فقال : لحن العراقي ؛ ثم رد عليه ، فقال : كم عطاؤك ؟ قال ألفاً درهم قال : ألم تقل : ألفي درهم ! فقال : لحن أمير المؤمنين فلحنت ، لأني كرهت أن يكون راجلاً وأكون فارساً 61 - ودخل الشعبي الحمام ، فرأى داود الأوديّ بلا مئزر ، فغمض عينيه ، فقال له داود : متى عميت يا أبا عمرو ؟ قال : منذ هتك الله سترك 62 - وجاء رجلٌ إلى الشعبي ، فقال : اكتريت حماراً بنصف درهم ، وجئتك لتحدّثني ؛ فقال له : أكتر بالنصف الآخر وارجع ، فما أريد أن أحدثك 63 - وقيل للشعبي : هل تمرض الروح ؟ قال : نعم ! من ظل الثقلاء 64 - قال بعض أصحابه : فمررت به يوماً وهو بين ثقيلين ، فقلت : كيف الروح ؟ قال : في النزع 65 - قال أبو عبد الله الأسناطي : لما نزل في عين سعيد بن المسيب الماء ، قيل له : اقدحها ، فقال : فعلى من أفتحها 66 - كان إبراهيم النّخعي إذا طلبه إنسانٌ لا يحبّ لقاءه ، خرجت الخادم فقالت : اطلبوه في المسجد 67 - عن جرير ، قال : جئت الأعمش يوماً ، فوجدته قاعداً في ناحيةٍ ، وفي الموضع خليجٌ من ماء المطر ، فجاء رجلٌ عليه سواد ، فرأى الأعمش وعليه فروةٌ ، فقال : قم عبرني هذا الخليج ؛ وجذب بيده ، فأقامه ، وركبه ، وقال : ! ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) ! [ 43 سورة الزخرف / الآية 13 ] فمضى به الأعمش حتى توسط الخليج ، ثم رمى به ، وقال : ! ( وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ) ! [ 23 سورة المؤمنون / الآية : 29 ] ثمّ خرج ، وتركه يتخبّط في الماء 68 - عن الهيثم بن عدي ، قال : قيل للأعمش : ممّ عمشت عيناك ؟ قال : من النظر إلى الثقلاء 69 - قال الأعمش : وقال جالينوس : لكل شيءٍ حمى ، وحمى الروح النظر إلى الثقلاء 70 - قال شريك : سمعت الأعمش يقول : إذا كان عن يسارك ثقيلٌ وأنت في الصلاة ، فتسليمة عن اليمين تجزءك 71 - قال إسحاق الأزرق : قال : رجلٌ للأعمش : كيف بتّ البارحة ؟ قال : فدخل ، فجاء بحصير ووسادة ، ثم استلقى ، وقال : كذا 72 - قال سعيد الورّاق : كان للأعمش جارٌ ، كان لا يزال يعرض عليه المنزل ؛ يقول : لو دخلت فأكلت كسرةً وملحاً ؟ فيأبى عليه الأعمش ، فعرض عليه ذات يوم ، فوافق جوع الأعمش ، فقال : مرّ بنا ؛ فدخل منزله ، فقرّب إليه كسرةً وملحاً ؛ إذ سأل سائلٌ ، فقال له ربّ المنزل : بورك فيك ، فأعاد عليه المسألة ، فقال له : بورك فيك ؛ فلما سأل الثالثة ، قال له : اذهب ، وإلا والله خرجت إليك بالعصا ! قال : فناداه الأعمش : اذهب ويحك ! ولا والله ما رأيت أحداً أصدق مواعيد منه ، هو منذ سنةٍ يعدني على كسرةٍ وملح ، ولا والله ما زادني عليهما 73 - قال الأعمش لجليسٍ له : تشتهي كذا وكذا من الطعام ؟ فوصف طعاماً طيباً ؛ فقال : نعم ؛ قال : فأنهض بنا ؛ فدخل به منزله ، فقدّم رغيفين يابسين وكامخاً ، وقال : كل ؛ قال : أين ما قلت ؟ قال : ما قلت لك عندي ، إنّما قلت تشتهي 74 - دخل على الأعمش رجلٌ يعوده ، فقال له : ما أشدّ ما مرّ بك في علّتك هذه ؟ قال : دخولك 75 - قال أبو بكرٍ بن عياش : كنّا نسمي الأعمش سيّد المحدثين ، وكنّا نجيء إليه إذا فرغنا من الدّوران ، فيقول : عند من كنتم ؟ فيقول : عند فلان ؛ فيقول : طبلٌ مخرقٌ ؛ ويقول : عند من ؟ فنقول : فلانٌ ، فيقول : دفٌ ممزّقٌ وكان يخرج إلينا شيئاً لنأكله ، فقلنا يوماً : لا يخرج إليكم الأعمش شيئاً إلا أكلتموه قال : فأخرج إلينا سنّاً ، فأكلناه ، وأخرج فدخل ، فأخرج فتيتاً ، فشربناه ، فدخل ، فأخرج إجانةً صغيرةً وقتاً ، وقال : فعل الله بكم وفعل ! أكلتم قوتي وقوت امرأتي ، وشربتم فتيتها ! هذا علفٌ الشاة ، كلوا ! قال : فمكثنا ثلاثين يوماً لا نكتب فزعاً منه ، حتى كلّمنا إنساناً عطاراً كان يجلس إليه حتى كلمه لنا 76 - قال شعبة : كان الأعمش إذا رأى ثقيلاً ، قال له : كم عزمك تقيم في هذا البلد ؟ 77 - قال عمر بن حفص بن غياثٍ ، حدّثني أبي ، قال : قال لي الأعمش : إذا كان غد فاغذ عليّ حتى أحدثك عشرة أحاديث ، وأطعمك عصيدةً ، وانظر ! لا تجيء معك بثقيل ! قال حفص : فغدوت أريد الأعمش ، فلقيني ابن إدريس ، فقال : لي : أين تريد ؟ قلت : إلى الأعمش ، قال : فامض بنا قال : فلمّا بصر بنا الأعمش دخل إلى منزله ، وأجاف الباب ، وجعل يقول من داخل : يا حفص ! لا تأكل العصيدة إلا بجوزٍ ! ألم أقل لك لا تجئني بثقيل ! 78 - قال السيناني : دخل مع أبي حنيفة على الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! لولا أني أكره أن أثقل عليك لزدت في عيادتك ؛ فقال له الأعمش : إنّك تثقل عليّ وأنت في بيتك ، فكيف إذا دخلت عليّ ؟ 79 - قال الرّبيع بن نافع : كنّا نجلس إلى الأعمش ، فنقول : في السماء غيمٌ يعني : ههنا من نكره 80 - قال جرير : دعي الأعمش إلى عرس ، فنشر فروته ، ثم جاء ، فرده الحاجب ، فرجع ، فلبس قميصاً وإزاراً ، وجاء ، فلمّا رآه الحاجبُ أذن له ، فدخل ، وجاءوا بالمائدة ، فبسط كمّه على المائدة ، وقال : كل ! فإنما أنت دعيت ليس أنا ! وقام ولم يأكل 81 - قال حفص بن غياثٍ : رأيت إدريس الأودي جاء بابنه عبد الله إلى الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! هذا ابني ، إنّ من علمه بالقرآن ، إنّ من علمه بالفرائض ، إنّ من علمه بالشعر ، إنّ من علمه بالنحو ، إن من علمه بالفقه ؛ والأعمش ساكتٌ ، ثم سأل الأعمش عن شيءٍ ، فقال : سل ابنك ! 82 - قال وكيعٌ : كنا يوماً عند الأعمش ، فجاء رجلٌ يسأله عن شيءٍ ، فقال : إيش معك ؟ قال : خوخٌ ؛ فجعل يحدثه بحديثٍ ويعطيه واحدةً ، حتى فني ، قال : بقي شيءٌ ؟ قال : فني يا أبا محمدٍ ؛ قال : قم ، قد فني الحديث 83 - قال خبيقٌ : عوتب الأعمش في دخوله على بعض الأمراء ، فقال : هم بمنزلة الكنيف ، دخلت ، فقضيت حاجتي ، ثم خرجت 84 - قال محمد بن عبيد الله بن صبيح : ولى الحجّاج رجلاً من الأعراب بعض المياه ، فكسر عليه بعض خراجه ، فأحضره ، ثم قال له : يا عدوّ الله ! أخذت مال الله ! قال : فمال من آخذ ! أنا والله مع الشيطان أربعين سنةً حتى يعطيني حبّةً ما أعطاني 85 - قال عبيد الله بن محمدٍ التيمي : سمعت ذا النّون يقول بمصر : من أراد أن يتعلم المروءة والظرف فعليه بسقاة الماء ببغداد ، قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : لمّا حملت إلى بغداد ، رمي بي على باب السلطان مقيّداً ، فمرّ بي رجلٌ متزرٌ بمنديل مصري ، معتمٌ بمنديل دبيقي ، بيده كيزان خزفٍ رقاقٍ وزجاج مخروط ، فسألت : هذا ساقي السلطان ؟ فقيل لي : لا ! هذا ساقي العامة ؛ فأومأت إليه اسقني ، فتقدّم وسقاني ، فشممت من الكوز رائحة المسك ، فقلت لمن معي : ادفع إليه ديناراً ؛ فأعطاه الدينار ، فأبى ، وقال : لست آخذ شيئاً ! فقلت له : ولم ؟ فقال : أنت أسيرٌ ، وليس من المروءة أن آخذ منك شيئاً ؛ فقلت : كمل الظرف في هذا 86 - قال نسيمٌ الكاتب : قيل لأشعب : جالست الناس وطلبت العلم ، فلو جلست لنا ؟ فجلس ، فقالوا : حدّثنا ! فقال : سمعت عكرمة يقول : سمعت ابن عباس يقول : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول ' خلّتان لا يجتمعان في مؤمن ' ثم سكت ، فقالوا : ما الخلّتان ؟ فقال : نسي عكرمة واحدة ، ونسيت أنا الأخرى 87 - قال الواقديّ : لقيت أشعب يوماً ، فقال : وجدت ديناراً ، فكيف أصنع به ؟ قلت : تعرفه ؛ قال : سبحان الله ! قلت : فما الرأي ؟ قال : أشتري به قميصاً وأعرفه ؛ قلت : إذن لا يعرفه أحدٌ ؛ قال : فذلك أريد 88 - قال الهيثم بن عدي : كان أشعب مولى فاطمة بنت الحسين ، فأسلمته في البزّازين ، فقيل له : أين بلغت معرفتك بالبزّ ؟ فقال : أحسن النشر ، وما أحسن أطوي ، وأرجو أن أتعلّم الطيّ 89 - وقال أشعب : رأيت في النوم كأني أحمل بدرةً ، فمن ثقلها أحدثت ، فانتبهت ، فرأيت الحدث ولم أر البدرة 90 - قال عثمان بن عيسى الهاشمي : كنت عند المعتز ، وكان قد كتب أبو أحمد ابن المنجّم إلى أخيه أبي القاسم رقعةً يدعوه فيها ، فغلط الرسول ، فأعطاها لابن المعتز وأنا عنده ، فقرأها ، وعلم أنّها ليست له ، فقلبها وكتب : ( دعاني الرسول ولم تدعني ** ولكن لعلّي أبو القاسم ) فأخذ الرسول الرقعة ومضى ، وعاد عن قريب ، فإذا فيها مكتوب : ( أيا سيّداً قد غدا مفخراً ** لهاشم إذ هو من هاشم تفضّل وصدّق خطأ الرسول ** تفضل مولى على خادم ) ( فما أن يطاق إذا ما جددت ** وهزلك كالشهد للطاعم فدى لك من كل ما يتّقيه ** أبو أحمد وأبو القاسم ) قال : فقام ، ومضى إليه 91 - قال عثمان بن سعيد الرزاي : حدّثني الثقة من أصحابنا ، قال : لمّا مات بشرٌ المريسي لم يشهد جنازته من أهل العلم والسنّة أحدٌ إلا عبيد الشّونيزي ، فلمّا رجع من الجنازة لاموه ، فقال : أنظروني حتى أخبركم ، ما شهدت جنازةً رجوت فيها من الأجر ما رجوت في شهود جنازته ، إنّني لما قمت في الصف ، قلت : اللهمّ ! عبدك هذا كان لا يؤمن برؤيتك في الآخرة ؛ اللهمّ ! فاحجبه عن النظر إلى وجهك يوم ينظر إليك المؤمنون ؛ اللهم ! عبدك هذا كان لا يؤمن بعذاب القبر ، اللهمّ ! فعذبه اليوم في قبره عذاباً لم تعذبه أحداً من العالمين ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الميزان ، اللهمّ ! فخفف ميزانه يوم القيامة ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الشفاعة ؛ اللهمّ ! فلا تشفع فيه أحداً من خلقك يوم القيامة ؛ قال : فسكتوا عنه وضحكوا 92 - دخل أبو حازم المسجد ، فوسوس له الشيطان أنّك قد أحدثت بعد وضوئك ؛ فقال : أو بلغ هذا من نصحك ؟ ! 93 - قال المدائني : كان المطلب بن محمدٍ على قضاءٍ مكة وقد كان عنده امرأة قد مات عنها أربعة أزواج ، فمرض مرض الموت ، فجلست عند رأسه تبكي ، وقالت : إلى من توصي بي ؟ قال : إلى السادس الشقيّ 94 - قال أبو العباس محمد بن إسحاق الشاهد : سألت الزبير ابن البكار ، فقلت : منذ كم زوجتك معك ؟ فقال : لا تسألني ، ليس يرد القيامة أكثر كباشاً منها ، ضحيت عنها بسبعين كبشاً 95 - عن عبد الرزّاق ، عن أبيه ، أن حجراً المدري أمره محمد بن يوسف أن يلعن علياً ، فقال : إنّ الأمير محمد بن يوسف أمرني أن ألعن علياً ، فالعنوه ؛ لعنه الله قال : فعمّاها على أهل المسجد ، فما فطن لها إلا رجلٌ واحدٌ 96 - قال القرشي : وامتحنت الخوارج شيعيّاً ، فقال : أنا من عليّ ومن عثمان برئ 97 - قال مثنى : كان ابن عونٍ في جيشٍ ، فخرج رجل من المشركين ، فدعا إلى البراز ، فخرج إليه ابن عون وهو ملثم ، فقتله ، ثم اندسّ في الناس ، فجهد الوالي أن يعرفه ، فلم يقدر ، فنادى مناديه : أعزم على من قتل هذا إلا جاءني ، فجاءه ابن عونٍ ، فقال : وما على رجلٍ أن يقول : أنا قتلته ؟ 98 - قال شميرٌ : إنّ رجلاً خطب امرأة وتحته أخرى ، فقالوا : لا نزوّجك حتى تطلّق ، فقال : اشهدوا أني قد طلقت ثلاثاً ، فزوّجوه ، فأقام على امرأته ، فادعى القوم الطلاق ، فقال : أما تعلمون أنّه كانت تحتي فلانةٌ بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى وكانت تحتي فلانةٌ بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى وكانت تحتي فلانةٌ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى قال : فقد طلّقت ثلاثاً فبلغ إلى عثمان ، فجعلها نيّته 99 - قال علي بن عاصم : دخلت على أبي حنيفة وعنده حجام يأخذ من شعره ، فقال للحجام : تتبع مواضع البياض ، قال الحجام : لا ترد ، قال : ولم ؟ قال : لأنّه يكثر قال : فتتّبع مواضع السواد لعله يكثر 100 - دخل أبو حنيفة على المنصور ، وكان أبو العباس الطوسي سيىء الرأي في أبي حنيفة ، فقال الطوسي : اليوم أقتله فقال : يا أبا حنيفة ! إن أمير المؤمنين يأمرني بقتل رجل لا أدري ما هو ؟ فقال أبو حنيفة : أمير المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل ؟ قال : بالحق قال : أنفذ الحق حيث كان 101 - قال محمد بن جعفر الإمامي : كان أبو حنيفة يتّهم شيطان الطاق بالرجعة ، وكان شيطان الطاق يتهم أبا حنيفة بالتناسخ ، فخرج أبو حنيفة يوماً إلى السوق ، فاستقبله شيطان الطاق ومعه ثوبٌ يريد بيعه ، فقال له أبو حنيفة : تبيع هذا الثوب إلى رجوع علي ؟ فقال له : إن أعطيتني كفيلاً أنك لا تمسخ قرداً ، بعتك ؛ فبهت أبو حنيفة 102 - ولمّا مات جعفر بن محمد ، التقى هو وأبو حنيفة ، فقال له أبو حنيفة : أمّا إمامك فقد مات فقال له شيطان الطاق : أمّا إمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم 103 - قال محمد بن مسلمة المديني : وقيل له : إن رأي أبي حنيفة دخل هذه الأمصار كلّها ولم يدخل المدينة ؛ قال : لأنّ رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' على كل نقبٍ من أنقابها ملكٌ يمنع الدّجّال من دخولها ' ، وكلام هذا من كلام الدّجّالين ، فمن ثم لم يدخلها ! 104 - قال أحمد بن محمدٍ ، عن يحيى القطان : قال لي يزيد بن هارون : أنت أثقل عندي من نصف حجر البزر ، قلت : لم لم تقل من الرّحى كله ؟ فقال : إنّه إذا كان صحيحاً تدحرج ، فإذا كان نصفاً لم يرفع إلا بجهدٍ 105 - قال المبرد : سأل المأمون يحيى بن المبارك عن شيءٍ ، فقال : لا ، وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين ؛ فقال : لله درك ! ما وضعت واوٌ قطّ وضعاً أحسن منها في هذا الموضع ؛ ووصله وحمله 106 - عن أبي سمي الزاهد ، عن إبراهيم بن أدهم ، إنّه كان في بعض السّواحل ومعه رفقاءٌ له ، ومعهم حميرٌ لهم ، فجاء إليهم رجلٌ ، فقال : أريد أصحبكم وأكون معكم ؛ فكأنّهم كرهوا ذلك ، فلما خرجوا إلى ساحل البحر والرّجل معهم ، قال إبراهيم بن أدهم للحمار : زر ؛ فصاح الحمارٌ ، فانصرف الرّجل عنهم ، وقال : أنا ظننت فيكم خيراً ؛ فصرفوه بهذا 107 - قال عبدالله بن أحمد بن حربٍ : كلّم رجل عيسى بن موسى عند عبد الله بن شبرمة القاضي ، فقال عيسى : من يعرفك ؟ قال : ابن شبرمة ، فقال : أتعرفه ؟ قال : إني لأعلم أن له شرفاً وبيتاً وقدماً ؛ فلما خرج ابن شبرمة ، سئل عن ذلك ، فقال : أعلم أن له أذنين مشرفتين ، وأنّ له بيتاً يأوي إليه ، وقدماً يطأ عليها 108 - بلغنا أنّ رجلين سعيا بمؤمن إلى فرعون ليقتله ، فأحضرهم فرعون ، فقال للسّاعيين : من ربّكما ؟ قالا : أنت ! فقال للمؤمن : من ربك ؟ فقال : ربي ربّهما ! فقال لهما فرعون : سعيتما برجلٍ على ديني لأقتله ! فقتلهما 109 - قال الأصمعيّ : أنشدت محمد بن عمران قاضي المدينة : ( يا أيها السائل عن منزلي ** نزلت في الخان على نفسي يغدو عليّ الخبز من خابزٍ ** لا يقبل الرّهن ولا ينسي آكل من كيسي ومن كسوتي ** حتى لقد أوجعني ضرسي ) فقال : اكتبه لي ؛ قلت : أصلحك الله ! إنّما يكتب هذا للأحداث ! فقال : ويحك ! اكتبه لي ، فإن الأشراف يعجبهم الملاحة 110 - امتحن ابن أبي دؤاد الحارث بن مسكين أيام المحنة ، فقال له : أشهد أنّ القرآن مخلوقٌ ! فقال الحارث : أشهد أنّ هذه الأربعة مخلوقةٌ ، وبسط أصابعه الأربع ؛ وقال : التوراة والإنجيل والزّبور والفرقان ؛ فتخلّص 111 - قال رجلٌ لأبي تمّام : لم لا تقول ما نفهم ؟ فقال : لم لا تفهمون ما أقول ؟ 112 - قال أحمد ابن أبي طاهر : قال أبو هفّان ، ووصف رجلاً ، فقال : هو أثقل على القلوب من الموت على المعصية ! 113 - قال سفيان بن وكيع : سمعت سفيان بن عيينة يقول : دعانا سفيان الثّوري يوماً ، فقدّم إلينا تمراً ولبناً خاثراً ، فلمّا توسّطنا الأكل ، قال : قوموا بنا نصلي ركعتين شكراً لله قال سفيان بن وكيع : لو كان قدّم إليهم شيئاً من هذا اللوزينج المحدث ، لقال لهم : قوموا بنا نصلي تراويح 114 - قال أبو حاتم : أنشدنا الأصمعي : ( إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ** فأنت على يوم الشقاء قدير ) ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟ أخذته من قول العيّارين : أكثر من التخم ، فإنّك على الجوع قادرٌ 115 - قال بكر بن عبد الله المزني : أحوجٌ الناس إلى لطمةٍ من دعي إلى وليمةٍ فذهب معه بآخر ؛ وأحوج الناس إلى لطمتين رجلٌ دخل دار قوم ، فقيل له : اجلس ههنا ، فقال : لا ! بل ههنا ؛ وأحوج النّاس إلى ثلاث لطماتٍ رجلٌ قدم إليه طعامٌ ، فقال : لا آكل حتى يجلس معي ربّ البيت 116 - قال عمرو بن عثمان : دخل المنصور قصراً ، فوجد في جداره كتاباً : ( ومالي لا أبكي بعينٍ حزينةٍ ** وقد قربت للظّاعنين حمول ) وتحته مكتوبٌ : إيه إيه ؟ - قال أبو عمرو : ويروى آهٍ آهٍ - فقال المنصور : أيّ شيءٍ إيه إيه ؟ فقال له الربيع ، وهو إذ ذاك تحت يدي أبي الخصيب الحاجب : يا أمير المؤمنين ! إنّه لمّا كتب البيت أحبّ أن يخبر أنّه يبكي . فقال : قاتله الله ما أظرفه 117 - قال أبو الفضل الرّبعي : حدثني أبي ، قال : قال المأمون لعبد الله بن طاهر : أيّما أطيب : مجلسي أو منزلك ؟ قال : ما عدلت بك يا أمير المؤمنين ! فقال : ليس إلى هذا ذهبت ، إنّما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللّذّة ، قال : منزلي يا أمير المؤمنين قال : ولم ذاك ؟ قال : لأني فيه مالك وأنا ههنا مملوكٌ 118 - عن الأصمعي ، قال : قال رجلٌ : ما رأيت ذا كبرٍ قطّ إلا تحوّل داؤه فيّ يريد : إنّي أتكبّر عليه 119 - بلغنا عن بعض ولاة مصر أنّه كان يلعب بالحمام ، فتسابق هو وخادمٌ له ، فسبقه الخادم ، فبعث الأمير إلى وزيره يستعلم الحال ، فكره الوزير أن يكتب إليه : إنّك قد سبقت ؛ ولم يدر كيف يكني عن تلك الحال ، فقال كاتبٌ : ثم إن رأيت أن تكتب : ( يا أيّها المولى الذي جدّه ** لكلّ جدّ قاهرٌ غالبٌ طائرك السّابق لكنّه ** أتى وفي خدمته حاجب ) فاستحسن ذلك ، وأمر له بجائزةٍ ، وكتب به 120 - أطال الجلوس يوماً عند الواثق حسينٌ الخادم ، فقال له : ألك حاجةٌ ؟ قال : أمّا إلى أمير المؤمنين فلا ، ولكن إلى الله تعالى أن يطيل بقاءه ويديم عزّه 121 - جاء رجلٌ إلى أبي خازم القاضي ، فقال : إنّ الشيطان يأتيني ، فيقول : إنّك قد طلّقت امرأتك ، فيشككني ؛ فقال له : أو ليس قد طلقّتها ؟ قال : لا ! قال : ألم تأتني أمس فتطلّقها عندي ؟ فقال : والله ما جئتك إلا اليوم ، ولا طلّقتها بوجهٍ من الوجوه ، قال : فاحلف للشيطان كما حلفت لي ، وأنت في عافيةٍ 122 - كتب بعض ملوك فارس على بابه : ' تحتاج أبواب الملوك إلى عقلٍ ومالٍ وصبرٍ ' فكتب بعض الحكماء تحته : ' من كان عنده واحدةٌ من هذه الثلاث لم يحتج إلى أبواب الملوك ' فرفع خبره إلى الملك ، فقال : زه ! وأمر بإجازته ومحو الكتابه من الباب 123 - مرّ الشّعبي بخيّاط ، فقال : يا خيّاط ! عندنا راقود قد انكسر ، تخيطه ؟ فقال له الخيّاط : إن كان عندك خيوطٌ من ريحٍ خطته لك 124 - لمّا حاصر خالد بن الوليد أهل الحيرة ، قال : ابعثوا لي رجلاً من عقلائكم ؛ فبعثوا عبد المسيح بن عمروٍ ، وكان نصرانياً ، فجاء ، فقال لخالد : أنعم صباحاً أيها الملك ! فقال : قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه ، فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ ؟ قال : من ظهر أبي ؛ قال : فمن أين خرجت ؟ قال : من بطن أمي ؛ قال : فعلام أنت ؟ قال : على الأرض ؛ قال : ففيم أنت ؟ قال : في ثيابي ؛ قال : أتعقل ؟ قال : أي والله ، وأقيّد ؛ قال : ابن كم أنت ؟ قال : أبن رجلٍ واحدٍ ؛ قال خالدٌ : ما رأيت كاليوم ، أسألك الشيء وتنحو في غيره ! فقال : ما أنبأتك إلا عما سألتني 125 - قال المبرّد : قال رجلٌ لهشام بن عمروٍ الفوطي : كم تعدّ ؟ قال : من واحدٍ إلى ألف ألف ؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم تعدّ من السّنّ ؟ قال : اثنان وثلاثون ؛ ستة عشر من أعلى وستة عشر من أسفل ؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم لك من السنين ؟ قال : ما لي منها شيءٌ ، كلها لله عز وجل ؛ قال : فما سنّك ؟ قال : عظمٌ ؛ قال : فابن كم أنت ؟ قال : ابن اثنين : أبٌ وأمٌ ؛ قال : فكم أتى عليك ؟ قال : لو أتى عليٌ شيءٌ لقتلني ؛ قال : فكيف أقول ؟ قال : قل : كم مضى من عمرك ؟ 126 - لقي الخوارجٌ رجلاً ، فهمّوا بقتله ، فقال : أعهد إليكم في اليهود شيء ؟ قالوا : لا ! قال : فامضوا راشدين 127 - قال الرشيد لأبي يوسف : ما تقول في الفالوذج واللوزينج ؟ أيهما أطيب ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ! لا أقضي بين غائبين ؛ فأمر بإحضارهما ، فجعل أبو يوسف يأكل من هذا لقمةً ومن هذا لقمةً ، حتى نصف جاميهما ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ! ما رأيت خصمين أجدل منهما ، كلما أردت أن أسجل لأحدهما أدلى الآخر بحجّته 128 - عن مطر الورّاق ، قال : إذا سألت العالم عن مسالةٍ فحكّ رأسه ، فاعلم ، أنّ حماره قد بلغ القنطرة 129 - وعنه أيضاً أنّه قال : غضب عليّ أبي ، فأسلمني إلى الحاكة نصف يومٍ ، فأنا أعرف ذلك في عقلي 130 - قال ابن خلفٍ : حدّثني بعض أصحابنا قال : بلغني أنّ الرشيد خرج متنزهاً ، فانفرد من عسكره والفضل بن الرّبيع خلفه ، فإذا هو بشيخٍ قد ركب حماراً وفي يده لجامٌ كأنّه مبعرٌ محشوٌ ، فنظر إليه فإذا رطب العينين ، فغمز الفضل عليه ، فقال له الفضل : أين تريد ؟ قال : حائطاً لي فقال : هل لك أن أدلك على شيء تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة ؟ قال : ما أحوجني إلى ذلك ! فقال له : خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق الكمأة ، فصيّره في قشر جوزةٍ واكتحل ، فإنّه يذهب عينيك قال : فاتكأ على قربوسه ، فضرط ضرطة طويلةٌ ، ثمّ قال : تأخذ أجرةٌ لصفتك ، فإن نفعتنا زدناك قال : فاستضحك الرشيد حتى كاد يسقط عن ظهر دابّته 131 - قال المهدي لشريك : لو شهد عندك عيسى كنت تقبله ؟ وأراد أن يغري بينهما ؛ فقال : من شهد عندي سألت عنه ، ولا يسأل عن عيسى إلا أمير المؤمنين ، فإن زكيّته قبلته 132 - دخل الوليد بن يزيد على هشام [ بن عبد الملك ] ، وعلى الوليد عمامةٌ وشي ، فقال هشام : بكم أخذتها ؟ قال : بألف درهم فقال : هذا كثيرٌ ؛ قال : إنّها لأكرم أطرافي ، وقد اشتريت جاريةً بعشرة آلافٍ لأخسّ أطرافك ! 133 - وقعت على يزيد بن المهلّب حيةٌ ، فلم يدفعها عنه ، فقال له أبوه : ضيّعت العقل من حيث حفظت الشجاعة 134 - قال عمارة بن عقيل : قال ابن أبي حفصة الشاعر : أعلمت أنّ أمير المؤمنين ! يعني : المأمون - لا يبصر الشعر ؟ فقلت : من ذا يكون أفرس منه ؟ والله إنّا لننشد أوّل البيت فيسبق إلى آخره من غير أن يكون سمعه ؛ قال : إنّي أنشدته بيتاً أجدت فيه ، فلم أره تحرك له ، وهذا البيت فاسمعه : ( أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلاً ** بالدّين والنّاس بالدّنيا مشاغيل ) فقلت له : ما زدت أن جعلته عجوزاً في محرابها في يدها سبحةٌ ، فمن يقوم بأمر الدّنيا إذا كان مشغولاً عنها وهو المطرق لها ؟ ألا قلت كما قال عمّك جريرٌ لعبد العزيز بن الوليد : ( فلا هو في الدنيا مضيعٌ نصيبه ** ولا عرضٌ الدنيا عن الدين شاغله ) 135 - بلغنا عن الرّشيد أنّه كان في داره حزمةٌ خيزران ، فقال لوزيره الفضل بن الرّبيع : ما هذه ؟ فقال : عروق الرماح يا أمير المؤمنين ؛ ولم يرد أن يقول : الخيزران لموافقته اسم أم الرّشيد 136 - قيل للحسن بن سهل ، وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله : ليس في السرف خيرٌ ؛ فقال : ليس في الخير سرفٌ 137 - رأى الفتح بن خاقان شيئاً في لحية المتوكل ، فنادى : يا غلام ! مرآة أمير المؤمنين ؛ فجيء بها ، فقابل بها وجهه حتى أخذ ذلك الشيء بيده 138 - قال الحسن بن علي بن مقلة : كان أبو علي ابن مقلة يوماً يأكل ، فلمّا رفعت المائدة ، وغسل يده ، رأى على ثوبه نقطةً صفراء من الحلواء التي كان يأكلها ، ففتح الدواة ، واستمد منها ، ونقطها على الصفرة حتى لم يبق لها أثرٌ ، وقال : ذلك عيبٌ ، وهذا أثر صناعةٍ ؛ ثم أنشد : ( إنّما الزّعفران عطر العذارى ** ومداد الدّوي عطر الرجال ) 139 - قال السلامي الشاعر : دخلت على عضد الدولة ، فمدحته ، فأجزل عطيّتي من الثياب والدّنانير ، وبين يديه جامٌ ، فرآني ألحظه ، فرمى به إليّ ، وقال : خذه ؛ فقلت : وكل خيرٍ عندنا من عنده ؛ فقال عضد الدولة : ذاك أبوك ! فبقيت متحيّراً لا أدري ما أراد ؛ فجئت أستاذا لي ، فشرحت له الحال ؛ فقال : ويحك ! قد أخطأت خطيئة عظيمةً ، لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلباً حيث يقول : ( أنعت كلباً أهله في كدّه ** قد سعدت جدودهم بجدّه ( وكل خيرٍ عندهم من عنده ) قال : فعدت متّشحاً بكساء ، ووقفت بين يدي الملك أرعد ، فقال : ما لك ؟ قلت : حممت الساعة ، قال : هل تعرف سبب حمّاك ؟ قلت : نظرت في شعر أبي نواس ، فحممت ؛ قال : لا تخف ، لا بأس عليك من هذه الحمى ؛ فسجدت له ، وانصرفت 140 - قال يموت بن المزرّع : جلس الجمّاز يأكل على مائدةٍ بين يدي جعفر بن القاسم ، وجعفر يأكل على مائدةٍ أخرى مع قومٍ ، وكانت الصحفة ترفع من بين يدي جعفر فتوضع [ بين ] يديّ الجمّاز ومن معه ، فربّما جاء قليل وربما لم يجيء شيءٌ ، فقال الجمّاز : أصلح الله الأمير ، ما نحن اليوم إلا عصبةٌ ، ربّما فضل لنا بعض المال ، وربّما أخذه أهل السهام ولا يبقى لنا شيءٌ 141 - قال يموت : وكان أبي والجمّاز يمشيان ، وأنا خلفهما ، فمررنا بإمام وهو ينتظر من يمرّ عليه فيصلي معه ، فلمّا رآنا أقام الصلاة مبادراً ، فقال له الجمّاز : دع عنك هذا ، فإنّ رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] نهى أن يتلقّى الجلب 142 - قال عافية بن شبيبٍ : لما دخل الجمّاز على المتوكل ، قال له : تكلّم ، فإنّي أريد أن أستبرئك ؛ فقال : له الجمّاز : بحيضةٍ أو حيضتين ؟ فضحك الجماعة فقال له الفتح [ بن خاقان ] : قد كلّمت أمير المؤمنين فيك حتى ولاّك جزيرة القرود ؛ فقال الجمّاز : أفلست في السمع والطاعة أصلحك الله ؟ فحصر الفتح وسكت ، فأمر له المتوكل بعشرة آلاف درهم ، فأخذها وانحدر ، فمات فرحاً بها 143 - قال أحمد بن المعدل : كنت جالساً عند عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون ، فجاءه بعضٌ جلسائه ، فقال : أعجوبةٌ ! قال : ما هي ؟ قال : خرجت إلى حائطي بالغابة ، فلمّا أصحرت وبعدت عن البيوت ، تعرّض لي رجلٌ ، فقال : اخلع ثيابك ! قلت : وما يدعوني إلى خلع ثيابي ؟ قال : أنا أولى بها منك ، قلت : ومن أين ؟ قال : لأني أخوك وأنا عريانٌ وأنت مكتسٍ ؛ قلت : فالمواساة ! قال : كلا ، قد لبستها برهةٌ ، وأنّا أريد أن ألبسها كما لبستها ؛ قلت : فتعريني وتبدي عورتي ؟ قال : لا بأس بذلك ، فقد روّينا عن مالك أنّه قال : لا بأس للرّجل أن يغتسل عرياناً ؛ قلت : فيلقاني الناس فيرون عورتي ؟ ! قال : لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها ؛ فقلت : إني أراك ظريفاً ، فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب ، وأوجه بها إليك ؛ قال : كلا ، أردت أن توجه إلى أربعةً من عبيدك ، فيحملوني إلى السلطان ، فيحبسني ، ويمزق جلدي ، ويطرح في رجلي القيد ؛ قلت : كلا ، أحلف لك أيماناً أني أفي لك بما وعدتك ولا أسؤوك ! قال : كلا ! إنّا روّينا عن مالك أنّه قال : لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص ؛ قلت : فأحلف لك إنّي لا أحتال في أيماني هذه ؛ قال : هذه يمين مركبةٌ على أيمان اللصوص ؛ قلت : فدع المناظرة بيننا ، فوالله لأوجّهن إليك هذه الثياب طيبةٌ بها نفسي ؛ فأطرق ، ثم رفع رأسه ، وقال : تدري فيم فكرت ؟ قلت : لا ؛ قال : تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وإلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ نسيئةٌ ، وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعةً يكون عليّ وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة ، اخلع ثيابك ؛ فخلعتها ودفعتها إليه 144 - شاهد عبيد الله بن محمدٍ الخفّاف لصّاً قد أخذ ، وشهد عيه أنّه كان يفشّ الأقفال في الدور اللطاف ، فإذا دخل ، حفر في الدار حفرةً لطيفةً كأنّها بئر النرد ، وطرح فيها جوزاتٍ كأنّه يلاعب إنساناً ، وأخرج منديلاً فيه نحو مئتي جوزةً ، فتركه إلى جانبها ، ثم يكور جميع ما يطيق حمله ، فإن لم يفطن به خرج ، وإن جاء صاحب الدار ترك القماش وأفلت ، وإن كان صاحب الدار جلداً ، فواثبه ، وصاح : اللصوص ! واجتمع الجيران ، أقبل عليه ، وقال : ما أبردك ! أنا أقامرك بالجوز منذ شهور ، قد أفقرتني وأخذت كل ما أملكه ، لأفضحنّك بين جيرانك ، لمّا قمرتك الآن تصيح ! يا غثّ ! يا بارد ! بيني وبينك دار القمار ، قل قد ضغوت حتى أخرج ! فيقول الجيران : إنّما يريد أن لا يفضح نفسه بالقمار ، فقد ادعي على ذا اللصوصية ؛ فيحولون بينهما ، ويخرجون اللص 145 - دخل لصٌ بيت قوم ، فلم يجد فيه شيئاً ، فكتب على الحائط : ' عزّ علي فقركم وغناي ' 146 - دخل لصٌ داراً ، فأخذ ما فيها وخرج ، فقال صاحب الدار : ما أنحس هذه الليلة ! فقال اللص : ليس على كل أحدٍ 147 - قال أبو حاتم : أنشدنا الأصمعي : ( إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ** فأنت على يوم الشقاء قدير ) ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟ من قول العيّارين : أكثر من التخم ، فأنت على الجوع قادر 148 - قال إسحاق بن إبراهيم القزاز : كنّا عند بندار ، فقال في حديث : عن عائشة ، قال : قالت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال له رجلٌ يسخر منه : بالله ما أفضحك ! فقال : كنّا إذا خرجنا من عند روحٍ دخلنا على أبي عبيدة ، قال : فقد بان ذلك عليك 149 - قال الأصمعي : كان بعض الكرماء في مجلسه وعنده جماعةٌ ، فضرط رجلٌ من جلسائه ، فانقبض لذلك ، واغتمّ بانقباضه صاحب المجلس ، فلمّا كان من الغد ، أمر فترك تحت الفرش نفّاخة السمك ، فلمّا جلس الناس عنده تفرقعت من تحت الجلساء ، فقال : ما هذا ؟ انظروا ! فأخرجت وقد انشقّت ، فقال : هذا بالأمس ، وهذا اليوم ! وأمر بصفع الفراشين ، فزالت الظنّة عن الضّارط ، وبرئت ساحته . 150 - قال أبو أحمد العسكري : حدثني شيخٌ من شيوخ بغداد ، قال : كان حيّان بن بشرٍ قد ولي قضاء بغداد وقضاء إصبهان أيضاً ، وكان من جلّة أصحاب الحديث ، فروى يوماً أنّ عرفجة قطع أنفه يوم الكلام ! وكان مستمليه رجلاً يقال له : كجّة ، فقال : أيّها القاضي ! إنّما هو يوم الكلاب ؛ فأمر بحبسه ، فدخل إليه الناس ، وقالوا : ما الذي دهاك ؟ فقال : قطع أنف عرفجة في الجاهلية ، وامتحنت أنا به في الإسلام 151 - قال محمد بن حفص جارُ بشر : دخلنا على بشر بن الحارث وهو مريضٌ ، فقال له رجلٌ : أوصني ! فقال : إذا دخلت إلى مريضٍ فلا تطل القعود عنده 152 - دفع أبو الطّيب الطبري خفاً إلى خفاف ليصلحه ، فكان كلّما مرّ عليه يتقاضاه ، وكان الخفّاف كلما رأى القاضي أخذ الخف وغمسه في الماء ، وقال : الساعة الساعة ؛ فلمّا طال عليه ، قال له : إنّما دفعته إليك لتصلحه ، ولم أدفعه إليك لتعلّمه السباحة ! 153 - قال عبدالله بن البوّاب : كان المأمون يحلم حتى يغيظنا في بعض الأوقات ؛ جلس يستاك على دجلة من وراء ستر ونحن قيامٌ بين يديه ، فمرّ ملاّحٌ وهو يقول : أتظنّون أنّ هذا المأمون ينبل في عيني وقد قتل أخاه ؟ قال : فوالله ما زاد على أن تبسّم ، وقال لنا : ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل ؟ ! 154 - قال أبو الحسن المدائني : قال بعض أهل العلم : كان لنا صديقٌ من أهل البصرة ، وكان ظريفاً أديباً ، فوعدنا أن يدعونا إلى منزله ، فكان يمرّ بنا ، فكلما رأيناه قلنا له : ! ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) ! [ 21 سورة الأنبياء / الآية : 38 ] فيسكت إلى أن اجتمع ما نريد ، فمرّ بنا ، فأعدنا عليه ، فقال : ! ( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ) ! [ 77 سورة المرسلات / الآية : 29 ] 155 - قال الزهري : سمعت سعيد بن المسيب يقول لرجل : ألك امرأةٌ إذا أخذتها قالت لك : قتلتني ؟ قال : نعم ! قال : فاقتلها ، فإن ماتت ، فعلي ديتها 156 - قال أبو محمدٍ عبد الله بن علي المقرئ : كان حاجب الباب ابن النسوي ذكياً ، فسمع في بعض ليالي الشتاء بصوت برّادةٍ ، فأمر بكبس الدّار ، فأخرجوا رجلاً وامرأة ، فقيل له : من أين علمت ؟ فقال : في الشتاء لا يبرّد الماء ، وإنّما هذه علامةٌ بين هذين . 157 - كان لأحمد بن الخصيب وكيلٌ في ضياعه ، فرفعت عليه جنايةٌ ، فهرب ، فكتب إليه أحمد يؤنسه ويحلف له على بطلان ما اتصل به ، ويأمره بالرّجوع ، فكتب إليه : ( أنّا لك عبدٌ سامعٌ ومطيعٌ ** وإنّي بما تهوى إليك سريع ولكن لي كفّاً أعيش بفضلها ** فما أشتري إلا بها وأبيع أأجعلها تحت الرّحى ثمّ أبتغي ** خلاصاً لها ! إنّي إذن لرقيع ) 158 - وروّينا أنّ المتوكل قال : أشتهي أنادم أبا العيناء لولا أنّه ضريرٌ ؛ فقال أبو العيناء : إن أعفاني أميرُ المؤمنين من رؤية الهلال ونقش الخواتيم فإني أصلح 159 - وقيل لأبي العيناء : بقي من يلقى ؟ قال : نعم ! في البئر 160 - قال علي بن سليمان الأخفش : سمعت أبا العيناء يقول : كنت يوماً في الورّاقين ، إذ رأيت منادياً مغفّلاً ، في يده مصحف مخلّق الأداة ، فقلت له : ناد عليه بالبراءة ممّا فيه ؛ وأنا أعني أداته ، فأقبل ينادي بذلك ، فاجتمع أهل السّوق والمارّة على المنادي ، وقالوا لهُ : يا عدوّ الله ! تنادي على مصحف بالبراءة ممّا فيه قال : وأوقعوا به ، فقال لهم : ذلك الرّجل القاعد أمرني بذلك ؛ فتركوا المنادي ، وأقبلوا عليّ ، ورفعوني إلى الوالي ، وكتب في أمري إلى السلطان ، فأمر بحملي ، فحملت مستوثقاً مني ، واتصل خبري بابن أبي داؤدٍ ، فلم يزل يتلطّف في أمري حتى خلّصني 161 - قال أبو العيناء : كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها ، أني مررت بسوق النّخّاسين يوماً ، فرأيت غلاماً ينادي عليه وقد بلغ ثلاثين ديناراً وهو يساوي ثلاث مئة دينار ، فاشتريته ، وكنت أبني داراً ، فدفعت إليه عشرين ديناراً على أن ينفقها على الصّناع ، فجاءني بعد أيّام يسيرةٍ ، فقال : قد نفدت النّفقة ، قلت : هات حسابك ؛ فرفع حساباً بعشرة دنانير ، قلت : فأين الباقي ؟ قال : اشتريت به ثوباً مصمتاً وقطعته ، قلت : ومن أمرك بهذا ؟ قال : يا مولاي ! لا تعجل ، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود بالزّين على مواليهم ؛ فقلت في نفسي : أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم ! قال : وكانت في نفسي امرأةٌ أردت أن أتزوّجها سرّاً من ابنة عمي ، فقلت له يوماً : أفيك خيرٌ ؟ قال : إي لعمري ؛ فأطلعته على الخبر ، فقال : أنا نعم العون لك ؛ فتزوجت ، ودفعت إليه ديناراً ، فقلت له : اشتر لنا كذا وكذا ، ويكون فيما تشتريه سمكٌ هازبى ؛ فمضى ، ورجع وقد اشترى ما أردت ، إلا أنّه اشترى سمكاً مارماهى ، فغاظني ، فقلت : أليس أمرتك أن تشتري هازبى ؟ قال : بلى ! ولكنّي رأيت بقراط يقول : إنّ الهازبى يولّد السّوداء ويصف المارماهى ؛ ويقول : إنّه أقل غائلةً ؛ فقلت : أنا لم أعلم إني اشتريت جالينوس ؟ ! وقمت إليه ، فضربته عشر مقارع ، فلمّا فرغت من ضربه ، أخذني وأخذ المقرعة ، وضربني سبع مقارع ، وقال : يا مولاي ! الأدب ثلاث ، والسبع فضلٌ ، ولذلك قصاصٌ ، فضربتك هذه السبع خوفاً عليك من القصاص يوم القيامة ؛ فغاظني جدّاً ، فرميته ، فشجحته ، فمضى من وقته إلى ابنة عمي ، فقال لها : يا مولاتي ! الدين النصيحة ، وقد قال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : ' من غشّنا فليس منا ' وأنا أعلمك أنّ مولاي قد تزوّج واستكتمني ، فلمّا قلت له : لا بدّ من إعلام مولاتي ، ضربني بالمقارع ، وشجّني ؛ فمنعتني بنت عمّي من دخول الدار ، وحالت بيني وبين ما فيها ، فلم أر الأمر يصلح إلاّ بأن طلقت المرأة التي تزوّجتها ، فصلح أمري مع ابنة عمّي وسمّت الغلام ، ' النّاصح ' ، فلم يتهيّأ لي أن أكلّمه ، فقلت : أعتقه وأستريح ، لعلّه أن يمضي عنّي ؛ فأعتقته ، فلزمني ؛ قال : الآن وجب حقّك عليّ ؛ ثمّ إنّه أراد الحجّ ، فجهّزته وزوّدته ، وخرج ، فغاب عليّ عشرين يوماً ، ثمّ رجع ، فقلت له : لم رجعت ؟ قال : قطع الطريق ، وفكّرت ، فإذا الله تعالى يقول : ! ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ! [ 3 سورة آل عمران / الآية : 97 ] وكنت غير مستطيع ، وفكرت ، فإذا حقك عليّ أوجب ، فرجعت ؛ ثم أراد الغزو ، فجهزته ، فشخص ، فلمّا غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقارٍ وغيره ، وخرجت عنها خوفاً أن يرجع 162 - وسئل أبو العيناء عن حماد بن زيدٍ بن درهم ، وحمّاد بن سلمة بن دينار ، فقال : بينهما في القدر ما بين أبويهما في الصرف 163 - وشكى بعض الوزراء كثرة الأشغال ، فقال أبو العيناء : لا أراني الله يوم فراغك 164 - وشكى أبو العيناء إلى عبيد الله بن سليمان تأخّر رزقه ، فقال : ألم نكن كتبنا لك إلى فلانٍ ، فما فعل في أمرك ؟ قال : جرّني على شوك المطل ؛ قال : أنت اخترته ؛ قال : وما علي وقد اختار موسى قومه سبعين رجلاً ، فما كان فيهم رشيدٌ ، فأخذتهم الرجفة ، واختار رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ابن أبي سرح كاتباً ، فلحق بالكفّار مرتدّاً واختار عليّ أبا موسى ، فحكم عليه ؟ ! 165 - قال بعض العلويّة لأبي العيناء : أنت تبغضني ، ولا تصحّ صلاتك إلاّ بالصّلاة عليّ ، لأنّك تقول : اللّهم صلّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ ، قال : إذا قلت : ' الطّيّبين ' خرجت منهم 166 - وقال له رجل : أشتهي أرى الشيطان ، قال : انظر في المرآة 167 - كان علي بن عيسى الرّبعي يمشي على جانب دجلة ، فرأى الرّضيّ والمرتضى في سفينةٍ ، ومعهما عثمان بن جنّي ، فقال : من أعجب أحوال الشّريفين أن يكون عثمان جالساً بينهما وعليّ يمشي على الشط بعيداً عنهما 168 - دخل حميد الطوسي على المأمون وعنده بشرٌ المريسيّ ، فقال المأمون لحميد : أتدري من هذا ؟ قال : لا ! قال : هذا بشرٌ المريسيّ ؛ فقال حميدٌ : يا أمير المؤمنين ! هذا سيّد الفقهاء ، هذا قد رفع عذاب القبر ومسألة منكر ونكير ، والميزان والصّراط ، انظر هل يقدر أن يرفع الموت فيكون سيّد الفقهاء حقّاً ؟ ! 169 - قال السري : اعتللت بطرطوس علة الذرب ، فدخل عليّ هؤلاء القرّاء يعودوني ، فجلسوا ، فأطالوا ، فآذاني جلوسهم ، ثمّ قالوا : إن رأيت أن تدعو الله ؟ فمددت يدي ، فقلت : الّلهمّ علّمنا أدب العيادة 170 - قال عبد الله بن سليمان بن الأشعث ؛ سمعت أبي يقول : كان هارون الأعور يهودياً ، فأسلم وحسن إسلامه ، وحفظ القرآن والنحو ، فناظره إنسانٌ في مسألة ، فغلبه هارون ، فلم يدر المغلوب ما يصنع ، فقال له : أنت كنت يهودياً فأسلمت ، فقال هارون : فبئس ما صنعت ؟ ! فغلبه في هذا أيضاً 171 - قال المبرّد : ضاف رجلٌ قوماً ، فكرهوه ، فقال الرجل لامرأته : كيف نعلم مقدار مقامه ؟ فقالت : ألقِِ بيننا شرّاً حتى نتحاكم إليه ، ففعل ، فقالت للضّيف : بالذي يبارك لك في غدوّك غداً ، أيّنا أظلم ؟ فقال الضّيف : والذي يبارك لي في مقامي عندكم شهراً ما أعلم 172 - لما دخل أبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي بيت المقدس ، قصد أبا عثمان ابن ورقاء ، فطلب منه جزءاً ، فوعده به ، ثم رجع ورجع مرّات ، والشيخ ينسى ، فقال له أبو محمدٍ : أيّها الشيخ ! لا تنظر إليّ بعين الصّبوة ، فإن الله تعالى قد رزقني من هذا الشأن ما لم يرزق أبا زرعة الرّازي فقال الشيخ : الحمد لله ثم رجع إليه في طلب الجزء ، فقال الشيخ : أيّها الشاب ! إنّي طلبت البارحة الأجزاء ، فلم أر جزءاً يصلح لأبي زرعة الرّازي ! فخجل وقام 173 - كان أبو الحسين بن المتيّم الصوفي يسكن الرّصافة ، وكان مطبوعاً مضحاكاً ، وكان دائماً يتولّع برجلٍ شاهد فيه غفلةً ، يعرف بأبي عبد الله إلكيا قال ابن المتيّم : فلقيته يوماً في شارع الرصافة ، فسلّمت عليه ، وصحت به : لتشهد عليّ ؛ فاجتمع النّاس علينا ، فقال : بماذا ؟ قلت : إن الله تعالى إله واحدٌ لا إله إلا هو وأنّ محمداً عبده ورسوله ، وأن الجنّة حقّ ، والنّار حقّ ، والسّاعة آتيةٌ لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ؛ فقال : أبشر يا أبا الحسين ! سقطت عنك الجزية ، وصرت أخاً من إخواننا فضحك النّاس وانقلب الولع بي 174 - استأجر رجلٌ رجلاً يخدمه ، فقال له : كم أجرتك ؟ قال : شبع بطني ؛ فقال له : سامحني ؛ فقال : أصوم كل اثنين وخميس 175 - قال الجاحظ : كنت مجتازاً في بعض الطرق فإذا أنا برجلٍ قصيرٍ بطينٍ كبير الهامة ، متّزرٍ بمئزرٍ وبيده مشطٌ ، يسقي به شقةً ، ويمشطها به ؛ فاستزريته ، فقلت : أيها الشيخ ! قد قلت فيك شعراً ؛ فترك المشط من يده ، وقال : هات ؛ فقلت : ( كأنّك صعوةٌ في أصل حشّ ** أصاب الحشّ طشٌ بعد رش ) فقال لي : اسمع الجواب ؛ قلت : هات ! فقال : ( كأنّك كندنٌ في ذنب كبش ** يدلدل هكذا والكبش يمشي ) 176 - منع عمرو بن العاص أصحابه ما كان يصل إليهم ؛ فقام إليه رجلٌ ، فقال له : اتّخذ جنداً من الحجارة لا تأكل ولا تشرب ؛ فقال له عمرو : اخسأ أيّها الكلب فقال له الرجل : أنا من جندك ، فإن كنت كلباً فأنت أمير الكلاب وقائدها 177 - قال رجلٌ لغلامه : يا فاجر ! فقال : مولى القوم منهم 178 - قال الصّاحب بن عباد : جئت من دار السلطان ضجراً من أمر عرض لي ؛ فقال لي رجلٌ : من أين أقبلت ؟ فقلت : من لعنةِ الله ؛ فقال : ردّ الله عليك غربتك 179 - قال شيخنا أبو منصور ابن زريق : كان رجلٌ من الأصبهانّيين قد لازم أبي يسمع منه الحديث ، فأضجره ، فخرج أبي يوماً ، فتبعه الأصبهانيُّ ، وقال له : إلى أين ؟ قال : إلى المطبق ، قال : وأنا معك 180 - قال رجلٌ لرجلٍ : بماذا تداوي عينك ؟ قال : بالقرآن ودعاء العجوز ؛ فقال : اجعل معهما شيئاً من أنزروت 181 - قال الأصمعي : رأيت رجلاً قاعداً في زمن الطّاعون يعدّ الموتى في كوزٍ ، فعدّ أوّل يوم عشرين ومئة ألفٍ ، وعدّ في اليوم الثاني خمسين ومئة ألفٍ ؛ فمرّ قومٌ بميتّهم وهو يعدّ ، فلما رجعوا إذا عند الكوز غيره ، فسألوا عنه ، فقالوا : هو في الكوز 182 - قال جعفر بن يحيى لبعض جلسائه : أشتهي والله أن أرى إنساناً تليق به النعّمة ؛ فقال : أنا أريك ؛ قال : هات ؛ فأخذ المرآة وقرّبها من وجهه 183 - قال أبو الحسن السّلاميّ الشاعر : مدح الخالديان سيف الدّولة ابن حمدان بقصيدةٍ أوّلها : ( تصدّ ودارها صدد ** وتوعده ولا تعد وقد قتلته ظالمةً ** فلا عقلٌ ولا قود ) وقال فيها في مدحه : ( فوجهٌ كلّهُ قمرٌ ** وسائر جسمه أسد ) فأعجب بها سيف الدّولة واستحسن هذا البيت ، وجعل يردّده ؛ فدخل عيه الشّيظميُّ الشاعر ، فقال له : اسمع هذا البيت ؛ وأنشده ؛ فقال الشيظميُّ : احمد ربّك ! فقد جعلك من عجائب البحر 184 - سئل جحظةُ عن دعوة حضرها ، فقال : كلُّ شيءٍ كان منها بارداً إلاّ الماء 185 - قال شاعرٌ لشاعر : أنا أقول البيت وأخاه ، وأنت تقوله وابن عمّه 186 - قال أبو حنيفة السائح : لقيت بهلول المجنون وهو يأكل في السوق ، فقلت : يا بهلول ! تجالس جعفر بن محمدٍ ، وتأكل في السوق ؟ ! فقال : حدّثنا مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : ' مطل الغني ظلمٌ ' ولقيني الجوع وخبزي في كمي ، فما أمكنني أماطله 187 - قال عليّ بن الحسين الرّازي : مرّ بهلول بقومٍ في أصل شجرةٍ ، فقالوا : يا بهلول ! تصعد هذه الشجرة وتأخذ عشرة دراهم ؟ فقال : نعم ؛ فأعطوه عشرة دراهم ، فجعلها في كمّه ، ثمّ التفت إليهم ، فقال : هاتوا سلّماً ؛ فقالوا : لم يكن هذا في شرطنا ! قال : كان في شرطي 188 - ومرّ بهلول بسويق البزّازين ، فرأى قوماً مجتمعين على باب دكّانٍ قد نقب ، فنظر فيه ، وقال : ما تعلمون من عمل هذا ؟ قالوا : لا ، قال : فأنا أعلم فقالوا : هذا مجنونٌ ، يراهم بالليل ولا يتحاشونه ، فالطفوا به لعلّه يخبركم ؛ فقالوا : خبرنا ؛ قال : أنا جائع ؛ فجاؤه بطعام سني وحلواء ، فلمّا شبع ، قام ، فنظر في النّقب ، وقال : هذا عمل اللّصوص 189 - وسئل بهلول عن رجلٍ مات وخلّف ابناً وبنتاً وزوجةً ، ولم يترك شيئاً ؛ فقال : للابن اليتم ، وللبنت الثكل ، وللزوجة خراب البيت ، وما بقي للعصبة 190 - ودخل بهلول وعليّان المجنون على موسى ابن المهديّ ، فقال لعليّان : إيش معنى عليّان ؟ فقال عليّان : فإيش معنى موسى ؟ فقال : خذوا برجل ابن الفاعلة ؛ فالتفت عليّان إلى بهلول ، فقال : خذ إليك ، كنّا اثنين صرنا ثلاثة 191 - بعث بلال بن أبي بردة إلى ابن أبي علقمة المجنون ، فلمّا جاء قال له : أحضرتك لأضحك منك ! فقال المجنون : لقد ضحك أحد الحكمين من صاحبه ؛ يعرض بأبي موسى 192 - قال أبو جعفر محمد بن جعفر البربي : مررت بسائل على الجسر وهو يقول : مسكيناً ضريراً ؛ فدفعت إليه قطعة وقلت لهُ : لم نصبت ؟ فقال : فديتك ! بإضمار ' ارحموا ' 193 - قال محمد بن القاسم : سئل بعض المجّان ، فقيل لهُ : كيف أنت في دينك ؟ فقال : أخرقه بالمعاصي ، وأرقعه بالاستغفار 194 - صحب مجوسي قدرياً ، فقال له القدري : مالك لا تسلم ؟ قال : حتى يريد الله ! قال : قد أراد ذلك ، ولكن الشّيطان لا يريده ؛ قال : فأنا مع أقواهما 195 - قال محمد بن سكرة : دخلت حماماً ، وخرجت وقد سرق مداسي ، فعدت إلى داري حافياً ، وأنا أقول : ( إليك أذم حمّام ابن موسى ** وإن فاق المنى طيباً وحرّا تكاثرت اللّصوص عليه حتى ** ليحفى من يطيف به ويعرى ) ( ولم أفقد به ثوباً ولكن ** دخلت محمداً وخرجت بشراً ) 196 - جهل رجل على بعض العلماء ، فقال العالم : جرح العجماء جبار 197 - قال محمد بن يوسف القطان : يحكى أن أبا الحسين الطّرائفي لمّا رحل إلى عثمان بن سعيد الدّرامي ، فدخل عليه ، قال له عثمان : متى قدمت هذا البلد ؟ فأراد أن يقول : أمس ، فقال : قدمت غداً فقال له عثمان : فأنت بعد في الطريق 198 - جاء رجل إلى ابن عقيل ، فقال له : إني أغتمس في النهر غمستين وثلاثاً ولا أتيقّن أنه قد عمّني الماء ولا أني قد تطهّرت ! فقال له : لا تصل قيل له : كيف قلت هذا ؟ قال : لأن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' رفع القلم عن المجنون حتى يفيق ' ومن ينغمس في النهر مرّتين وثلاثاً ويظن أنه ما اغتسل ، فهو مجنون 199 - قال عبد الرّحمن بن صالح : دخل أبو بكر ابن عيّاش على موسى بن عيسى وهو على الكوفة ، وعنده عبد الله بن مصعب الزّبيري ، فأدناه موسى ، ودعا له بتكاء ، فاتّكأ وبسط رجليه ، فقال الزّبيري : من هذا الذي دخل ولم يستأذن له ، ثم اتّكأته وبسطته ؟ قال : هذا فقيه الفقهاء والمرأس عند أهل المصر ، أبو بكر ابن عيّاش ؛ قال الزّبيري : فلا كثير ولا طيب ، ولا مستحق لما فعلت به ! فقال أبو بكر للأمير : من هذا الذي يسأل عني بجهل ، ثم تتابع بسوء قول وفعل ؟ فنسبه له ، فقال له : اسكت مسكتاً ! فبأبيك غدر ببيعتنا ، وبقول الزور خرجت أمّنا ، وبابنه هدمت كعبتنا ، وبك أحرى ان يخرج الدّجّال فينا ؛ فضحك موسى حتى فحص برجليه ، وقال للزّبيري : أنا والله أعلم أنّه يحفظ أهلك وأباك ويتولاه ، ولكنّك مشؤوم على آبائك 200 - دخل كلثوم بن عمرو العتّابي على المأمون وعنده إسحاق الموصلي ، فغمز المأمون إسحاق عليه ، فجعل العتّابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فيه إسحاق ، فقال له العتّابي : ما اسمك ؟ فقال : كل بصل ؛ قال : هذا اسم منكر قال : أتنكر أن يكون اسمي كل بصل واسمك كل ثوم ! والبصل أطيب من الثوم ! ؟ فقال : أظنك إسحاق ! فقال : نعم ؛ فتوادّا 201 - خرج الرشيد يوماً في ثياب العوام ومعه يحيى بن خالد وخالد الكاتب وإسحاق بن إبراهيم الموصلي وأبو نواس وعليهم ثياب العامة ، فنزلوا سهرية مع ملاّح غريب اختلاطا بالعوام فنزل معهم عامي ، فثقل على الرشيد ، وهمّ بإخراجه وعقوبته ، فقال أبو نواس : عليّ إخراجه من غير إساءةٍ إليه ؛ فقال أبو نواس للجماعة : عليّ مأكولكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ فقال الرشيد : وعليّ مشروبكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ وقال يحيى : عليّ مشمومكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ وقال خالد : عليّ بقلكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ وقال إسحاق : عليّ أن أغنيكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ ثمّ التفت أبو نواس إلى الرجل ، فقال : ما الذي لنا عليك أنت ؟ فقال : عليّ أن لا أفارقكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ فقال الرشيد : هذا ظريفٌ لا يحسن إخراجه ، فصحبهم في تفرّجهم بقيةً يومهم 202 - تغدى أعرابيٌ مع مزبدٍ ، فقال له مزبد : كيف مات أبوك ؟ فأخذ يحدثه بحاله وأخذ مزبّد يمضي في أكله ، فلمّا فطن الأعرابي ، قطع الحديث ، وقال له : أنت ! كيف مات أبوك ؟ فقال : فجأة ؛ وأخذ يأكل 203 - قال سفيان الثّوري : ما نظرت قطّ إلى ثقيل أو بغيضٍ إلا كحّلت عينيّ بماء وردٍ مخافة أن يكون قد التصق بها شيءٌ 204 - قال بعض المجّان : قال إبليس : لقيت من أصحاب البلغم شزّةً ، ينسون ويلعنوني ! 205 - قال الجمّاز : قال لي أبو كعب القاص : والدتي بالبصرة ، وأنا شديد الشّفقة عليها ، وأخاف إن حملتها إلى بغداد في الماء أن تغرق ، وإن حملتها على الظّهر أن تتعب ، فما تشير عليّ في أمرها ؟ فقلت له : أشير عليك أن تأخذ بها سفتجةً 206 - قال محمد بن حرب الهلالي : أتيت بمزبدٍ في تهمةٍ ، فضربته سبعين درّةً ، ثمّ تبيّن لي أنّه كان مظلوماً ، فدعوته ، وقلت : أحلنّي منها ، فقال : لا تعجل ، ودعها لي عندك ، فإنّي أجيء إليك كثيراً ، فكلّما وجب عليّ شيءٌ قاصصتني عليها فكنت أوتى به في الشيء الذي يجب عليه فيه التقويم ، فأحاسبه على العشرة منها وعلى الخمسة ، حتى استوفى 207 - قال الحسين بن فهم : كان المرتمي - مضحك الرّشيد - يأكل قبل طلوع الشمس ، فقيل له : لو انتظرت حتى تطلع الشمس ! فقال : لعنني الله إن انتظرت غائباً من وراء سمرقند ، لا أدري ما يحدث عليه في الطريق 208 - قال أبو العيناء : دفع الجمّاز إلى غسّال ثياباً ، فدفع إليه أقصر منها ، فطالبه ، فقال : لمّا غسلت تشمّرت قال : ففي كم غسلةٍ يصير القميص زنقاً 209 - نزل عيارٌ في شاروفة الدّار فانقطعت ، فوقع ، فانكسرت رجله ؛ فصاحت المرأة : خذوه ؛ فقال لها : ما عليك عجلةٌ ، أنا عندك اليوم وغداً وبعده 210 - قال سليمان الأعمش لابنه : اذهب فاشتر لنا حبلاً يكون طوله ثلاثين ذراعاً ، فقال : يا أبةِ ! في عرض كم ؟ قالك في عرض مصيبتي فيك 211 - قيل لجمّير : من يحضر مائدة فلانٍ ؟ فقال : أكرم الخلق وألأمهم ، يعني : الملائكة والذباب 212 - رأى منصورٌ الفقيه ابنه يلعب ويعدو ، فقال له : لو علمت أنّ رجلك من قلب أبيك لرفقت بها 213 - جاء شاعران إلى بعض النّحاة ، فقالا : اسمع شعرنا وأخبرنا بأجودنا ؛ فسمع شعر أحدهما ، وقال : ذاك أجود ؛ قال له : فما سمعت شعره ! ؟ ما يكون أنحس من هذا قطّ 214 - دخل قومٌ من بني تيم الله على مجنون من بني أسدٍ ، فأكثروا العبث به ، فقال لهم : يا بني تيم الله ! ما أعلم قوماً خيراً منكم قالوا : كيف ؟ قال : بنو أسدٍ ليس فيهم مجنونٌ غيري ، قد قيّدوني ؛ وأنتم كلّكم مجانين ، وليس فيكم مقيّدٌ 215 - قال سعيد بن حفص المدينيّ : قال أبي : أتي المأمون بأسود قد ادّعى النبّوة ، وقال : أنا موسى بن عمران ! فقال له : إنّ موسى أخرج يده من جيبه بيضاء ، فأخرج يدك بيضاء حتى أؤمن بك ! فقال الأسود : إنّما فعل موسى ذلك لمّا قال فرعون : أنا ربّكم الأعلى ! فقل أنت كما قال حتى أخرج يدي بيضاء ، وإلاّ لم تبيضّ 216 - سقي رجلٌ ماءً بارداً ، ثمّ عاد فطلب ، فسقي ماءً حارّاً ، فقال : لعلّ مزمّلتكم يعتريها حمى الرّبع 217 - قال الحسن بن موسى : أضاف رجلٌ رجلاً ، فقال المضيف : يا جاريةُ ! هاتِ خبزاً وما رزق الله ؛ فجاءت بخبزٍ وكامخٍ ؛ ثمّ قال أيضاً : يا جاريةُ ! هات خبزاً وما رزق الله ؛ فجاءت بخبزٍ وكامخٍ ؛ فقال الضيف : يا جارية ! هات خبزاً ودعي ما رزق الله 218 - قال الماجشون : كان بالمدينة عطّاران يهوديّان ، فأسلم أحدهما وخرج فنزل العراق ، فالتقيا ذات يوم ، فقال اليهودي للمسلم : كيف رأيت دين الإسلام ؟ قال : خير دين ، إلاّ أنّهم لا يدعونا نفسو في الصلاة كما كنّا نصنع ونحن يهودٌ ! فقال له اليهودي : ويلك ! افس وهم لا يعلمون ! . 219 - قال ابن الأعرابي : قيل لكذّاب : تذكر أنّك صدقت قطّ ؟ فقال : لولا أني أخاف أن أصدق لقلت : نعم 220 - قال عبد الله بن أحمد المقرئ : صلى بنا إمامٌ لنا وكان شيخاً صالحاً ، وقد اشترى سطلاً ، فاستحيا أن يجعله قدّامه في الصلاة ، فجعله خلفه ، فلمّا ركع شغل قلبه به ، فظن أنّه قد سرق ، فرفع رأسه ، فقال : ربنّا ولك السطل ! فقلت له : السطل خلفك ، لا بأس 221 - سمع يزيد بن أبي حبيبٍ رجلاً يقول : جئت من أسفل الأرض ! فقال : كيف تركت قارون ؟ 222 - عن أبي حميدٍ أو حميدٍ ، قال : مرض مولى لسعيد بن العاص ، فبعث إلى سعيد بن العاص أنّه ليس له وارثٌ غيرك ، وههنا ثلاثون ألفاً مدفونةٌ ، فإذا أنا مت فخذها ؛ فقال سعيدٌ : ما أرانا إلا قد قصّرنا في حقه ، وهو من شيوخ موالينا ؛ فبعث إليه بفرسٍ ، وتعاهده ، فلمّا مات اشترى له كفناً بثلاثِ مئة درهم ، وشهد جنازته ، فلمّا رجع إلى البيت ، وردّ الباب ، وأمر أن يحفر الموضع الذي ذكر ، فلم يوجد شيءٌ ، ثمّ حفر موضعٌ آخر فلم يوجد شيءٌ ، فحفر البيت كلّه فلم يوجد شيءٌ ، وجاءه صاحب الكفن يطلب ثمن الكفن ، فقال : لقد هممت أن أنبش عنه لما تداخله 223 - قال علي بن عاصم : تنبّأ حائكٌ بالكوفة ، فاجتمع عليه الناس ، فقالوا : أتق الله ، خف الله ، رأيت حائك نبيّ ؟ قال : ما تريدون أن يكون نبيّكم إلا صيرفيّ القسم الرابع فيما يروى من ذلك عن العرب 224 - قال الأصمعي : كان أعرابيّان متواخيين بالبادية ، فاستوطن أحدهما الريف ، واختلف إلى باب الحجّاج ، فاستعمله على أصبهان ، فسمع أخوه الذي بالبادية ، فضرب إليه ، فأقام ببابه حيناً لا يصل إليه ، ثمّ أذن له بالدّخول ، فأخذه الحاجب ، فمشى به ، هو يقول : سلّم على الأمير ؛ فلم يلتفت إلى قوله ، وأنشد : ( ولست مسلّماً ما دمت حيّا ** على زيدٍ بتسليم الأمير ) فقال : لا أبالي ؛ فقال الأعرابي : ( أتذكر إذ لحافك جلد كبشٍ ** وإذ نعلاك من جلد البعير ) فقال : نعم ، فقال الأعرابي : ( فسبحان الذي أعطاك ملكاً ** وعلمك الجلوس على السرير ) 225 - قال الأصمعي : أتيت البادية ، فإذا أعرابيّ قد زرع برّاً ، فلمّا استوى وقام على سنبله ، مرّ به رجلٌ من جرادٍ ، وتضيّفوا به ، فجعل الأعرابي ينظر إليه ولا حيلة له ، فأنشأ يقول : ( مر الجراد على زرعي فقلت له ** ألمم بخيرٍ ولا تلمم بإفساد ) ( فقال منهم عظيمٌ فوق سنبلةٍ ** إنّا على على سفرٍ لا بد من زاد ) 226 - قال إبراهيم بن عمر : خرج أبو نواس في أيّام العشر يريد شراءَ أضحيةٍ ، فلمّا صار في المربد إذا هو بأعرابي قد أدخل شاةً له يقدمها كبشٌ فارهٌ ، فقال : لأجرِّبنّ هذا الأعرابي فأنظر ما عنده ، فإني أظنّه عاقلاً ؛ فقال أبو نواسٍ : ( أيا صاحب الشّاة الّتي قد تسوقها ** بكم ذاكم الكبش الذي قد تقدّما ) فقال الأعرابيّ : ( أبيعكه إن كنت ممّن يريده ** ولم تكُ مزّاحاً بعشرين درهما ) فقال أبو نواسٍ : ( أجدت رعاك الله ردَّ جوابنا ** فأحسن إلينا إن أردت التّكرما ) فقال الأعرابي : ( أحطُّ من العشرين خمساً فإننّي ** أراك ظريفاً فأقبضنه مسلماً ) قال : فدفع إليه خمسة عشر درهماً ، وأخذ كبشاً يساوي ثلاثين درهماً 227 - قال أبو جعفرٍ محمد بن عبد الرحمن البصري : حدّثني ابن عائشة أنّ فتيان من فتيان أهل البصرة خرجوا إلى ظهر البصرة ، فأخذوا في شرابهم ، وما زالوا يتناشدون ويتنادمون ويتحدّثون حتى كربت الشمس أن تغرب ، فطلبوا خلوةً ممّن يغلُ عليهم في شرابهم ، فإذا أعرابيٌ كالنّجم المنقض يهوي حتى جلس بينهم ، فقال بعضهم لبعض : قد علمنا أنّ مثل هذا اليوم لا يتم لنا ؛ ثمّ قال أحدهم : ( أيها الواغل الثّقيل علينا ** حين طاب الحديث لي ولصحبي ) فقال الآخر : ( خفَّ عنّا فأنت أثقل واللّه ** علينا من فرسخي دير كعب ) فقال الثالث : ( فمن النّاس من يخف ومنهم ** كرحى البزر ركبت فوق قلب ) فقال الأعرابي : ( لست بالنّازح العشيّة والله ** لشجِّ ولا لشدَّةِ ضرب أو تروون بالكبار حشاشي ** وتعلّون بعدهن بقعبي ) وطرح قعباً كان معلّقاً ؛ فضحكوا من ظرفهِ ، وحملوه معهم إلى البصرة ، فلم يزل نديماً لهم 228 - قال العتبيّ : اشتدّ الحرُّ عندنا بالبصرة وركدت الرّيح ، فقيل لأعرابيّ : كيف كان هواؤكم البارحة ؟ قال : أمسك ! كأنّه يسمع 229 - قال ابن الأعرابي : قال رجلٌ من الأعراب لأخيه : تشرب الخازر من اللبن ولا تتنحنح ؟ فقال : نعم ؛ فتجاعلا جعلاً ، فلمّا شربه آذاه ؛ فقال : كبشٌ أملحُ ، وبيت أفيح ، وأنَا فيه أتبحبح فقال له أخوه : قد تنحنحت ! فقال : من تنحنح فلا أفلح 230 - قال إبراهيم بن المنذر الحزاميّ : قدم أعرابيُّ من أهل البادية على رجلٍ من أهل الحضر ، فأنزله ، وكان عنده دجاجٌ كثيرٌ ، وله امرأة وابنان وبنتان قال : فقلت لامرأتي : اشوي دجاجةٌ وقدميها إلينا نتغدى بها ؛ وجلسنا جميعاً ، ودفعنا إليه الدجاجة ، فقلنا : اقسمها بيننا ؛ نريد بذلك أن نضحك منه ، قال : لا أحسن القسمة ، فإن رضيتم بقسمتي قسمت بينكم ؛ قلنا : نرضى ؛ فأخذ رأس الدجاجة ، فقطعه ، فناولينه ، وقال : الرّأس للرئيس ؛ ثمّ قطع الجناحين ، وقال : الجناحان للابنين ؛ ثمّ قطع السّاقين ، وقال : الساقان للابنتين ؛ ثمّ قطع الزّمكّى ، وقال : العجز للعجوز ؛ ثمّ قال : والزّور للزائر ؛ فلمّا كان من الغد ، قلت لامرأتي : اشوي لي خمس دجاجاتٍ ؛ فلمّا حضر الغداء ، قلنا : اقسم بيننا ؛ قال : شفعاً أو وتراً ؟ قلنا : وتراً ، قال : أنت وامرأتك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ثمّ رمى بدجاجةٍ ، وقال : وابناك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ورمى إليهما بدجاجةٍ ، وقال : وابنتاك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ثمّ قال : وأنا ودجاجتان ثلاثةٌ ؛ فأخذ الدجاجتين ؛ فرآنا ننظر إلى دجاجتيه فقال : لعلّكم كرهتم قسمتي الوتر ؟ قلنا : اقسمها شفعاً ؛ فقبضهن إليه ، ثمّ قال : أنت وابناك ودجاجةٌ أربعةٌ ؛ ورمى إلينا دجاجةٌ ، ثمّ قال : والعجوز وابنتاها ودجاجةٌ أربعة ؛ ورمى إليهنّ دجاجةٌ ، ثم قال : وأنا وثلاث دجاجات أربعةٌ ؛ وضم ثلاث دجاجاتٍ ، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال : الحمد لله ، أنت فهّمتنيها 231 - قال الشعبيّ : قال عمرو بن معدي كرب : خرجت يوماً حتى انتهيت إلى حي ، فإذا بفرسٍ مشدودةٍ ورمحٍ مركوز ، وإذا صاحبه في وهدةٍ يقضي حاجة له ، فقلت له : خذ حذرك ؛ فإني قاتلك ؛ قال : ومن أنت ؟ قلت : أنا ابن معدي كرب ؛ قال : يا أبا ثور ! ما أنصفتني ؛ أنت على ظهر فرسك وأنا في بئرٍ ! فأعطني عهداً أنّك لا تقتلني حتى أركب فرسي وآخذ حذري ؛ فأعطيته عهداً أني لا أقتله حتى يركب فرسه ويأخذ حذره ؛ فخرج من الموضع الذي كان فيه حتى احتبى بسيفه وجلس ؛ فقلت له : ما هذا ! ؟ قال : ما أنا براكبٍ فرسي ، ولا مقاتلك ! فإن نكثت عهداً فأنت أعلم ؛ فتركته ومضيت ؛ فهذا أحيل من رأيت 232 - قال قحذمٌ : وجد في سجن الحجّاج ثلاثةٌ وثلاثون ألفاً ، ما يجب على أحدٍ منهم قطعٌ ولا قتلٌ ولا صلبٌ ، وأخذ فيهم أعرابيٌّ رئي جالساً يبول عند ربط مدينة واسط ، فخلّي عنهم ، فانصرف الأعرابي وهو يقول : ( إذا نحن جاوزنا مدينة واسطٍ ** خرينا وصلّينا بغير حساب ) 233 - سمع أعرابيٌّ رجلاً يروي عن ابن عباس أنّه قال : من نوى الحجّ وعاقه عائقٌ كتب له الحجّ ؛ فقال الأعرابي : ما وقع العام كراءٌ أرخص من هذا ! 234 - استأذن حاجب بن زرارة على كسرى ، فقال له الحاجب : من أنت ؟ فقال : رجلٌ من العرب ؛ فأذن له ، فلمّا وقف بين يديه ، قال : من أنت ؟ قال : سيد العرب ؛ قال : ألم تقل للحاجب أنا رجلٌ منهم ؟ قال : بلى ! ولكني وقفت بباب الملك وأنا رجلٌ منهم ، فلمّا وصلت إليه سدتهم ؛ فقال كسرى : زه ! احشوا فاه درّاً 235 - نزل أعرابي في سفينةٍ ، فاحتاج إلى البراز ، فصاح : الصلاة الصلاة ؛ فقربوا إلى الشطّ ، فخرج ، فقضى حاجته ، ثم رجع ، فقال : ادفعوا ، فعليكم بعد وقتٌ 236 - قال مهدي بن سابقٍ : أقبل أعرابيٌّ يريد رجلاً ، وبين يدي الرّجل طبقٌ فيه تينٌ ، فلمّا أبصر الأعرابي غطى التين بكساءٍ كان عليه والأعرابي يلاحظه ، فجلس بين يديه ، فقال له الرّجل : هل تحسن من القرآن شيئاً ؟ قال : نعم ؛ قال : فأقرأ ؛ فقرأ الأعرابي : ! ( والزيتون وطور سينين ) ! [ 95 سورة التين / الآيتان : 1 و 2 ] قال الرجل : فأين ! ( التين ) ! ؟ قال : تحت كسائك 237 - قيل لأعرابي : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت وأرى كلّ شيءٍ مني في إدبارٍ ، وإدباري في إقبال 238 - اشترى أعرابيٌّ غلاماً ، فقيل له : إنّه يبول في الفراش ؛ فقال : إن وجد فراشاً فليبل فيه 239 - نظر أعرابيٌ إلى البدر في رمضان ، فقال : سمنت وأهزلتني ، أراني فيك السّلّ 240 - قيل لبعضهم : أيّ وقتٍ تحبّ أن تموت ؟ قال : إن كان ولا بد ، فأوّل يوم من رمضان 241 - قال رجلٌ لرجلٍ : ممّن أنت ؟ قال : من العرب ، من بني تميم قال : من أكثرها أو من أقلها ؟ قال : من أقلها . يشير إلى قوله تعالى : ! ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ) ! [ 49 سورة الحجرات / الآية : 4 ] 242 - قال الأصمعي : حدّثني شيخٌ من بني العنبر ، قال : أسر بنو شيبان رجلاً من بني العنبر ، فقال لهم : أرسلوا إلى أهلي ليفدوني ؟ قالوا : ولا تكلم الرسول إلا بين أيدينا ؛ فجاءوه برسولٍ ، فقال له : ائتِ قومي ، فقل لهم : إن الشجر قد أورق ، وإنّ النساء قد اشتكت ؛ ثمّ قال له : أتعقل ؟ قال : نعم ، أعقل ؛ قال : فما هذا ؟ وأشار بيده إلى الليل ؛ فقال : هذا الليل ؛ قال : أراك تعقل ، انطلق فقل لأهلي : عرّوا جملي الأصهب ، واركبوا ناقتي الحمراء ، وسلوا حارثة عن أمري ؛ فأتاهم الرسول ، فأرسلوا إلى حارثة ، فقص عليه القصة فلمّا خلا معهم ، قال : أما قوله : إن الشجر قد أورق ؛ فإنه : إن القوم قد تسلحوا ؛ وقوله : إن النساء قد اشتكت ؛ فإنه يريد : إنها قد اتخذت الشكاء للغزو ، وهي أسقيةٌ ، وقوله : هذا الليل ؛ يريد : يأتونكم مثل الليل أو في الليل ؛ وقوله : عروا جملي الأصهب ؛ يريد : ارتحلوا عن الصمان ؛ وقوله : واركبوا ناقتي ؛ يريد : اركبوا الدّهناء فلمّا قال لهم ذلك تحولوا من مكانهم ، فأتاهم القوم ، فلم يجدوهم 243 - قال ابن الأعرابي : أسرت طيىء رجلاً شاباً من العرب ، فقدم عليه أبوه وعمّه ليفدياه ، فاشتطوا عليهما في الفداء ، وبذلاً ما لم يرضوا ، فقال أبوه : لا والذي جعل الفرقدين يصبحان ويمسيان على جبلي طيىءٍ لا أزيدكم على ما أعطيتكم ؛ ثمّ انصرفا ، فقال الأب للعم : لقد ألقيت إلى ابني كلمةٌ إن كان فيه خيرٌ لينجونّ ؛ فما لبث أن نجا ، وطرد قطعةً من إبلهم ، كأنّه قال له : الزم الفرقدين على جبلي طيىءٍ ، فإنّهما طالعان عليه ، ولا يغيبان عنه 244 - قال عيسى بن عمر : ولي أعرابيٌ البحرين ، فجمع يهودها ، فقال : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ قالوا : نحن قتلناه وصلبناه ؛ قال : فوالله لا تخرجون حتى تؤدوا ديته ؛ فأخذها منهم 245 - وولي أعرابيٌّ تبالة ، فصعد المنبر ، فقال : إنّ الأمير ولاّني بلدكم ، وإني والله ما أعرف من الحق موضع سوطي ، ولا أوتى بظالم ولا مظلومٍ إلا أوجعتهما ضرباً ، فكانوا يتعاطون الحق بينهم ولا يترافعون إليه 246 - قال نصرٌ بن سيار : قلت لأعرابي : هل أتخمت قط ؟ فقال : أمّا من طعامك وطعام أبيك فلا فيقال : إن نصراً حم من هذا الجواب أياّماً 247 - سافر أعرابيٌّ في وجهٍ فلم ينجح ، فقال : ما ربحنا في سفرنا إلا قصر الصلاة 248 - كان عامر بن ذهلٍ من أشد الناس قوةً ، فأسن وأقعد ، فاستهزأ به شبابٌ من قومه وضحكوا منه ، فقال : إني ضعيف ، فادنوا مني ، فاحملوني ؛ فدنوا منه ليحملوه ، فضمَّ رجلين إلى إبطه ، ورجلين بين فخذيه ، ثمّ زجر بعيره ، فنهض بهم مسرعاً ، فقال : بني أخيّ ! أرجلكم والعرفط ؛ فأرسلها مثلاً القسم الخامس ما يروي عن العوام ) 249 - عن محمد بن سلام ، قال : لقي روح بن حاتم بعض الحروب ، فقال لأبي دلامة وقد دعا رجلٌ منهم إلى البراز : تقدم إليه ؛ قال : لست بصاحب قتالٍ ؛ قال : لتفعلنّ ؛ قال : إني جائعٌ ، فأطعمني ؛ فدفع إليه خبزاً ولحماً ؛ وتقدّم ، فهمّ به الرجّل ، فقال له أبو دلامة : اصبر يا هذا ، أيّ محاربٍ تراني ؟ ثمّ قال : أتعرفني ؟ قال : لا ؛ قال : فهل أعرفك ؟ قال : لا ! قال : فما في الدنيا أحمق منّا ؛ ودعاه للغداء ، فتغدّيا جميعاً وافترقا ، فسأل روحٌ عما فعل ، فحدّث ، وضحك ، ودعا له ، فسأله عن القصة ، فقال : ( إنّي أعوذ بروحٍ أن يقدّمني ** إلى القتال فتخزى بي بنو أسد آل المهلّب حبُّ الموت ورثكم ** إذ لا أورث حبَّ الموتِ عن أحد ) 250 - قال أبو العبّاس ثعلب : لمّا ماتت حمادةُ بنت عيسى امرأة المنصور ، وقف المنصور والنّاس معه على حفرتها ينتظرون مجيء الجنازة وأبو دلامة فيه ، فأقبل عليه المنصور ، فقال : يا أبا دلامة ! ما أعددت لهذا المصرع ؟ قال : حمادة بنت عيسى يا أمير المؤمنين ؛ قال : فأضحك القوم قال العتّابي : دخل أبو دلامة على المهديّ ، فقال : أقطعني قطيعةً أعيش فيها أنا وعيالي ؛ قال : قد أقطعك أميرالمؤمنين مئة جريبٍ من العامر ومئة جريبٍ من الغامر ؛ قال : وما الغامر ؟ قال : الخراب الذي لا ينبت ؛ قال أبو دلامة : قد أقطعت أمير المؤمنين خمس مئة جريبٍ من الغامر من أرض بني أسدٍ ؛ قال : فهل بقي لك حاجةٌ ؟ قال : نعم ! تأذن لي أن أقبل يدك ؟ قال : ما إلى ذلك سبيلٌ ؛ قال : والله ما رددتني عن حاجةٍ أهون عليّ فقداً منها 252 - وبلغنا عن أبي دلامةً أنّه دخل على المهدي ، فأنشده قصيدةً ، فقال له : سلني حاجتك ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! هب لي كلباً ؛ فغضب ، وقال : أقول لك سلني حاجةً ، فتقول هب لي كلباً ؟ ! ! ! فقال : يا أمير المؤمنين ! الحاجة لي أو لك ؟ قال : لك ؛ فقال : أسألك أن تهب لي كلب صيدٍ ؛ فأمر له بكلبٍ ؛ قال : يا أمير المؤمنين ! هبني خرجت إلى الصيد ، أعدو على رجليّ ؟ فأمر له بدابّةٍ ؛ فقال : فمن يقوم عليها ؟ فأمر له بغلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ! فهبني صدت صيداً ، فأتيت به المنزل ، فمن يطبخه ؟ فأمر له بجاريةٍ ، فقال : هؤلاء أين يبيتون ؟ فأمر له بدارٍ ، فقال : يا أمير المؤمنين ! قد صيّرت في عنقي كفاً من العيال ، فمن أين يقوت هؤلاء ؟ قال : فإن أمير المؤمنين قد أقطعك ألف جريبٍ عامرٍ وألف جريبٍ غامرٍ ؛ فقال : أمّا العامر فقد عرفته ، فما الغامر ؟ قال : الخراب الذي لا شيء فيه ؛ فقال : أنا أقطع أمير المؤمنين مئة ألف جريبٍ بالدّوّ ، ولكنّي أسأل أمير المؤمنين جريباً واحداً عامراً ؛ قال : من أين ؟ قال : من بيت المال ؛ فقال المهديّ : حولوا المال وأعطوه جريباً ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! إذا حول منه المال صار غامراً ؛ فضحك منه وأرضاه 253 - قال العنزيّ : أنشد رجلٌ أبا عثمان المازنيّ شعراً له ، فقال : كيف تراه ؟ قال : أراك قد عملت عملاً بإخراج هذا من جوفك ، لأنّك لو تركته لأورثك السل 254 - قال أبو سعيد عبد الله بن شبيبٍ : حدّثني الزبير ، قال : كانت أمّ سلمة بنت يعقوب بن سلمة بعد موت أمير المؤمنين أبي العباس لا تضحك ، فأنشدها مرثيةً رثاه بها ، فقالت : ما وجدت أحداً حزن على أمير المؤمنين حزني وحزنك ! فقال : لا سواء رحمك الله ، لك منه ولدٌ وليس لي منه ولدٌ ! فضحكت وقالت : لو أحدث الشيطان لأضحكته 255 - قال مالك بن أنسٍ : لهؤلاء الشّطَّار ملاحةٌ ، كان أحدهم يصلي خلف إنسانٍ ، فقرأ الإنسان ! ( الحمد لله رب العالمين ) ! حتى فرغ منها ، ثمّ أرتج عليه ، فجعل يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ؛ وجعل يردد ذلك ، فقال الشَّاطر : ليس للشّيطان ذنبٌ إلا أنّك لا تحسن تقرأ 256 - قال الحميدي : كنّا عند سفيان بن عيينة ، فحدّثنا بحديث زمزم أنّه لما شرب له ، فقام رجلٌ من المجلس ، ثمّ عاد ، فقال له : يا أبا محمدٍ ! أليس الحديث الذي حدثتنا في زمزم صحيحاً ؟ فقال : نعم ، قال : فإني قد شربت الآن دلواً من زمزم على أنّك تحدّثني بمئة حديثٍ ، فقال سفيان : اقعد ؛ فحدّثه بمئة حديثٍ 257 - قال أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث الحارثي : اجتزت ببغداد في أيّام المقتدر وأنّا حدثٌ في جماعةٍ من مجّان أصحاب الحديث ، وإذا بخادم خصي جالس على دكةٍ في الطريق ، وبين يديه أدويةٌ ومكاحل ومباضع ، وعلى رأسه مظلة خرقٍ كما يكون الطبيب ، فتقدّم بعض أصحابنا إليه يعبث به ، فتعاشى وتماوت وتمارض وقال : يا أستاذ ! يا أستاذ ! دفعاتٍ ؛ فضجر الخادم ، وقال : فقولي ، لا شفاك الله ؛ إيش أصابك ؟ أيّ طاعونٍ ضربك ؟ فقال : يا أستاذ ! أجد ظلمةً في أحشائي ، ومغصاً في أطراف شعري ، وما آكله اليوم يخرج غداً مثل الجيفة ؛ فصف لي صفةً لما أنا فيه ؛ فقال الخادم : أمّا ما تجدين من مغصٍ في أطراف شعرك فاحلقي لحيتك ورأسك جميعاً حتى يذهب مغصك ، وأمّا ظلمةٌ في أحشائك فعلّقي على باب جحرك قنديلاً يضيءٌ مثل السّاباط ، وأمّا ما تأكلينه اليوم ويخرج غداً مثل الجيفة فكلي خراك واربحي النفقة قال : فعطعط بنا العامّة القيام وضحكوا منّا ، وانقلب الطنز الذي أردنا بالخادم ، فصار طنزاً بنا ، فصار قصارنا الهرب ، فهربنا 258 - قال عمر بن شبة : أتي معن بن زائدة بثلاث مئة أسير ، فأمر بضرب أعناقهم ، فقدّم غلامٌ منهم ليقتل ، فقال : يا معن ! لا يقتل أسراك وهم عطاشٌ ! فقال : اسقوهم ماءٌ ؛ فلمّا شربوا ، قام الغلام ، فقال : أيها الأمير ! لا تقتل أضيافك ! فأطلقهم كلّهم 259 - قال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك : كان عندنا رجلٌ يكنى أبا نصرٍ ، من جهينة ، ذاهب العقل في غير ما النّاس فيه ، يجلس مع أهل الصّفّة في آخر مسجد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فأتيته يوماً ، فقلت : ما الشرف ؟ قال : حمل ما ناب العشيرة ، والقبول من محسنها ، والتّجاوز عن مسيئها ؛ قلت : ما المروءة ؟ قال : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، وتوقّي الأدناس ؛ قلت : ما السخاء ؟ قال : جهد مقل ؛ قلت : فما البخل ؟ قال : أف ؛ وحول وجهه عني ؛ قلت : أجبني ! قال : قد أجبتك 260 - قال أبو بكر بن شاذان : بكر إبراهيم بن محمدٍ بن عرفة نفطويه يوماً إلى درب الرّآسين ، فلم يعرف الموضع ، فتقدم إلى رجلٍ يبيع البقل ، فقال له : أيّها الشيخ ! كيف الطريق إلى درب الرّآسين ؟ فالتفت البقلي إلى جار له ، وقال : يا فلان ! ألا ترى إلى الغلام ! فعل الله به وصنع ، قد احتبس عليّ ! فقال : وما الذي تريد منه ؟ قال : لم يبادر فيجبني بالسّلق ، بأيّ شيءٍ أصفع هذا الخبيث ؟ لا يكنّي قال : فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشيءٍ 261 - قال أبو علقمة النحوي : وقفت على قصابٍ وقد أخرج بطنين سمينين ، فعلّقهما ، فقلت : بكم البطنان ؟ فقال : بمصفعان يا مضرطان ؛ قال : فغطيت رأسي وفررت لئلا يسمع النّاس فيضحكوا مني 262 - قال الكسائي : حلفت أن لا أكلم عامياً إلا بما يوافقه ويشبه كلامه ؛ وقفت على نجار ، فقلت : بكم هذان البابان ؟ فقال : بسلحتان يا مصفعان ؛ فحلفت أن لا أكلم عاميّاً إلا بما يصلح 263 - قال بشر بن حجرٍ : انقطع إلى أبي علقمة غلامٌ يخدمه ، فأراد أبو علقمة البكور في حاجةٍ ، فقال : يا غلام ! أصقعت العتاريف ؟ فقال له الغلام : زقفيلم ؛ قال أبو علقمة : وما ( زقفيلم ) ؟ قال : وما ( العتاريف ) ؟ قال : الدّيوك ، قال : ما صاح منها شيءٌ بعد 264 - قال جعفر بن نصرٍ : بينما أبو علقمة النحوي في طريق ، ثار به مرارٌ ، فسقط ، فظنّ من رآه أنه مجنون ، فأقبل رجلٌ يعضُّ أذنه ويؤذن فيها ، فأفاق ، فنظر إلى الجماعة حوله ، فقال : ما لكم قد تكأكأتم عليَّ كما تتكأكؤون على ذي جنَّةٍ ؟ افرنقعوا عني ؟ فقال بعضهم لبعضٍ : دعوه ! فإنّ شيطانه يتكلّم بالهندية 265 - وقال عبد الله بن مسلمٍ : دخل أبو علقمة النّحوي على أعين الطبيب ، فقال له : أمتع الله بك ، إنّي أكلت من لحوم هذه الجوازل ، فطسأت طسأة ، فأصابني وجعٌ من الوالبة إلى دأية العنق ، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الخلب والشراسيف ، فهل عندك دواء ؟ فقال أعين : خذ حرقفاً وسلقفاً ، فزهزقه وزقزقه ، واغسله بماء روثٍ واشربه ؛ فقال أبو علقمة : لم أفهم عنك ! فقال أعين : أفهمتك كما أفهمتني 266 - قال صالح بن شابور : كان محمد بن الحسن الجرجاني يتقعّر ويطلب التّعمق في الكلام مع كل أحدٍ ، فدخل الحمّام يوماً ، فقال للقيم : أين الحديدة التي يمتلخ بها الطوطوة من الأخفيق ؟ فصفع القيم قفاه بجلد النّورة وهرب ، فلمّا انصرف من الحمام ، أنفذ من حمله إلى صاحب الشرطة ، فحبس ، فكتب إليه من الحبس : أيّها الأستاذ ! قد أبرمني المحبسون بالمسألة عن السبب الذي حبست له ؛ فإمّا أطلقتني وإمّا أعرفهم ؛ فبعث من أطلقه ، فاتّصل الخبر بالفتح ، فحدّث المتوكل ، فضحك ضحكاً عجيباً ، وقال : هذا والله ظريفٌ مليحٌ ، يجب أن نغنيه عن الخدمة في الحمّام ؛ فوهب له مئتي دينار 267 - عن عليّ بن المحسن التنوخيّ ، عن أبيه ، قال : كان أبو جعفر الحسني من أهل البدو ، وكان يعترض الحجّاج ، فيطالبهم بالخفارة ، وكان رجلٌ يعرف بأبي الحسن بن شاذان السيرافي يظهر الإسلام ، فإذا أمن كاشف بالإلحاد ، وكان خليعاً ماجناً فحجّ بعض الأمراء ، فأظهر ابن شاذان أنّه يريد الحجٌ ، فاعترض القافلة أبو جعفر الحسنيُّ ، فقال أبو الحسن لأمير الحاج : أنفذني إليه ؛ قال : أي شيءٍ تقول له ؟ قال : أقول له : نحن قومٌ من فارس وغيرها ، لا نسب لنا في العرب ولا رغبةَ ، جاء أبوك إلينا ، فضرب أدمغتنا ، وقال : حجوا هذا البيت ، فأطعناه ، وجئنا ؛ وجئت أنت تمنعنا ، فإن كان قد بدا لكم ، فالله قد أقالكم ؛ فضحك الأمير وبعث غيره 268 - مدح رجلٌ رجلاً اسمه يسيرٌ ، فقال : ( ومدح يسيرٍ في البلاد يسيرُ ** ) فقيل له : إنّه لا يعطيك شيئاً ، فقال : إذا لم يعطني قلت بيدي هكذا ؛ وضمّ أصابعه ؛ يعني : إنّه قليلٌ 269 - دخل رجلٌ على الصاحب بن عباد ، فقال له الصّاحب : ما الكنية ؟ فقال الرّجل : ( وتتّفق الأسماء في اللّفظ والكنى ** كثيراً ولكن لا تلاقي الخلائق ) 270 - قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي : دخل مطيع بن إيّاس ويحيى بن زيادٍ على حمّاد الرّاوية ، فإذا سراجه على ثلاث قصباتٍ ، قد جمع أعلاهن وأسفلهنّ بطينٍ ، فقال يحيى : يا حمّاد ! إنّك لمسرفٌ مبتذلٌ لحرّ المتاع ، فقال له مطيعٌ : ألا تبيع هذه المنارة وتشتري أقل ثمناً منها ، وتنفق علينا وعلى نفسك الباقي ؟ فقال له يحيى : ما أحسن ظنّك به ! ومن أين له مثل هذه المنارة ؟ هذه وديعةٌ أو عاريةٌ ؛ فقال مطيعٌ : إنّه لعظيم الأمانة عند الناس ! قال يحيى : وعلى عظم أمانته ، ما أجهل من يخرج هذه من داره ويأمن عليها غيره ؛ فقال مطيعٌ : ما أظنها عاريةً ولا وديعةً ، ولكني أظنها مرهونةً عنده على مالٍ ، وإلا فمن يخرج مثل هذه من بيته ؟ فقال حمادٌ : شرٌّ منكما من يدخلكما إلى بيته 271 - قال أبو عبد الله ابن الأعرابي : كنت جالساً بالكوفة ، فرأيت أعمى قد وقف بنخاس ، فقال : يا نخّاس ! أطلب لي حماراً ليس بالكبير المشتهر ، ولا الصغير المحتقر ؛ إن خلا الطريق تدفق ، وإن كثر الزحام ترفق ؛ لا يصادم بي السواري ، ولا يدخلني تحت البواري ؛ إذا أقللت علفه صبر ، وإذا أكثرته له شكر ؛ إن ركبته هام ، وإن ركبه غيري قام ؛ قال له النّخّاس : يا عبد الله ! إن مسخ القاضي حماراً ظفرت بحاجتك 272 - قال مجالدٌ : قال الشعبيّ : اخرج بنا نخلو ؛ فخرجنا إلى الصحراء ، فمرّ به عبادي ، فقال له الشعبي : إيش تعالج ؟ قال : الرفو ؛ فقال له : عندي دنّ مشقوق ، ترفوه لي ؟ فقال : إن جئتني بخيوطٍ من ريحٍ رفوت لك رفواً لا يرى 273 - سمع ابن الأعرابي رجلاً يقول : أتوسل إليكم بعليّ ومعاوية ، فقال : جمعت بين ساكنين 274 - جاز أبو بكر ابن قانع بالكرخ في أيّام الدّيلم وقوة الرفض ، فقالت له امرأةٌ : سيّدي أبو بكر ! فقال لها : لبّيك يا عائشة ! فقالت : كأنّ اسمي عائشة ! قال : فيقتلوني وحدي ! ؟ 275 - قيل لرجلٍ ركب في البحر : ما أعجب ما رأيت ؟ قال : سلامتي 276 - نظر رجلٌ إلى أخوين لأب وأمٌ ، أحدهما جميلٌ والآخر قبيحٌ ، فقال : ما أمّكما إلا شجرةٌ تحمل سنةً موزاً وسنةً عفصاً 277 - شكا ضريرٌ شدة العمى ، فقال أعورٌ : عندي نصفٌ الخبر . 278 - رأى بعضهم شيخاً قد انحنى ، فقال : يا شيخٌ ! بكم القوس ؟ فقال : إن عشت أخذته بلا شيءٍ 279 - ورأى آخر شيخاً مسنّاً ، فقال له : يا شيخ ! من قيدك ؟ قال : الذي خلّفته يفتل قيدك 280 - دخل أبو الحسن البتّي دار فخر الملك أبي غالبٍ فوجد ابن البوّاب الخطاط جالساً على عتبة باب ، فقال : جلوس الأستاذ على العتب رعايةٌ للنسب ؛ فغضب ابن البوّاب ، وقال : لو أن لي من أمر الدنيا شيئاً ما مكنت مثلك من الدخول ؛ فقال البتي : ما تترك صنعة الشيخ رحمه الله ! 281 - قال بكّار بن رباح : كان بمكة رجلٌ يجمع بين النساء والرجال ، ويعمل لهم الشراب ، فشكي إلى أمير مكة ، فنفاه إلى عرفاتٍ ، فبنى بها منزلاً ، وأرسل إلى حرفائه : ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه ؟ قالوا : وكيف وأنت بعرفات ؟ فقال : حمار بدرهمين ، وقد صرتم إلى الأمن والنّزهة ؛ فكانوا يركبون إليه ، حتى أفسد أحوال أهل مكة ، فعادوا يشكونه إلى الوالي ، فأرسل إليه ، فأتي به ، فقال : يا عدو الله ! طردتك من حرم الله فصرت بفسادك إلى المشعر الأعظم ! فقال : يكذبون عليّ ؛ فقالوا : دليلنا أن نأمر بحمير مكةّ ، فتجمع ، ويرسل بها مع أمنائك إلى عرفات ، فإن لم تقصد منزله من بين المنازل فنحن مبطلون ؛ فقال الوالي : إن هذا لشاهد ودليل ؛ فجمع الحمر ، ثم أرسلها ، فصارت إلى منزله ، فقال الأمير : ما بعد هذا شيءٌ ؛ فجرّدوه ، فلما نظر إلى السياط ، قال : لا بدّ لك من ضربني ؟ قال : نعم ، قال : والله ما عليّ في ذلك أشد من أن يضحك منا أهل العراق ، ويقولون : أهل مكة يجيزون شهادة الحمير ! فضحك الوالي 282 - قدّم طبّاخٌ إلى بعض الفطناء طبقاً وعليه رغيفان ، ثم قال له : ما تشتهي أن أجيء به ؟ فقال : خبزٌ 283 - تكلم بعض القصاص ، فقال : في السماء ملكٌ يقول كل يومٍ : ( لدوا للموت وابنوا للخراب ** ) فقال بعض الفطناء : اسم ذلك الملك أبو العتاهية 284 - كان بعض الظرفاء إذا سمع أحداً يتحدث حديثاً بارداً قال : اقطع حديثك بخيرٍ 285 - حضر في مجلس أبي سعد بن أبي عمامة رجلٌ من أهل اليمن ، فسأل أبا سعدٍ أن يطلب له شيئاً ، فطلب ، فلم يعطه أحدٌ شيئاً ، وكان مقصودهم بالامتناع أن يذكر الشيخ شيئاً يضحكون منه ، فقال أبو سعدٍ للسّائل : من أين أنت ؟ فقال : من اليمن ؛ فقال له : تكذب ! لست من اليمن ؛ قال : بلى والله ! فقال : لو كنت من اليمن لكان هؤلاء يعرفونك فيعطونك ؛ فضحك النّاس وأعطوه ؛ وكان مقصوده أنّ القرود من اليمن 286 - قيل لبعضهم : أتحبّ أن تموت امرأتك ؟ قال : لا ، قيل : لم ؟ قال : أخاف أن أموت من الفرح 287 - ادّعى رجلٌ النبّوّة ، فقيل له : أخرج لنا من الأرض بطيخةً ، فقال : اصبروا علىّ ثلاثة أيام ، قالوا : ما نريد إلا السّاعة ، فقال : إنّ الله تعالى يخرج البطيخة في ثلاثة أشهرٍ ، فلا تصبرون ثلاثة أيامٍ ؟ ! 288 - ادعى رجلٌ النبّوّة وزعم أنّه نوحٌ ، فصلب ، فمرّ به مجنونٌ ، فقال : يا نوح ! ما حصلت من سفينتك إلا على الدّقل 289 - ذكر أبو يوسف القزوينيُّ أنّ رجلاً كان يقال له : هذيل بن واسع ، يزعم أنّه من ولد النّابغة الذبياني ، ادّعى النبّوة ، وزعم أن الله تعالى أوحى إليه ما يعارض به سورة الكوثر ، فقال له رجلّ : أسمعني ! فقال : إنّا أعطيناك الجواهر ، فصل لربّك وهاجر ، فما يؤذيك إلا فاجر ؛ فظهر عليه القسري ، فقتله وصلبه ، فعبر عليه الرجل ، فقال : إنّا أعطيناك العمود ، فصلّ لربّك من قعود ، بلا ركوعٍ ولا سجودٍ ، فما أراك تعود 290 - لطم رجلٌ الأحنف بن قيسٍ ، فقال له : لم فعلت هذا ؟ قال : جعل لي جعلٌ على أن ألطم سيّد بني تميم ؛ فقال : ما صنعت شيئاً ، عليك بحارثة بن قدامة ، فإنّه سيّد بني تميمٍ ؛ فانطلق ، فلطمه ، فقطع يده ، وذاك أراد الأحنف 291 - قال أحمد بن علي بن ثابتٍ : استعار رجلٌ من أبي حامدٍ أحمد ابن أبي طاهر الأسفراييني الفقيه كتاباً ، فرآه أبو حامدٍ يوماً قد أخذ عليه عنباً ، ثمّ إنّ الرّجل سأله بعد ذلك أن يعيره كتاباً ، فقال له : تجيءُ إلى المنزل ، فأتاه ، فأخرج الكتاب إليه في طبقٍ وناوله إياه ، فقال الرّجل : ما هذا ؟ قال له : هذا الكتاب الذي طلبته ، وهذا الطّبق تضع عليه ما تأكله ؛ فعلم بذلك ما جنى 292 - قال أبو إسحاق الجهيمي : تنكر الحجّاج وخرج ، فمرّ على المطّلب غلام أبي لهب ، فقال له : أي شيءٍ خبر الحجاج ؟ فقال : على الحجاج لعنة الله ، قال : متى يخرج ؟ قال : أخرج الله روحه من بين جنبيه ، قال : أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أنا الحجاج ، قال له : أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أنا المطّلب غلام أبي لهبٍ ، معروفٌ بالصّرع ، أصرع في كل شهرٍ ثلاثة أيّام ، اليوم أوّلها ؛ فتركه ومضى 293 - وانفرد الحجّاج يوماً عن عسكرهِ ، فلقي أعرابياً فقال له : كيف الحجَّاج ؟ قال : ظالمٌ غاشم ، قال : فهلا شكوتموه إلى عبد الملك ؟ قال : هوأظلم وأغشم ؛ فأحاط به العسكر ، قال : أركبوا البدوي ؛ فلما ركب ، سأل عنه ، فقيل له : هذا الحجَّاج ؛ فركض خلفه ، وقال : يا حجَّاج ! قال : ما لك ؟ قال : السرُّ الّذي بيني وبينك لا يطَّلع عليه أحد ؛ فضحك منه وأطلقه 294 - قال محمد بن إسحاق : قيل لعمر بن عبد العزيز : إنَّ في المدينة مخنّثاً قد أفسد نساءها ؛ فكتب إلى عاملهِ أن يحمله إليه ، فحمل ؛ فأدخل عليه ، فإذا شيخٌ خاضبٌ اللّحية والأطراف معتجرٌ ؛ فدخل ومعه دفٌّ في خريطةٍ ، فلمّا وقف بين يديِّ عمر صعَّد فيه النَّظر وصوَّبه ، ثمَّ قال : سوأةٌ لهذهِ السن وهذهِ القامةِ ؛ ثمَّ قال له عمر : أتحفظ من المفصَّلُِ شيئاً ؟ قال : نعم ، وما المفصَّلُ ؟ قال : ويلك ! أتقرأُ من القرآنِ شيئاً ؟ قال : أقرأُ ! ( الحمد ) ! وأخطئ فيها موضعين أو ثلاثةٍ ، وأقرأُ ! ( قل أعوذ برب الناس ) ! وأخطئ فيها ، وأقرأُ ! ( قل هو الله أحد ) ! مثل الماءِ الجاري ؛ قال : ضعوه في الحبسِ ، ووكِّلوا بهِ معلِّماً يعلمه القرآن وما يجبُ عليهِ من الطَّهارةِ والصلاةِ ، وأجروا عليه كلَّ يوم درهماً ، وعلى معلّمهِ ثلاثةً ، ولا يخرج مِن الحبس حتّى يحفظ القرآن أجمع ؛ فكان كلّما علَّم سورةً نسيَ الَّتي قبلها ، فبعث رسولاً إلى عمر : يا أمير المؤمنين ! وجه إلي من يحملُ إليك ما أتعلمه أولاً فأوّلاً ، فإنَّي لا أقدر أن أحمله ؛ فقال عمر : ما أرى هذهِ الدَّراهم إلاّ لو أطعمناها جائعاً أو كسونا بها عارياً كان أصلح ؛ ثمَّ دعا به ، فقال : أقرأ ! ( يا أيها الكافرون ) ! فقال : أسأل الله العافية ! أدخلت يدك في الجراب ، فأخرجت شَّرَّ ما فيه وأصعبه ؛ فأمر بوجىء عنقه ، ونفاه 295 - قال المبرّد : قدم بعض البصريين من أصحاب أبي الهذيل بغداد ، وقال : لقيت مخنثّين ، فقلت لهما : أريد منزلاً ؛ وكان هذا الرجل في نهاية القبح ، فقال أحدهما : بالله من أين أنت ؟ قلت : من البصرة ؛ فأقبل على الآخر ، فقال : لا إله إلاَ الله ، تحول يا أختي كل شيء من الدنيا ، حتى هذا ! كانت القرود تجيء إلى بغداد من اليمن صارت تجيء من البصرة ! 296 - قال أبو القاسم الرازي : سمعت أخي أبا عبد الله يقول : قام بنان الحمال إلى مخنّث ، فأمره بالمعروف ، فقال له المخنث : ارجع كفاك ما بك ، فقال له بنان : وما بي ؟ قال : خرجت من بيتك وفي نفسك أنك خير منَّي 297 - دخل رجل الحمَّام ، فإذا مخنثٌ بين يديهِ خطميّ ، فقال الرّجل : أعطني من هذا قليلاً ؛ فأبى ، فقال الرَجل : كل قفيز بدرهم ، فقال المخنث : كل أربعة أقفزةٍ بدرهم ، احسب حسابك ، كم يصيبك بلا شىءٍ ؟ ! 298 - قيل لأبي الحارث جمّيز : ما تقول في الفالوذجة ؟ قال : وددت أنها والموت اعتلجا في صدري ، والله لو أنَ موسى لقي فرعون بفالوذجة لآمن ، لكنَه لقيه بعصا 299 - أدخل مخنث على العريان بن الهيثم ، وهو أمير الكوفة ، فقال : يا عدو الله ! أتتخنث وأنت شيخ ! ؟ فقال : مكذوب علي كما كذب علي الأمير ، فقال : وما قيل فيّ ؟ قال : يسمونك العريان ولك عشرون جبّة 300 - قال المتوكل يوماً لجلسائه : أتدرون ما الذي نقم المسلمون على عثمان ؟ أشياءٌ ، منها أنه قام أبو بكر دون مقام رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بمرقاة ، ثم قام عمر دون أبي بكر بمرقاة ، فصعد عثمان ذروة المنبر ؛ فقال عبادة : ما أحد أعظم منة عليك يا أمير المؤمنين من عثمان ؛ قال : وكيف ذلك ؟ قال : لأنّه صعد ذروة المنبر ، فلو أنه كلما قام خليفةٌ نزل عمن تقدمه كنت أنت تخطبنا من بئر جلولاء ؛ فضحك المتوكل ومن حوله 301 - قال أبو عثمان الخالدي : عملتُ قصيداً أمدح سيف الدولة أبا الحسين ابن حمدانٍ ، وعرضتها على جماعةٍ ، أتعرّف ما عندهم فيها ، فاتّفق أن حضر مخنّثٌ وأنا أقرأها ، فلمّا انتهيت إلى قولي : ( وأنكرت شيبةً في الرّأس واحدةً ** فعاد يسخطها ما كان يرضيها ) قال : هذا غلطٌ ! يقول للأمير : في الرّأس واحدةً ! ألا قلت : في الرّأس طالعةً أو لائحةً ؟ فعجبت من فطنته وجودة خاطره وحسن عرافته 302 - قال الأصمعي : قيل لطويس : ما بلغ من شؤمك ؟ قال : ولدت يوم توفي رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، وفطمت يوم توفي أبو بكر ، وختنت يوم مات عمر ، وراهقت يوم قتل عثمان ، وتزوّجت يوم قتل علي وولد لي يوم قتل الحسين 303 - نظر جمّيز إلى برذونٍ تحت صديقٍ له يقطف ، فقال : برذونك هذا يمشي على استحياء . 304 - قال بعض الأدباء لصديقٍ له : أنت والله بستان الدنيا ، فقال له الآخر : أنت النّهر الذي يشرب منه ذلك البستان 305 - تظلم أهل الكوفة من عاملها إلى المأمون ، فقال : ما علمت في عمّالي أعدل منه ؛ فقال رجلٌ من القوم : يا أمير المؤمنين ! فقد لزمك أن تجعل لسائر البلدان نصيباً من عدله حتى تكون قد ساويت بين رعاياك في حسن النظر ، فأمّا نحن ، فلا يخصنا أكثر من ثلاث سنين ؛ فضحك وصرفه 306 - قال عليّ بن مهديّ : مرّ طبيبٌ بأبي الواسع المازني ، فشكا إليه ريحاً في بطنه ، فقال له : خذ الصّعتر ، فقال : يا غلام ! دواةٌ وقرطاسٌ ؛ قال : قلت ماذا ؟ قال : كرّ صعترٍ ومكوك شعيرٍ ، قال : لم تذكر الشعير أوّلاً ! قال : ولا علمت أنّك حمارٌ أيضاً إلا الساعة 307 - دعا بعض الظرفاء قوماً ، فتبعهم طفيليّ ، ففطن به الرّجل ، فأراد أن يعلمهم أنّه قد فطن به ، فقال : ما أدري لمن أشكر ؟ لكم إذ أجبتم دعوتي ، أو لهذا الذي تجشم من غير أن أدعوه ؟ 308 - قال يموت بن المزرّع : قال لي سهل بن صدقةٍ ، وكانت بيننا مداعبةٌ : ضربك الله باسمك ، فقلت له مسرعاً : أحوجك الله إلى اسم أبيك 309 - مرّ رجلٌ من الفطناء برجلٍ قائم في طريقٍ ، فقال : ما وقوفك ؟ قال : أنتظر إنساناً ، قال : يطول وقوفك إذن 310 - تقدّم رجلٌ سيىء الأدب إلى حجّام ، فقال له : تقدّم يا ابن الفاعلة وأصلح شاربي ، فقال له : إن كان خطابك للنّاس كذا فعن قليلٍ تستريح منه 311 - قال عبد الرحمن بن مخلدٍ : دفعت امرأة إلى رجل يقرأ عند القبور رغيفاً ، وقالت له : اقرأ عند قبر ابني ؛ فقرأ ! ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) ! [ 54 سورة القمر / الآية : 48 ] قال : فقالت له : هكذا يقرأ عند القبور ؟ ! فقال لها : فإيش أردت برغيفٍ ! ( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان ) ! [ 55 سورة الرحمن / الآية : 54 ] ؟ ذاك بدرهم ! 312 - حضر خيّاطٌ عند بعض الأتراك ليفّصل له قباءً ، فأخذ يفصّل والتّركيّ ينظر إليه ، فما أمكنه أن يسرق شيئاً ، فضرط ، فضحك التركي حتى استلقى ، فأخرج الخياط من الثوب ما أراد ، فجلس التركي ، فقال : يا خيّاطّ ضرطةٌ أخرى ؛ فقال : لا يجوز ، يضيق القباء 313 - قدّم قومٌ غريماً لهم إلى الحاكم ، فادّعوا عليه ، فقال : صدقوا ! إلا أني سألتهم أن يؤخروني حتى أبيع عقاري وأدفع إليهم ، فإن لي مالاً وعقاراً ورقيقاً وإبلاً ، فقالوا : كذب ، ما يملك شيئاً ، إنّما يريد دفعنا عن نفسه ، فقال : أيّها القاضي ! اشهد لي عليهم فعدمه ، ثمّ قال لخصومه : قد عدمته ؛ فأركب حماراً ، ونودي عليه : هذا معدمٌ ، فلا يعامله أحدٌ إلا بالنّقد ؛ فلمّا كان العشاء ترك عن الحمار ، فقال له المكاريّ : هات أجرة الحمار ، قال : ففيم كنّا مذ الغداة ؟ ! 314 - نظر بعض الحكماء إلى رجلٍ يرمي هدفاً ، وسهامه تذهب يميناً وشمالاً ، فقعد في وجه الهدف ، فقيل له في ذلك ، فقال : لم أر موضعاً أسلم منه 315 - رمى رجلٌ عصفوراً ، فأخطأه ، فقال له رجلٌ : أحسنت ؛ فغضب ، وقال : تهزأ بي ؟ قال : لا ! ولكن أحسنت إلى العصفور 316 - قيل لرجل : تحفظ القرآن ؟ قال : نعم ، قالوا : إيش أوّل الدّخان ؟ قال : الحطب الرّطب 317 - استأجر رجلٌ داراً ، فجعل خشب السقوف يتفرقع ، فقال لمالك الدّار : أصلح هذا السقف ، فإنّ خشبه يتفرقع ؛ قال : لا بأس عليك ، فإنّه يسبح ؛ قال : أخشى أن تدركه الرّقّة فيسجد 318 - وقف قومٌ على مزبدٍ ، وهو يطبخ قدراً ، فأخذ أحدهم قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى خلّ ؛ وأخذ آخر قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى أبزار ؛ وأخذ آخر قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى ملحٍ ؛ فأخذ مزبد قطعة لحمٍ ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى لحمٍ 319 - قام رجلٌ على رأس ملكٍ ، فقال : لم قمت ؟ قال : لأقعد ؛ فولاه 320 - ومرّ رجلٌ بمزبدٍ وهو جالسٌ يتفكر ، فقال له : في أي شيءٍ تتفكر ؟ قال : في الحج ، قد عزمت عليه السّنة ، قال : فما أعددت له ؟ قال : التلبية ، فما أقدر على غيرها 321 - وزفّت إليه امرأة قبيحةٌ ، فقيل له : بم تصبحّها ؟ قال : بالطلاق 322 - ونظر إلى قومٍ مكتفين يحملون إلى السجن ، فقال : ما قصة هؤلاء ؟ قال : خيرٌ ! قال : فإن كان خيراً فكتفوني معهم ! ! 323 - وغضب عليه بعض الولاة ، فأمر بحلق لحيته ، فقال له الحجّام : افتح فمك ! فقال : الأمير أمرك بحلق لحيتي أو تعلّمني الزمر ؟ 324 - قص قاصّ ، فقال : إذا مات العبد وهو سكران ، دفن وهو سكرانٌ ؛ وحشر وهو سكران ؛ فقال رجلٌ في طرف الحلقة لآخر : هذا والله نبيذٌ جيدٌ ، يسوى الكوز منه عشرين درهماً 325 - صلّى رجلٌ صلاة خفيفةً ، فقال له الجمّاز : لو رآك العجّاج لسرّ بك ، فقال : ولم ؟ قال : لأن صلاتك رجزٌ 326 - قال الجمّاز لأبي شراعة : كيف تجدك ؟ قال : أجدني مريضاً من دماميل قد خرجت في أقبح المواضع ، فقال : ما أرى في وجهك منها شيئاً ! 327 - رأى المعتصم أسداً ، فقال لرجلٍ قد أعجبه قوامه وسلاحه : أفيك خيرٌ ؟ فعلم أنّه يريد أن يقدمه إلى الأسد ، فقال : لا يا أمير المؤمنين ؛ فضحك 328 - مرّ غرابٌ الماجن بسائل يقول : أنا عليلٌ وأنا جائع ، فقال له : احمد ربّك ، فقد نقهت 329 - ضحى فضلٌ الوالي عن امرأته ستين سنةً ، فسمع يوماً محدثاً يحدث ، يقول : يحشر الناس يوم القيامة وبين أيديهم ضحاياهم ؛ فقال : إن كان كما تقول ، فإن امرأتي تحشر يوم القيامة راعيةً بعصاوين 330 - بلغني عن بعض الظراف المتماجنين أنّه قال : لمّا صنع السامريّ العجل ، قال إبليس : هذه فضيحةٌ ! تعبد بقرةٌ ! الآن يلعنني الناس ويقولون : هذا عمله ، انظروا ما يقول السّامريّ ! قالوا : قد قال : ! ( بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها ) ! [ 20 سورة طه / الآية : 96 ] ، قال : ثم أيش ؟ قالوا : قد قال : ! ( وكذلك سولت لي نفسي ) ! [ 20 سورة طه / الآية : 96 ] ، قال : استرحت أنا السّاعة من أن يقال عنّي 331 - قال محمد بن عبد الرحمن : دعا مدنياً مرّةً أخٌ له ، فأقعده إلى العصر ، فلم يطعمه شيئاً ، فاشتدّ جوعه ، وأخذه مثل الجنون ، فأخذ صاحب البيت العود ، وقال له : بحياتي ! أي صوتٍ تشتهي أن أسمعك ؟ قال : صوت المقلى 332 - كان بعض الظرفاء يجلس عند بقالٍ ضعيفٍ ، لا يكاد يبيع إلا بخبز ، فجاءه رجلٌ ، فقال له : عندك بهذا الدينار قراضه ؟ فقال له الظريف : مرّ ، ثكلتك أمّك ! هذا قراضته كلّها يطرحها بن 333 - دخل ظريفٌ يصلّي في مسجدٍ ، فسرقوا لالكته ، فخبّأوها في كنيسةٍ [ قرب ] المسجد ، ففتّش ، فرآها في الكنيسة ، فقال : ويحك ! لمّا أسلمت أنا تهودت أنت ! ؟ 334 - بات رجلٌ في دار قومٍ ، فانتبه صاحب الدّار بالليل ، فسمع ضحك الرّجل في الغرفة ، فصاح به : يا فلانٌ ! قال : لبيك ؛ قال : كنت في الدار ، فما الذي رقّاك إلى الغرفة ؟ قال : قد تدحرجت ؛ فقال : النّاس يتدحرجون من فوق إلى أسفل ، فكيف تدحرجت أنت إلى فوقٍ ؟ قال : فمن هذا أضحك 335 - قال صبي ليهودي : يا عمّ ! قف حتى أصفعك ! قال : أنا مستعجلٌ ، اصفع أخي عنّي 336 - رئي فقيرٌ في قريةٍ ، فقيل : ما تصنع هنا ؟ قال : ما صنع موسى والخضر يعني قوله : ! ( استطعما أهلها ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية : 77 ] 337 - شتم رجلٌ رجلاً ، فقال المشتوم : إيش قلت لك ؟ فأوهمه أنّه يستفهمه ، وإنّما ردّ عليه 338 - كان سابور وزير بهاء الدولة يكثر الولاية والعزل ، فولّى بعض العمّال عكبرا ، فقال له : أيّها الوزير ! كيف ترى ؟ أستأجر السفينة مصعداً ومنحدراً ؟ فتبسم وقال : امض ساكتاً 339 - بلغني عن أبي سعدٍ ابن أبي عمامة ، وكان من المتماجنين ، أن رجلاً قال له : رزقك الله قصراً يبين باطنه من ظاهره ؛ فقال : فنحن الآن قعودٌ في الطريق 340 - وقال له رجلٌ : تصدّق عليّ حتى أحيلك على من يرى ولا يرى ؛ فقال : إذا لم ير ، فممّن أطلب ؟ 341 - قال رجلٌ لعض الظراف : قد لدغتني عقربٌ ، فهل عندك لهذا دواءٌ ؟ فقال : الصياح إلى الصباح 342 - قال مصعب الزّبيري : أتي العريان بسكرانٍ ، فقال له : من أنت ؟ فقال : ( أنا ابن الذي لا ينزل الدّهر قدره ** وإن نزلت يوماً فسوف تعود ترى النّاس أفواجاً إلى ضوء ناره ** فمنهم قيامٌ حولها وقعود ) فخلاّه ، فإذا به ابن باقلاّويّ 343 - قال بعض الشعراء : ( إذا لم يكن في البيت ملحٌ مطيّبٌ ** وزيتٌ وخلٌّ حول حبّ دقيق ولم يك في كيسي دراهم جمّةٌ ** تنفد حاجاتي بكل طريق فرأس صديقي في حر أمّ قرابتي ** ورأس عدوّي في حر أم صديقي ) 344 - قيل لأبي الحارث جمّيز : ما فعل فلانٌ ؟ قال : مات ، قيل : ما ورثت امرأته ؟ قال : أربعة أشهرٍ وعشراً الباب الثاني فيما يذكر عن النساء من ذلك 345 - قالت عائشة : قلت : يا رسول الله ! لو نزلت وادياً فيه شجرةٌ قد أكل منها ، ووجدت شجراً لم يؤكل منها ، في أي شجرةٍ كنت ترتع بعيرك ؟ قال : ' في التي لم ترتعي منها ' يعني أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] لم يتزوج بكراً غيرها 346 - قال ابن أبي الزّناد : كان عند أسماء بنت أبي بكرٍ قميصٌ من قمص رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فلمّا قتل عبد الله بن الزبير ذهب القميص فيما ذهب مما انتهب ، فقالت أسماء : للقميص أشدّ عليّ من قتل عبدالله ؛ فوجد القميص عند رجلٍ من أهل الشام ، فقال : لا أردّه أو تستغفر لي أسماء ؛ فقيل لها ، فقالت : كيف استغفر لقاتل عبد الله ؟ قالوا : فليس يردّ القميص ! فقالت : قولوا له فليجيء فجاء بالقميص ومعه عبدالله بن عروة ، فقالت : ادفع القميص إلى عبد الله ؛ فدفعه ، فقالت : قبضت القميص يا عبد الله ؟ قال : نعم ؛ قالت : غفر الله لك يا عبد الله ؛ وإنّما عنت عبد الله بن عروة 347 - قال عبد الله بن مصعبٍ : قال عمر بن الخطاب : لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقيّة ، وإن كانت بنت ذي الغصّة ، يعني : يزيد بن الحصين الحارثيّ ، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال ؛ فقالت امرأة : ما ذاك لك ! قال : ولم ؟ قالت : لأنّ الله عزّ وجل قال : ( وءاتيتم إحداهنّ قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) [ 4 سورة النساء / الآية : 20 ] فقال عمر : امرأة أصابت ورجلٌ أخطأ 348 - قال أبو الحسن المدائني : دخل عمران بن حطّان يوماً على امرأته ، وكان قبيحاً دميماً قصيراً ، وقد تزيّنت ، وكانت حسناء ، فلم يتمالك أن أدام النّظر إليها ، فقالت : ما شأنك ؟ قال : لقد أصبحت والله جميلةً ، فقالت : أبشر ! فإني وإيّاك في الجنة ؛ قال : ومن أين علمت ؟ قالت : لأنّك أعطيت مثلي فشكرت ، وابتليت بمثلك فصبرت ، والصّابر والشاكر في الجنة 349 - قال القحذميّ : دخل ذو الرّمّة الكوفة ، فبينما هو يسير في بعض شوارعها على نجيبٍ له ، إذ رأى جاريةً سوداء واقفةً على باب دار ، فاستحسنها ، فدنا منها ، فقال : يا جارية ! اسقني ماءً ؛ فأخرجت إليه كوزاً ، فشرب وأراد أن يمازحها ، فقال : ما أحرّ ماءك ! فقالت : لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حرّ مائي وبرده ؛ فقال لها : وأي شعري له عيبٌ ؟ فقالت : ألست ذا الرّمّة ؟ قال : بلى ! قالت : ( فأنت الذي شبّهت عنزاً بقفرةٍ ** لها ذنبٌ فوق استها أمّ سالم جعلت لها قرنين فوق جبينها ** وطبيين مسّودين مثل المحاجم وساقين إن يستمكنامنك يتركا ** بجلدك يا غيلان مثل المناسم أيا ظبية الوعساء بين حلاحل ** وبين النّقا أأنت أم أمّ سالم ) قال : نشدتك الله إلا أخذت راحلتي هذه وما عليها ولم تظهري هذا ؛ ونزل عن راحلته ، فدفعها إليها ، وذهب ليمضي ، فدفعتها إليه ، وضمنت له أن لا تذكر لأحد ما جرى 350 - عن ابن السّكّيت ، أن محمد بن عبد الله بن طاهر عزم على الحج ، فخرجت إليه جاريةٌ شاعرةٌ ، فبكت لما رأت من آلة السفر ، فقال محمد بن عبد الله : ( دمعةٌ كاللؤلؤ الرّطب ** على الخدّ الأسيل هطلت في ساعة البين ** من الطّرف الكحيل ) ثم قال لها : أجيزي ، فقالت : ( حين هم القمر الباهر ** عنّا بالأفول إنّما يفتضح العشاق ** في وقت الرّحيل ) 351 - قال الأصمعي : جاءت عجوزٌ إلى عبد الله بن جعفر ، فقال : كيف حالك يا عجوز ؟ قالت : ما في بيتي جرذٌ ؛ فقال : لقد أطلقت المسألة ، لأملأن بيتك جرذاناً . 352 - قال المبرّد : كنّا عند المازنّي ، فجاءته أعرابية كانت تغشاه ويهب لها ، فقالت : أنعم الله صباحك أبا عثمان ، هل بالرّمل أو شالٌ ؟ فقال لها : يجيء الله به ، فقالت : ( تعلمنّ والذي حجّ القوم ** لولا خيالٌ طارقٌ عند النوم والشوق من ذكراك ما جئت اليوم ** ) فقال المازني : قاتلها الله ! ما أفطنها ! جاءتني مستمنحةً ، فلمّا رأت أن لا شيء جعلت المجيء زيارةً تمنّ بها عليً قال اليشكري : الأوشال جمع وشلٍ ، وهو : الماء القليل ، وهو مثلٌ هنا ، أي عندكم من ندى ؟ 353 - وقف المهديّ على عجوزٍ من العرب ، فقال : ممّن أنت ؟ قالت : من طيّىء ، قال : ما منع طيئاً أن يكون فيهم مثل حاتم ؟ فقالت : الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك ! فعجب من جوابها ، ووصلها 354 - قال المأمون لزبيدة لمّا قتل ابنها : لن تعدمي منه إلا عينيه ، وأنا ولدك مكانه ؛ فقالت : إن ولداً أفادنيك جديرٌ أن أجزع عليه 355 - قال يموت بن المزرّع : قال لنا الجاحظ : كنت مجتازاً في بعض الطرقات ، فإذا أنا بامرأتين ، وكنت راكباً على حمارةٍ ، فضرطت الحمارة ، فقالت إحداهما للأخرى : ويّ ! حمارة الشيخ تضرط ! فغاظني قولها فأعننت ثم قلت : إنّه ما حملتني أنثى قط إلا ضرطت فضربت بيدها على كتف الأخرى ، وقالت : كانت أمّ هذا منه تسعة أشهرٍ في جهدٍ جهيد 356 - وقال الجاحظ : رأيت بالعسكر امرأةً طويلةً جدّاً ونحن على الطعام ، فأردت أن أمازحها ، فقلت : أنزلي تأكلي معنا ، فقالت : وأنت فاصعد حتى ترى الدّنيا 356 - قال الزبير بن بكارٍ : قالت بنت أختي لأهلي : خالي خير رجلٍ لأهله ، لا يتخّذ ضرّةً ، ولا يشتهي جاريةً ؛ قالت : تقول المرأة : والله لهذه الكتب أشدّ عليّ من ثلاث ضرائر . 358 - قال أبو القاسم عبيد الله بن عمر البقال : تزوّج شيخنا أبو عبد الله ابن المحرّم ، وقال لي : لمّا حملت إليّ المرأة جلست في بعض الأيّام أكتب شيئاً على العادة ، والمحبرة بين يديّ ، فجاءت أمّها ، فأخذت المحبرة ، فضربت بها الأرض ، فكسرتها ، فقلت لها في ذلك ، فقالت : هذه شرّ على ابنتي من ثلاث مئة ضرّة 359 - أراد شعيب بن حربٍ أن يتزوّج امرأةً ، فقال لها : إني سيىء الخلق ، فقالت : أسوأ خلقاً منك من يحوجك إلى أن تكون سيىء الخلق 360 - اعترض رجلٌ جاريةً ، ليشتريها ، فقال لها : بيدك صنعةٌ ؟ فقالت : لا ! ولكن برجلي ؛ تعني : إنها رقاصةً 361 - خاصمت امرأةٌ زوجها ، وقالت : طلقني ! فقال : فأنت حبلى ، إذا ولدت طلقتك ! فقالت : ما عليك منه ! قال : فإيش تعملين به ؟ قالت : أقعده باب الجنة فقاعى ؛ فقالوا لعجوز : ما معنى هذا ؟ قالت : تعني : إنّها تشرب ماء السذاب ، وتتحمل به حتى يسقط ، فيلحق بالجنّة ، فيكون كالفقاعى 362 - عرض على المتوكل جاريةً ، فقال لها : بكرٌ أنت أم إيش ؟ فقالت : أم إيش ؛ فضحك وابتاعها 363 - عرض على رجل جاريتان : بكرٌ وثيبٌ ، فاختار البكر ، فقالت الثيب : ما بيني وبينها إلا يومٌ ، فقالت البكر : ! ( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) ! [ 22 سورة الحج / الآية : 47 ] فاشتراها 364 - خرج رجلٌ ، فقعد يتفرّج على الجسر ، فأقبلت امرأةٌ من جانب الرّصافة متوجّهة إلى الجانب الغربي ، فاستقبلها شابٌ ، فقال لها : رحم الله علي بن الجهم ؛ فقالت المرأة : رحم الله أبا العلاء المعري ؛ ومرّا قال : فتبعت المرأة ، وقلت لها : إن لم تقولي ما قلتما فضحتك فقالت : قال لي : رحم الله عليّ بن الجهم يريد قوله : ( عيون المها بين الرصافة والجسر ** جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري ) وأردت بترحمي على أبي العلاء قوله : ( فيا دارها بالحزن إن مزارها ** قريبٌ ولكن دون ذلك أهوال ) 365 - غضب المأمون على طاهر بن عبد الله ، فأراد طاهرٌ أن يقصده ، فورد كتابٌ له من صديقٍ له ، ليس فيه إلا السلام ، وفي حاشيته : يا موسى ! فجعل يتأمّله ولا يعلم معنى ذلك ، وكانت له جارية فطنةٌ ، فقالت : إنه يقول : ! ( يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) ! [ 28 سورة القصص / الآية : 20 ] فتثبط عن قصد المأمون 366 - قال بعضهم : حضرت مغنيّتين ، فكانت إحداهما تعبث بكل من تقدر عليه ، والأخرى ساكتةٌ ، فقلت للساكتة : رفيقتك هذه ما تستقر مع واحدٍ ؛ فقالت : هي تقول بالسنّة والجماعة ، وأنا أقول بالقدر 367 - خاصمت امرأة زوجها في تضييقه عليها ، فقالت : والله ما يقيم الفأر في بيتك إلا لحب الوطن ، وإلا فهن يسترزقن من بيوت الجيران 368 - جاءت دلالةٌ إلى رجلٍ ، فقالت : عندي امرأة كأنها طاقة نرجسٍ ؛ فتزوّجها ، فإذا هي عجوزٌ قبيحةٌ ، فقال للدلالة : غششتني ، فقالت : لا والله ! إنما شبهتها بطاقة نرجسٍ لأنّ شعرها أبيضٌ ، ووجهها أصفرٌ ، وساقها أخضر 369 - أعطت امرأة جاريتها درهماً ، وقالت : اشتري به هريسةً ؛ فرجعت ، وقالت : يا سيدتي ! ضاع الدرهم ؛ فقالت : يا فاعلة ! أتكلميني بفمك كله وتقولين ضاع الدرهم ! فأمسكت الجارية بيدها نصف فمها ، وقالت بالنصف الآخر : وانكسرت الغضارة 370 - وقال رجل لجاريةٍ أراد شراءها : كم دفعوا فيك ؟ فقالت : ! ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) ! [ 74 سورة المدثر / الآية : 31 ] 371 - قال أبو بكر ابن عيّاش : كان بالكوفة رجلٌ قد ضاق معاشه ، فسافر ، وكسب ثلاث مئة درهم ، فاشترى بها ناقةً فارهةً ، وكانت زعرةً ، فأضجرته ، واغتاظ منها ، فحلف بالطلاق ليبيعنّها يوم يدخل الكوفة بدرهم ، ثمّ ندم ، فأخبر زوجته بالحال ، فعمدت إلى سنّور ، فعلّقتها في عنق النّاقة ، وقالت : ناد عليها : من يشتري هذا السنور بثلاث مئة درهم والنّاقة بدرهم ! ولا أفرق بينهما ؛ ففعل ، فجاء أعرابيٌّ ، فقال : ما أحسنك ! لولا هذا البتيارك الذي في عنقك 372 - قال زكريا بن يحيى السّاجيّ : اشترى رجلٌ من أصحاب القاضي العوفي جاريةً ، فعصته ولم تطعه ، فشكى ذلك إلى العوفي ، فقال : انفذها إليّ حتى أكلمها ؛ فأنفذها إليه ، فقال لها : يا عروب ! يا لعوب ! يا ذات الجلابيب ! ما هذا التمنع المجانب للخيرات ، والاختيار للأخلاق المشنوآت ؟ قالت له : أيّد الله القاضي ! ليست لي فيه حاجةٌ ؛ فمره يبيعني ! فقال : يا منية كل حكيم ، وبحاثٍ عن اللّطائف عليم ، أما علمت أنّ فرط الاعتياصات ، من الموموقات ، على طالبي المودّات ؟ فقالت له الجارية : ليس في الدنيا أصلح لهذه العثنونات المنتشرات على صدور أهل الرّكاكات من المواسي الحالقات ؛ وضحكت وضحك أهل المجلس ؛ وكان العوفي عظيم اللحية 373 - قال الجاحظ : طلب المعتصم جاريةً كانت لمحمود الورّاق ، وكان نخاساً ، بسبعة آلاف دينارٍ ، فامتنع محمودٌ من بيعها ، فلما مات محمود اشتريت للمعتصم من ميراثه بسبع مئة دينار ، فلما دخلت إليه ، قال لها : كيف رأيت ؟ تركتك حتى اشتريتك من سبعة آلافٍ بسبع مئةٍ ! قالت : أجل ! إذا كان الخليفة ينتظر لشهواته المواريث ، فإنّ سبعين ديناراً كثيرةٌ في ثمني فضلاً عن سبع مئةٍ ؛ فأخجلته 374 - قال رجلٌ لنسوةٍ : إنّكنّ صواحب يوسف ، فقلن : فمن رماه في الجبّ ، نحن أو أنتم ؟ 375 - وقفت امرأة قبيحة على عطارٍ ماجنٍ ، فلما رآها ، قال : ! ( وإذا الوحوش حشرت ) ! [ 81 سورة التكوير / الآية : 5 ] فقالت : ! ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ) ! [ 36 سورة يس / الآية : 78 ] 376 - رأى رجلٌ امرأةً قد خضبت رؤوس أصابعها وشنترتها ، فقال : ما أحسن هذا الزيتون ! فقالت : فكيف لو رأيت قالب الجبن ؟ ! 377 - حكي لنا أنّه كان لجعفر بن يحيى ، خاتمٌ منقوشٌ عليه ( جعفر بن يحيى ) ، فنادى أن لا ينقش أحدٌ على خاتمه ( جعفر بن يحيى ) فجاءت جاريةٌ إلى نقّاش ، فقالت له : أريد أن تنقش لي على هذا الخاتم إذا حضرت عندك ما أقوله لك ؛ فحضرت ، وقد أوصت خادمين أن يصيح أحدهما في أوّل السوق : جعفر ، ويصيح الآخر في آخر السّوق : يحيى ! فقالت : انقش لي ما تسمعه من أوّل صائح يصيح الآن ، فصاح أحدهما : جعفر ، فقال : ما يمكنني أن أنقش جعفر ! فصاح الآخر : يحيى ، فقالت : انقش الآن جعفر بن يحيى ؛ فنقشه 387 - قال أبو حنيفة : خدعتني امرأة أشارت إلى كيس مطروح في الطريق ، فتوهّمت أنّه لها ، فحملته إليها ، فقالت : احتفظ به حتى يجيء صاحبه 379 - قال رجلٌ لامرأته : أمرك بيدك ؛ فقالت : قد كان في يدك عشرين سنةً ، فحفظته ، فلا أضيعه أنا في ساعةٍ ، وقد رددته إليك ؛ فأمسكها 380 - بكت عجوزٌ على ميتٍ ، فقيل لها : بماذا استحق هذا منك ؟ فقالت : جاورنا وما فينا إلا من تحل له الصّدقة ، ومات وما فينا إلا من تجب عليه الزكاة 381 - كان رجلٌ يقف تحت روشن امرأةٍ ، وهي تكره وقوفه ، فجاء في بعض الأيام وعليه قميصٌ دبيقيٌ ، قد غسله عند المطري ، وسقاه نشاءً ، وهو لبيسٌ ، وتحته قميصٌ روميٌّ كذلك ؛ وكان للنّاس أترجٌ سوسيٌ ، في الأترجة ثلاثون رطلاً ، فأخرجت بطيخة كافور ، وأشارت إليه : تعال خذ هذه ؛ فجاء ، فوقف تحت الرّوشن ، فقالت : أمسك حجرك صلباً حتى لا يقع فينكسر ؛ فلزم حجره ، فأخرجت البطيخة كأنها ترمي بها ، فرمت أترجّته في حجره ، فلم يردّه شيءٌ سوى الأرض ، وبقي ما في القميص على رقبته وأكتافه ، فهرب مستحيياً وما عاد بعدها 382 - قال رجلٌ لرجلٍ : قد جرحني المزين في رقبتي ؛ فقالت امرأة : هذا حتى لا يتمرمر تعني أنّه كذا يصنع بالقرع الباب الثالث فيما ذكر عن الصبيان من ذلك 383 - قال الزبير بن بكارٍ : كان ابن الزبير يلعب مع الصبيان وهو صبي ، فمر رجلٌ فصاح عليهم ، ففروّا ، ومشى ابن الزبير القهقرى ، وقال : يا صبيان ! اجعلوني أميركم ؛ وشدوا عليه 384 - ومرّ به عمر بن الخطّاب وهو يلعب مع الصبيان ، ففرّوا ووقف ، فقال له : مالك لم تفرّ مع أصحابك ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! لم أجرم فأخاف ، ولم يكن الطريق ضيّقة فأوسع عليك 385 - قال علي ابن المديني : خرج سفيان بن عيينة إلى أصحاب الحديث وهو ضجرٌ ، فقال : أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيدٍ ، وجالس ضمرة أبا سعيد الخدريّ ؛ وجالست عمرو بن دينارٍ ، وجالس جابر بن عبد الله ؛ وجالست عبدالله بن دينارٍ ، وجالس ابن عمر ؛ وجالست الزهري ، وجالس أنس بن مالكٍ ؛ حتى عدّ جماعة ، ثم أنا أجالسكم ! فقال له حدثٌ في المجلس : انتصف يا أبا محمدٍ ! قال : إن شاء الله ؛ قال : والله لشقاء من جالس أصحاب رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بك أشدّ من شقائك بنا ؛ فأطرق وتمثّل بشعر أبي نواسٍ : ( خل جنبيك لرام ** وامض عنه بسلام مت بداء الصمت خيرٌ ** لك من داء الكلام ) فسأل : من الحدث ؟ قالوا : يحيى بن أكثم ؛ فقال سفيان : هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء يعني : السلاطين 386 - قال أبو عاصم النبيل : رأيت أبا حنيفة في المسجد الحرام يفتي وقد اجتمع النّاس عليه ، وآذوه ، فقال : ما ههنا أحدٌ يأتينا بشرطيّ ؟ فقلت : يا أبا حنيفة ! تريد شرطياً ؟ ! قال : نعم ! فقلت : اقرأ عليّ هذه الأحاديث التي معي ؛ فقرأها ، فقمت عنه ، ووقفت بحذائه ، فقال لي : أين الشرطيّ ؟ فقلت له : إنّما قلت : تريد ، لم أقل لك : أجيء به ؛ فقال : انظروا ! أنا أحتال للنّاس منذ كذا وكذا ، وقد احتال عليّ هذا الصبّي 387 - قال ثمامة : دخلت إلى صديق أعوده ، وتركت حماري على الباب ، ولم يكن معي غلامٌ يحفظه ، ثمّ خرجت ، وإذا فوقه صبيّ ، فقلت : أركبت حماري بغير إذني ؟ ! قال : خفت أن يذهب فحفظته لك ؛ قلت : لو ذهب كان أحب لي من بقائه ؛ قال : إن كان هذا رأيك فيه ، فاعمل على أنّه قد ذهب وهبه لي واربح شكري ؛ فلم أدر ما أقول 388 - قال الأصمعي : قال رجلٌ من أهل الشّام : قدمت المدينة ؛ فقصدت منزل إبراهيم ابن هرمة ، فإذا بنتٌ له صغيرةٌ تلعب بالطين ، فقلت لها : ما فعل أبوك ؟ قالت : وفد إلى بعض الأجواد ، فما لنا منه علمٌ منذ مدةٍ ؛ فقلت : انحري لنا ناقةً ، فإنّا أضيافك ؛ قالت : والله ما عندنا ، قلت : فشاةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فدجاجةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فأعطنا بيضةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فباطلٌ ما قال أبوك : ( كم ناقةٍ قد وجأت منحرها ** بمستهل الشؤبوب أو جمل ) قالت : فذاك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى ليس عندنا شيءٌ 389 - قال بشرٌ الحافي : أتيت باب المعافى بن عمران ، فدققت الباب ، فقيل لي : من ؟ فقلت : بشرٌ الحافيٌ ؛ فقالت لي بنية من داخل الدار : لو اشتريت نعلاً بدانقين ذهب عنك اسم الحافي 390 - قال الأصمعي : بينا أنا في بعض البوادي ، إذا أنا بصبي - أو قال : صبيةٍ - معه قربةٌ قد غلبته ، فيها ماءٌ ، وهو ينادي : يا أبةِ أدرك فاها ، غلبني فوها ، لا طاقة لي بفيها ؛ قال : فوالله قد جمع العربية في ثلاث 391 - قال الأصمعي : وقلت لغلامٍ حدثٍ من أولاد العرب : أيسرّك أن يكون لك مئة ألف درهم وأنّك أحمقٌ ؟ قال : لا ، والله ؛ قلت : لم ؟ قال : أخاف أن يجني عليّ حمقي جنايةً تذهب مالي وتبقي عليّ حمقي 392 - لقي صبي رجلاً غافلاً ، فقال له الصبي : إلى أين تمضي ؟ فقال : إلى المطبق ، فقال : أوسع خطواتك 393 - ركب المعتصم إلى خاقان يعوده ، والفتح صبي يومئذٍ ، فقال له المعتصم : أيّما أحسن : دار أمير المؤمنين أو دار أبيك ؟ فقال : إذا كان أمير المؤمنين في دار أبي ، فدار أبي أحسن ؛ وأراه فصّاً في يده ، فقال : رأيت يا فتح أحسن من هذا الفصّ ؟ فقال : نعم ! اليد التي هو فيها 394 - ذبح رجلٌ بخيلٌ دجاجةً ، فدعاه صديقٌ له ، فأمر بالدّجاجة فرفعت ، وبات عند صديقه ، فلمّا جاء دعا بالدّجاجة ، فإذا هي منزوعة الفخذ ، فقال : من هذا الذي تعاطى فعقر ؟ فامتنعوا أن يخبروه ، فقال لقهرمانه : اقطع خبزهم ونفقاتهم ؛ فوثب غليمّ له صغير ، وقال : ! ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) ! [ 7 سورة الأعراف / الآية : 155 ] فردّ عليهم خبزهم 395 - قعد صبيّ مع قومٍ يأكلون ، فجعل يبكي ، فقالوا : ما لك ؟ قال : الطعام حارُّ ، قالوا : فدعه حتى يبرد ، فقال : أنتم ما تدعونه سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسس كتاب : الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة المؤلف : محمد بن عبد الملك بن مالك الطائي الجياني الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة للإمام العلامة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطيائي الجياني بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وأله وسلم هذا كتاب الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة للشيخ جمال الدين محمد بن مالك الطائي الجياني رحمه الله تعالى قال أعلم أن الأدب اسم يشتمل على كثير من العلوم فأقربها وأدناها وأدأبها عليه وأولاها بالتقدم فيه الاتساع في علم المنطق بأفصح لسان وأبلغ بيان فمن الاتساع في ذلك أن يتصرف الأديب في ألفاظه ومكاتبته ومراسلته ومناجاته من غير تكرير للأسماء والصفات إذا كان المعنى واحدا وقدمت الفوارد ثم المركبات من الفوارد وهي الشوارد فقف عليه تحمد عاقبته إن شاء الله تعالى باب الهبات وصلته ورفدته وحبوته وأجديته وأعطيته ورضخته وأوليته وأصفدته ونولته ونفلته ورشته وسوغته وأثبته وأسديت اليه ونحلته وأسعفته وأطلبت إليه وأزللت إليه وأجدى عليه وأسدى اليه ورغب له باب القليل نزر حقير خسيس قليل وتح تافه يسير شقن نكد بخس زمر جحد ثمد باب الغم غمني وأقلقني وساءني وأحزنني وكربني وكرثني وبهظني وأعظمني وأكمدني وهدني وضعفني وأوهنني وتخونني وولهني وفجعني وتكادني والمني واوجعني وغالني وهالني ونكأني وشجاني ونابني ونكبنى وأوجمني وأخرعني ولاعني ولعجني ونهدني واضناني وقدحني وأهلعني وآسفني ومضني وأمضني وأرمضني وأمرضني باب الفقر اعوز وأقتر وترب وأرمل وانفد واختل وارزح واكدى احرف وقنع واحجن وازهد وامعر اصرم ووأملق وأدقع وأعسر وأترب ومنه العضاضة والمسكنة والعسرة والخصاصة والبؤس والفاقة والمخمصة والبذاذة باب الغنى الجدة والسعة والتؤدة والميسرة والمال واليسار والرفد والنشب والرياش والاكثار والجد والغنية والوفر والصفد باب الفرح السرور والحبور والجذل والغبطة البهج والارتياح والاستبشار والاغتباط باب الشتم ثلبة وسبه وهجنه وتنقصه وعابه واسمعه ووقمه وقذفه وقرفه وجبهه ومزقه وقذعه ولحاه ومصح عرضه باب الصلف الزهو والكبر والتيه والتطاول والبذخ والشمخ باب المدح 2 - مدحه وقرظه وأطراه وزكاه وأبنه ومجده التأبين مدح الناس باب العيب العار والشنار والضيم والصغار والشين والمنقصة والشنة والوكف والذم والخزاية والإزراء والمخزاة والسوءة والابة والجنف والمجنة والوصم باب الملجأة حصني وملجئي وملاذي وموئلي ومعقلي ومعادي ووزري وكهفي ومقصدي ومعتمدي ومعتصري وحرزي ومعتصمي وصيصي وملتحدي ومنجاي ومحيصي ومآلي وكنفي باب الصلف أيضا النخوة والصلف والعجب والبغي والخيلاء والتجبر والابهة والاختيال والاستطالة والتغطرس والكبرياء والجبرية والطيش والعنجهية باب الذل ذل وخشع واستكان وخضع واستخذى وضرع واتقى وتطأمن واتضع وبخع وخنع وامتهن واستسلم وعنا وقنب باب القصد أمه وقصده وصمده وانتابه وانتحاه وتعمده وجشمه وتوخاه وتحراه واعتفاه واجتداه واختبطه باب التنحي عدل ومال وتنحى وحاد وحاص وعند وانحرف وضلع وصدف وحاف وزاغ وإعتزال وأماط وصاف وانفك وزال وتنكب وعرج باب الكذب المين والزور والتخرص والإفك والباطل والخطل والعند والتزيد واللغو والانتحال والولع والبهت وفجر ووكع باب الطبع غريزتي وخليقتي وضريبتي ونحيزتي وسليقتي وخيمي وشيمتي ونحيتتي وشمائلي وسجيتي وجبلتي وخلقتي ودربتي وبنيتي وعادتي وشنشنتي وديدني وإجرياي باب البعد بعدت وشطت وشطنت ونزحت واقصت وقذفت وسحقت وشحطت وغربت وشسعت وناءت وتراخت وشطرت ونزحت باب الدنو 2 دنت وقربت ولصقت واسعفت واقتربت وأزلفت وازدلفت ومنه امم وكثب وصقب وقرب وزلفى باب الغلبة إستيلاؤه واحتواؤه وغلبته واشتماله واعتلاؤه والتحافه واستحواذه واعتراؤه واحتياره باب الإظهار أبدى وأظهر وأعلن وأجهر وأشاع وأذاع وكشف وأبرز وبث وأنار وأسفر وأوضح وباح به وأفاض ونم بسره وقشره وخفاه ونشره وأفشاه باب الكتمان أخفى وأسر وجن وضن وطوى وابطن واضمر وكتم وأغضى وأكن وستر وغطى باب الرخاء الرخاء والنضارة والرفاهية والبلهنية والسلوة والدعة والخفض والغضارة والنعيم والرغد والرفاعة والخصب والراحة والريف باب العشب الحيا معقصور والمطر والمرتع والغدق باب الشدة أجدبوا وامحلوا واسنتوا واسغبوا واقحموا وأرملوا وأجحفوا باب الخصومة خاصمه ونازعه وجادله ونازله وناهضه ونابذه وناقفه وناجزه وناوشه وناضله وقارعه وصاوله وناصبه وعانده وشارده وشاغبه وباسله وهارشه وكافحه وقاومه وغالبه وساوره وجاوله وقاوله ونافسه وناقشه باب المجلس المحفل والنادي والمجمع والمشهد والنذي والموسم باب التوبة ثاب ونزع وأقلع واقصر وانهى وانثنى وأناب وارعوى وأأنزجر وفاء ورجع وارتدع وكف وامسك واحجم وكع وصرف باب الخوف الوجل والذعر والروع والفزع والخشية والرهب والفرق والهيبة والوهل والرجاء والاشفاق والحذر باب تتابع الشيء به ترادفت وتواصلت وتتابعت وتوالت وتواترت وتعاقبت واستدرت وألحت وعلقت واتسقت وانتظمت وتكاثفت وترامت باب الماضي خلا وفرط وتقضى وتصرم وتسلى وصدر وجاز ومضى وانطلق وسار وباد وبعد باب العلامة في الشيء علامات وأمارات وسمات ودلائل وشواهد وبراهين ومخايل وآثار ومنار وأشراط وندوب باب الضياء يلمع ويشرق ويسطع ويتألق ويبض ويتوهج ويمض ويلوح باب الاصل العنصر والمحتد والمغرس والنصاب والمنتضى والارومة والسنخ والضئضئى والاصر والجذم والنجار والكرس باب الولوع أولع به وذرى به وغري به ولهج به ودرب به واستهتر به وشغف به وألفه باب النهي 2 - نهيته وصددته وصرفته وزجرته وكففته ومنعته وفطمته وقذعته وكبحته وحكمته ومنه سمي الحاكم لانه يمنع الظالم عن الظلم وشكمته وردعته ورثته ودفعته ورددته ووزعته ونهنهته ولصته ونزعته وأمطته باب التام كامل وزائد وتام ووفر وجم وابح ومجرم باب القطيعة القطيعة والمصارمة والمجانية والمباينة والمباعدة والمشاحنة والمهاجرة ووالهجران باب التثبت التؤدة والاناة والسكينة والسمت والوقار والهدوء والركانة والرزانة والرفق والرسل والهيبة والإطراق باب ابتداء الشيء ابتدعته واخترعته وافتعلته وافتريته واقتويته وابتدأته وأنشأته وفطرته واختلقته باب الاصناف فن ونوع وصنف وجنس وضرب ونحو ولون باب الزوال زالت الشمس ودلكت وزاغت وفاء الفيئ وأظهر النهار وصام النهار وقام واعتدل وانتقل الظل باب حوادث الدهر صروف وحوادث وطوارق ونوب وملمات ونوازل وبوائق وخطوب وعوادي ومصائب وموانع ومكائد وكلب الزمان وجوامح وعدواؤه وأطواره وأفاويفه وتداوله ومراره باب الورود أورد وأوصل وساق وأدى وأنبأ باب الاخبار بلغ وخبر وابان ونبأ ووقع لي رس من خبر وطرف وشطر باب السيلان وكفت وهمعت وذرفت وسكبت وسحت وهطلت ودرت وسربت وارفضت وهملت وانهملت وهراقت وأراقت وفاضت وغربت وهتنت ودفقت وصابت ونبعث ونبعقت باب التغمد التغمد والعفو والصفح والاقالة والتغابي والغفران والبقيا والتجاوز والتجافي والتغاضي والعتى باب التهيؤ تأهب وتهيأ وتعبأ واحتشد واستعد وأعد باب قلة المبالاة لم أحفل به ولم أبال به ولم أعبأ به ولم أكترث له ولم أعج به ولم أغمض له باب الاعانة شد على يده وأعانه وأجاره وايده وهو في حومته ورمى من ورائه ورأمه ورافده وامرنه وأغاثه وعاونه وعانه وعاضده وكانفه وآزره وناصره وأعمده ونصره وقابله وظافره وظاهرة وضالعه ومالأه باب الاضطرار الى صنيع الشيء حملني واحوجني وحداني وبعثني وحضني وحثني وحرضني وهرني ونهرني وألجأني وأجاءني واضطرني باب الغبار الغبار والرهج والعجاج والنقع والهبوة والعثان والمور والعثير والقسطل والسافياء والعكوب باب الجماعة حزب وطائفة وفرقة وعصبة ورهط وفئام وأحزاب وكردوس وفوج وثلة وجماعة وملأ وزمر وكتيبة وفيلق ونفر وزرافات وخميس وجيش وشرذمة باب القطع قطع وصرم وحز وخبر وجذم وجزع وبت وبتل وفصل وجذ وجدع وصلم وقصل واستأصل باب الخدع خدعة واستفزه وأغواه واستمزله وفتنه وغره ودساه باب المعبر والمترجم والمفسر والمعرب والمفصح والمبين والشارح باب الالتباس استعجم وتلبس وجبن وراث واكتن واغب باب الريب لا ريب ولا شك ولا مرية ولا خلاج ولا تجمجم ولا شبهة باب رحيب رحيب فسيح رحيب واسع سابغ رحب رحاب باب معاد معاد مكرر مردد مثنى معقب باب السكوت الصمت والارمام والبجوم باب الصبر العزاء السلوة التأسي اليأس التسلي باب وقته وعصره ودهره وميقاته وحينه وأوانه وإبانه وزمانه باب معدنه معدنه ومكانه ومأواه ومستقره ووكره ومسكنه ووطنه ومثواه ومجثمة وأفحوصه ومولده ومنشؤه ومغناه ومربطه باب رجع وعطف وعاد وكر وآب وأقبل وانصرف وعاج وأل وأصور وقفل وحار وفاء وأناب وأثاب وانكفأ وانفتل باب خلصته وأنقذته ونجيته ونعشته وتخلصته باب رفع الشأن نوه باسمه وأنهضه وأشهر اسمه ورفع ذكره وأشاد بذكره ورفع خسيسته باب لم يكن ولم يتهيأ ولم يتيسر وتعذر وتعسر وامتنع وصعب باب المباراة يوازيه ويساويه ويحاذية ويبارية ويساميه ويساجله ويضارعه ويباهيه ويكافيه وينافره باب الغشيان والزيارة والالمام والطروق والانتياب باب العياجة والرباعة والتعريج والمقام والتلبث والتمكن باب عاقبة الامر مقضي الامر وقصاراه ومرده ومأبه ومرجعه ومآله وعقبانه وعقيبته وخاتمه باب العقبى توابعه ورواجعه وعواطفه ووباله وتبعاته وعوائده وروادفه باب الحلول في المكان نزل وحط ورضي وثبت ورسخ ورصن وترصص بمكانه وحل وأناخ وبرك وأقام وألقى عصاه ورمى بجرانه وألقى مراسيه وخيم باب الغلبة أجبرته وأكرهته وقسرته وغلبته وقهرته عنوة صاغرا باب الاضطرام أضرم وأورى وسعر وأوقد وشب وألهب وأجج وسجر وأذكى وأشمل وذكى وحش وأحدم وأسعر وأجحم باب الظلمة السواد والظلمة والسدفة والحندس والليل الادهم والغرب والحالك والغيهب والغربيب باب الكلام والجراحات والقروح والهزوم في الرأس باب الاستغاثة 1 استجاره واستصرخه واستنجده واستشاره واستجاشه ولهف عليه وجزع اليه واستظهر به واستوحش اليه باب اطراح الشيء هجره وألغاه واطرحه وجفاه ورفضه باب الاختطاف خطفه واختلسه واخترمه واختلجه وانتهزه باب الظن ظننت وحسبت وخلت وتوهمت وألقي في روعي وجرى بخلدي باب الاساس الاساس والقواعد والوطائد والاركان والدعائم والعوامل باب المخالطة شابهم وخالطهم ومازجهم وحالفهم وماشجهم وساطهم باس العزلة جانبهم وزايلهم وفارقهم وبات منهم وانفتل عنهم باب في الشفاعة والوسيلة 1 الحظوة والزلفة والقربى والاصرة والاخية والذريعة والوسيلة والوصلة باب الغش غش وغلول وخيانة ومداهنة ودغل وإدغال وتمويه ومخرقه وإدهان باب الأسر اسره واعتقاه واعتاقه وارتبعه وارتبطه ونيطه باب الاضطلاع ناهض مضطلع مستقل قوم مطيق باب النكوص والارتداد انتكث وارتد وانتكس وانتقض باب الموت مات وفات وفطس ورهق وتلف وهلك وباد وفاد وفاظت نفسه وقضى نحبه ودعي فأجاب باب المهزول والضامر نحيف نحيل ضئيل مهزول نضو ناحل منهوك معروق العظام غث أعجف باب النقصان ناقص متحرج أوقص مجهض خداج خديج باب التهدد صال وأرعد وابرق وهول وسطا وأوعد وبرق ورعد باب الحلال مباح مرخص مطلق طلق باب الشرح بينه واوضحه وشرحه ونوره باب الاعضاء الاعضاء والجوارح والاراب والاحشاء والجوانح باب الحرام محصور ممنوع محجور بسل باب الذنب الزلة والجرم والعرة والجناية والخطأ والذنب والهفوة والسقطة والفلتة باب الاقرار مقر مذعن معترف باب الخسة والضعة وغد دنيئ حيس نكس نذل مهين وسط نغل مولج ملصق غبي أوباش ساقط خامل زنيم مشوب مأشوب لئيم راضع كز نزر خسيس باب الحرص حريص جشع طمع شره رتع باب الحذر والخوف يحذره ويتقيه ويخافه ويشفق منه وينقبض عنه ويتوقاه ويتحاماه ويتجنبه ويخشاه ويرهبه ويفرق منه ويتهيبه ويهابه باب الطلب والنية همي ومنيتي وطلبتي وقصاراي ومقصدي ومنتجعي ومستماحي ومطلبي وجاري وأملي ومرادي ومحبتي وإرادتي وسوتي ونعمتي ومناي باب الرائحة الطيبة الارج والريا والنشر والذفر والينم باب الرخاء الرغادة والجدة باب في شراسة الخلق الشكاسة والشراسة والجراءة والشناءة باب الطرد والنفي طرده وشرده وشله ونبذه ورذله ونفاه وجشأه وأقصاه وبهله وأسحقه وأبعده واشقذه باب البشاشة البشاشة والطلاقة والدحاثة واللباقة والظرافة والهشاشة واللطافة والبشر ولين الجانب والتهلل وخفة الروح والحلاوة باب الاشراف اشفى وأشرف وأوفى وأرمى وأربى باب الحب محب وامق مخلص مماثل مصف ودود باب الحقد والبغضة العداوة والشحناء والشنآن والبغضاء والقلى والضغن والغمر والوغر والوغم والوحر والحقد والحسيكة والنائرة والسخيمة باب إثمار الشجر والنبات أينع الثمر وأدرك وأجنى وينع ونضج وطاب وأزهى باب البرء أفرق من مرضه وبل وأبل وبرأ وشفي وعوفي ونقه وسلم وأقبل من علته باب الخلقان من الثياب خلق الثوب وأخلق وأسمل وسمل وبلي وانبت وانقد وانخرق وتعذر ونام باب السريع خفيف سريع زفيف مهطع موفض باب الاسراع في السير نسنس وأحذ السير واحمس وأوشك وأوغل وأسرع وأخذ وهو مغذ باب السكون ساكر وساج وهادئ باب الرؤية آنست وابصرت ورأيت وتبصرت وتنورت باب الجدارة والاستحقاق استوجب واستحق واستأهل باب الاكبار ترقى واسبطر وتنمى وتراقى وتفاقم باب الجور حاف وجنف وضلع وماط وأسط وجار باب العبوس عبس وكلح وكشر وقطب وبسل وبسر وكره وتجهم واقمطر واكفهر باب الهزال الضامر واللاحق واللاحب والاخمص والاهيف والاهضم والطاوي والمدمج والنضو والساهم والمقلص والمخصر والمقور والشاحب باب العالي المرتفع والعالي والشاهق والشامخ والمشرف والباذخ واليافع والمنيف والباسق والمسلجم باب نهاية الشئ غورة وكنهه ونهايته وحده ومداه وقصاراه وانتهاؤه باب الحنان والشفقة رقتك ورحمتك ورأفتك وتحننك وإحسانك وإشفاقك وحدبك وحنوك وعطفك وترهيفك ورفرفتك ورفقك ومنك ولطفك وصفحك باب الحسن حسن مليح وسيم جميل وضيئ بهي نضير رائق مونق بهيج قسيم صبيح رائع باب كفر النعمة غمض النعمة وكفرها وجحدها وكندها وأنكرها وأخفاها وأمات ذكرها وكتمها باب الذلة والصغار قمعته واقمأته وأذللته وأسجيته باب الذكاء والفطنة لقن ووعي ونطس وزكن وذهن وندس باب الميل الصعر والميل والصيد والحنف باب الاعتزال باعده وباينه وخالفه وزايله واعتزله وانفصل عنه وفارقه باب الموافقة على الامر وافقه وحالفه وصافاه وخالطه واختلط به وأعجبه ووقع بقلبه باب السيادة نجب الرجال وعيونهم وأعلامهم ونجومهم وجلتهم وأعظمهم وعميدهم وقريعهم ومن أفاضلهم وخيرتهم وزعيمهم وأئمتهم وقادتهم وبسلهم وأبطالهم ومذكورهم باب هيجان الفتنة ثور الشر وأثاره وأوقد ناره ولظاها وهيجه وهاجه وأيقظه باب المنزل الدار والمحلة والمربع والموطن باب النعمة النعمة والصنيعة والعارفة والايادي والمنن والبلاء والالاء باب الفضل عمهم وغمرهم ومنه العوارف والمقدمات والطول والتطول والتفضل والإفضال باب الميل قرض واسند وأمال وأحال عليه باب القناعة قنع واقتصر واقتصد واكتفى واجتزأ باب المفاوضة تقدمت إليه وقلت له وأوصيته وفاوضته وألقيت اليه وأنهيت إليه وقضيت اليه ونقطت له وبينت له ومثله شافهته وخاطبتة وفاوضته وذاكرته ونازلته وواجهته وصرحت له وفاوهته باب التصريح نطق قال افاض صرح بين اوضح كشف باب الايماء غيب عن الامر إذا لم يبالغ فيه وعرض به وأشار اليه وأومأ نحوه واحال به وجمجم به وكنى عنه وورى عنه باب الانكشاف ترك الخداع وكشف القناع وصرح محضه عن رعونة ومنه أيضا أنارت الشبهة واسفرت الظلمة وانكشف الغطاء وزال الارتياب ووضح الحق وحصحص الحق وبان اليقين وثبت النصح ووضح النهار واستقامت السبل واستوى المسلك باب إدراك الوطر سهل المطلب وأسر المرام وأنجحت الطلبة والمأربة والإربة والارب باب الجد جهد في الامر واجتهد واجرهد في وجهته ورأب وجمع جراميزه وتشمر باب الصداقة محضني وده واصطفاني وأخلص لي وابسه وصدقني خالصه وأعطاه صفوته ونقاوته وخلاصته وخلصانه باب الخلط لبن مذيق وصديق مماذق ولبن سجاج أي مفرط المذق وقد سجج لي مودته باب الخبر أنبأ وخبر وتاب إلى نبأ وهينمة وهنية وبلغني وأنابني وأتاني وورد علي واتصل بي وأثاب إلي وفجأني وبغتني وطرقني ليلا باب تجديد العهد تطرية الوجه وتسلية القلب واكتحال العين وفرج الهم وبلوغ المنى ومنه ألممت به وسكنت اليه وأويت اليه باب كفاف العيش يكفيه المؤونة ويقيمه ويرجيه ويسعه وينهضه ويقيم أوده باب الخدم عبيد وخدم وخول باب الحث حرضني عليه وأغراني به وأودى بفلان وحضني باب العطش عطشان وناهل وظمآن وصاد وصديان وهيمان وحصر وصد باب طلوع الشمس طلعت الشمس وبزغب وذرت وشرقت وأنارت واشرقت وبرزت من حجابها باب غروب الشمس غربت ووجبت وغابت وأفلت وطفلت وجنحت وخفقت وغارت باب انتضاء السيف سل سيفه وانتضاه وشامه وجرده وشهره واخترطه وامتعطه باب أسماء الموت الموت والحتف والمنون وشعوب والسام والحمام والردى والحين والثكل والوفاة والهلاك باب القسم أقسمت وآليت وحلفت واليمين والقسم والايلاء والحلف والالية باب الاقامة قطن وعدن وأقام ولبث ووقف ووكد وتلبث وثوى ومكث وأخلد وتأرض وأرب وظل وحل وبلد ونجد وتحجى وتخيم وقر ودجن باب الافنية الاطراف والارجاء والجوانب والحواشي والاعراض والاكناف والنواحي والافناء والحدود والمناكب والارداء باب الاطناب أغرق واسهب وأطنب وأفرط وأعلى وأبلغ واشتط وامعن واسرف واعذر وتعدى وأجحف وأبعد وحاف وتمادى واعتدى وارهف واهتز باب الانتساب انتمى واعتزى وانتسب وادعى وتنحل وانتحل باب الأواخر توال وأخر وأعجاز وأرداف وتأخير باب الدثور درس وطمس وأقوى وخوى وجوى واقفر وعفا ومح باب قمة الجبل أعلاه وذروته وسماوته وفرعه وقلعته وذؤابته وشرفه وشعفته وقمته باب المرض مريض عليل سقيم دنف وجع منهوك عميد وصب وقيذ مدنف باب الملالة كرهته وسئمته ومللته وعفته ومذلته واجتويته وهررته وعجت منه باب العين طرفي ناظري بصري مقلتي عيني حدقتي باب المشاكلة شكله ومثله وقرنه ونظيره وشبيهه وجدته وتربه وصنوه وكفؤه وعديله وضريبه باب التغير تغير وحال وتنكر وتبدل وشحب وكسف ولاجه باب الايجاز اقتصر واختصر واقتصد وأوجز وأقل باب القبر القبر واللحد والرمس والضريح والبرزخ والحافرة والشق باب القرابة شيعتي وانصاري واهلي وخاصتي ولحمتي واسرتي وعشيرتي ورهطي وعترتي وقومي ورحمي وقرابتي ونفري ونسلي ومعشري وحزبي وبطانتي وحاشيتي باب الغضب غضب وتلظى واغتاظ وتزغم واستشاط وتضرم وحنق واسف ونقم وسخط ووجد وأحفظ واضم باب الشوق نزع وقرم وصب وتائق ومشوق ومتطلع ومشرئب باب اللوم لمته وعذلته وفندته وقرعته وأنبته وعاتبته وعنفته ولحيته باب الجدير حري حقيق خليق جدير قمن حظي حجي مخيل باب الفحص فحص ونقب وفتش وبحث وتصفح وفلا ونقر واستبرى وتدبر وأملى باب المكافأة والجزاء جازيته وقابلته وكافأته وقابسته وقاصصته وقانعته وشكمته باب العوائق حواجز وموانع وحوائل وعوائق وعوارض وعواد وشواغل وصواد وصوارف باب العهد والميثاق العهد والميثاق والإل والذمة والعقد والامان والحرمة والبلاء والحلف باب طلب الامر حاول ورام والتمس وابتغى وارتاد وراود وطلب وتمحل واستدعى وادعى وزاول وبغى باب خلاصة الشيء المصاص والمحض والخالص واللباب والصريح والهجان والحر والصليبة باب الشجاعة الشجاع والبطل والنجيد والمغمر باب الشجاعة البهمة والمقدام والاحمس والرجوس والمغوار والباسل والمجرب باب التقصير قصر وفتر وفرط وسها وغضى واهمل وهفا ولها عنه وونى واضاع باب اللحق والادراك والرجوع تدارك وتلاحق وراجع وعاد وفاء وآب ورجع وأناب وأعقب وعقب باب اختيار الشيء اخترته واجتبيته وانتخبته وانتخلته واستخلصته واعتممته وانتقدته واختصصته وانتزيته انتيازا باب الذريعة وسيلة وذريعة وماتة وسبب وحرمة وصلة وسلم باب الخطار بالنفس أقحم وتردى وتورط وانتظم وانهمك وانهجم وأخطر وركب الغرر باب الشرح شرحت ووصفت وكشفت وبينت وبرهنت وأعربت باب السخاء ما أمجد أخلاقه وأفشى معروفه واصفى نوافله واندى أنامله واوسع بلده وأرحب ذرعه وأبسط كفه وأكثر صنائعه وأهنأ فواضله وأفسح سربه وأرحب عطنه وأوطأ كنفه وأسمح كفه وأكرم طباعة وأوسع صدره وأطول باعه باب لا أفعل ذلك أبدا ماحج الحجيج وأورق الشجر وأخضر عود وغردت قمرية وماعن وسرى نجم وزخريم وبل البحر صوفه وخالفت جرة درة ولا أفعل ذاك ما ذر شارق وفاه ناطق ونعق غراب ناعق واختلف العصران ودام الجديدان ودام الملوان باب الدفن أجن في حفرته ووسد في لحده واكن في ضريحه وغيب في رمسه وثوى في حافرته وملحوده وعاد كما بدأ باب الفتنة والنكوص اضرم البلاد نارا وأورى زناد الحرب وألقح الحرب وسعر الفتنة وأثار النقع وانتضى سيف الفتنة وغمس يده في السدة ودق عطر منشم وجمع قطرية وأمكن عدوه من نحره وعرض نفسه للصيلم وامكن عدوه من ناحية ومنح كتفه وولى ظهره ونكص على عقبيه ورجع القهقرى ونكل وحام وانقمع وذل وقهر وقم باب الرجاء والامل عابر خير يرجى وجزيل حظ يؤمل ومنتهى غنم يدرك باب الدعاء بالشر كشف الله بهجتك وأوهن كيدك واستأصل شأفتك وقطع نظامك وأطفأ جمرتك وأمكن من ناصيتك وجعل دائرة السوء عليك ومحق ذكره وقطع أثره وأضرع خده واتعس جده واراق دمه وتركه جزرا للسباع وأباد الله خضراءه وهد الله ركنه وفت في عضده وقطع دابره وخفض رايته وأسكت نأمته باب الخلوص من الشوائب صافية من الاذى خالصة من الاذى وسليمة من المكارة باب غفر الزلة وإقالة العثرة اغتفرت الجرائم وتغمدت الهفوات وأصفح عن الزلات وأقيل العثرة وانهض من الصرعة ومن الكبوة والنبوة واعرض عنه وأغضي عن زلته باب تفاقم الامر بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين وبلغ منه المخنق وحلم الاديم وتعالى الامر باب الاعتذار اعتذر من ذنبه وتنصل من تقصيره واعترف بما اجترح واقترف وجرم وجنى وجر وجلب على نفسه وظلم نفسه وأجل على نفسه باب اعتياص الامر مركبا صعبا ومراما تعبا ومسلكا حزنا وطلبا معتاصا وعقبة كؤؤدا باب صعب المرام عزيز المطلب صعب المركب منيع الحمى وعر المرام بعيد من الاوهام غير ممكن على الادارة ولا مطموع فيه ولا موصول اليه ولا مظفور به ولا معروف مكانه ولا قصدت مذاهبه ولا سهل مرامه باب انقياد الامر سهل المرام قريب المتناول مباح الحمى مطلق طلق يسير هين ممكن غير متعذر باب المغالبة والمسابقة فارع ففرع وجوري فسبق وناجز فقصر ونابذ فقهر وقاوم فأوفى وفاضل ففضل وصاول فصال وصارع فصرع ونازع فأفلج وخاصم فخصم وأورد مع العير ونفر مع النفير باب النصيحة والخذلان ظاهر نصحه متصل بعبر دحضت حجته وخلت مقاليده وعير بأمره وفت في ذرعه وفت في عضده باب رفع الشأن منوها باسمه ورافعا لذكره وإشادة لمحله ووصفا لسجيته ورفعا من جاهه وتحديدا من قدره وتعظيما من خطره باب النزول حل بعقوتهم وأناخ بفنائهم وحط ساحتهم ونزل بدارهم وألم بقرارهم وطرقهم بوطنهم وفاجأهم في مستقرهم وهم بقرارهم وزاحمهم ببيضتهم ونزل بفنائهم هذا اخر الكتاب جميع الحقوق متاحة لجميع المسلمين
نزل تشريع الطلاق في سورتين علي مرحلتين متتابعتين تاريخيا 1. سورة البقرة في العام 1 أو 2هجري وتوابعه في سورة النساء والاحزاب وبعض المواضع المتفرقة بين سورة البقرة وسورة الطلاق { في الخمسة اعوام الاولي بعد الهجرة} وبيانات قاعدته في هذه المواضع التلفظ بالطلاق ثم الاعتداد استبراءا ثم التسريح. * 2.ثم نزل التشريع الاخير المحكم في العام 6 او7 هجري بتبترتيب تشريعي معكوس وبعلم الله الباري في سورة الطلاق في العامين السادس6. او السابع7. الهجري فؤمر كل من يريد التطليق عكس موضعي الطلاق بالعدة والعدة بالطلاق
تفسير الطبري سورة الكهف وما بعدها
فهرس تفسير الطبري للسور 18 - تفسير الطبري سورة الكهف تفسير سورة الكهف بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله عز ذكره : الْحَمْدُ لِلَّ...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
-
- سورة الطلاق واياتها 12. وتفسير جزئياتها تفصيلا سورة الطلاق واياتها 12 . 65- سورة الطلاق واياتها 12 مدنية نزلت العام السادس ا...
-
يمتنع مع لام القَبْلِ {تسمي ايضا لام الإبتداء} أن تسري دلالات الآيات التالية: بل تسري مع اللام بمعني بعد [وتسمي أيضا ل...
-
اللغة الموسوعة التاريخية الرئيسة الموسوعة التاريخية تنويه سَردٌ تاريخيٌّ مختصرٌ، مُجردٌ من التعليقِ والتحليل مُحاوَلةُ اليَهودِ تَسميمِ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق